التحول الديمقراطي

لم يكن اهتمام المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالأجندة البحثية المتعلقة بالثورات، عفو الخاطر، بل باعتبارها استراتيجية بشأن هذا الحدث الكاشف الفارق.

الحرب الدائرة في السودان اليوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ليست حربا بينهما فقط، بل هي أيضا حرب مطامع دولية وإقليمية للسيطرة على ثروات السودان الهائلة، والتحكّم في موقعه الجيوسياسي، وتوظيفهما لخدمة أجندتها في التنافس الدولي.

مع عملية طوفان الأقصى وردّ الفعل الغربي تجاهها، بدت القشرة الديمقراطية ومنظومة حقوق الانسان للغرب، التي يَدّعي الانطلاق منها في سياساته الخارجية أنّها لم تكن يوماً إلّا أداة لإخفاء طبيعته الطبقية والعنصرية إزاء العالم.

البنية القبلية والإثنية للمجتمعات المحلية، واحتدام الصراع على السلطة، وضعف المعارضة والمجتمع المدني… عوامل كشفت أن حلّ أزمة الدولة الوطنية في أفريقيا لا يكمن في إقامة ديموقراطياتٍ شكلية، بقدر ما يكمن في إعادة بناء الدولة من خلال عقد اجتماعي جديد.

تطلب الأحكام الخاصة بتفسير الحالة الأردنية ومواقف الأطراف من قانون الجرائم الإلكترونية تقسيماً يعتمد مبدأ العلم ودراسة سيكولوجيا النخب والجمهور، وتقييماً لكل حالات الغموض والحيرة أو التأييد أو الرفض للقانون من جانب، والمقايضات التي حصلت من جانب آخر.

يحتوي كتاب هوارد فيرادا "اتجاهات جديدة في السياسات المقارنة" على أبرز المقتربات المقترحة لدراسة الأنظمة السياسية، بخاصة التي تقع خارج إطار أوروبا والولايات المتحدة، ومنها المقاربة الكوروبوراتية، ومقاربة علاقة الدولة بالمجتمع.

ليست كلها ديكتاتورياتٍ مثل بعضها، وإلا علينا أن نغلق أقسام العلوم السياسية ونحرق كتب النظم السياسية، ونلعن منظّري موجات التحوّل الديمقراطي وواضعي مؤشّرات الديمقراطية فقط، كي نرضيك ونرضي رغبة الديكتاتورية العسكرية في أن تصبح أمرا معتادا ولا بديل له.

الحل الفعلي في تونس هو اقتناع الجميع بأن البلد للجميع، تسَع مختلف مواطناتها ومواطنيها، وأنها فضاء قادر على استيعاب كل التيارات والمرجعبات والإيديولوجيات، في إطار من الصراع الديمقراطي والنقاش الهادئ والحوار الوطني البنّاء، الذي لا بديل عنه.