استعداداً لحلول عيد الأضحى في تونس، تشتري ربات البيوت أواني جديدة ومستلزمات الشواء وكل ما يحتجنه لإعداد الأطباق المخصصة للعيد. إلا أن استعدادات هذا العام تشهد تراجعاً بسبب الغلاء، الذي شمل الأضاحي وتفاصيل أخرى. ووصل سعر الأضحية إلى حوالي 700 دولار، عدا عن أدوات الشواء والذبح ومستلزمات الطهو.
كانت الستينية عزيزة بن يوسف تتأمل أسعار بعض المنتجات التي دأبت على اقتنائها خلال هذه المناسبة من أواني الشواء ومستلزماته. سألت البائع عن سعر وعاء كبير لغسل الخضار. وحين أبلغها بأن السعر هو سبعة دولارات، تراجعت عن الشراء. وتقول لـ "العربي الجديد": "زوجي يعمل مقابل بدل أجر يومي ولدي ابنان عاطلان من العمل. وللأسف، ما ادخرناه يعد مبلغاً زهيداً بالمقارنة مع ارتفاع الأسعار"، مضيفة أنها ستكتفي بالأواني ومواد الشواء القديمة التي تملكها.
وتوضح أنها ولأول مرة، لا تشتري الأضحية في موعدها، علماً أن زوجها دأب على شرائها باكراً أي قبل حلول العيد بأسبوعين. لكن بسبب غلاء سعر الأضاحي هذا العام، اضطرت العائلة إلى تغيير عاداتها، آملة أن تنخفض الأسعار. وتؤكد أن العائلات التونسية، وخصوصاً أصحاب الدخل المحدود، تعاني في مثل هذه المناسبات لتأمين احتياجاتها بما يتلاءم مع ميزانيتها.
وتبين عزيزة أنه في يوم العيد، تعدّ الدوارة أي أحشاء الخروف مع الخضار، وهي عادة تونسية تحرص العائلات على الالتزام بها أول أيام العيد، بالإضافة إلى الكمونية التي تتألف من اللحم المقطع والكبدة، مشيرة إلى أنها تنشغل بالطبخ، فيما يتولى أولادها شواء لحم الخروف.
من جهتها، تقول سامية التي تبيع مستلزمات العيد من أواني الشواء ولوازمه، إن كثيرين يتأملون المنتجات المعروضة ولكن قلة يشترونها. فالظروف المعيشية قاسية على العديد من العائلات. وتشير إلى أنها تعمل بمساعدة ابنيها كونها من ذوات الإعاقة. وعلى الرغم من محاولتها تنويع مستلزمات العيد على أمل أن توفر هذه المناسبة بعض الدخل لأسرتها، إلا أنها فوجئت بضعف الإقبال.
بدورها، تقول الخمسينية منى بن صالح إن لعيد الأضحى نكهة خاصة. لذلك، تحرص على شراء الفحم للشواء ووضع البخور. وعادة ما تشتري الخضار قبل يوم أو يومين من حلول العيد كحد أقصى لتبقى طازجة. كما تحرص على إعداد سلطة الخضار المشوية التي تتضمن الفلفل والطماطم، مؤكدة أن التحضيرات قبل حلول العيد ضرورية. وتلفت إلى أنها اعتادت، ككل عام، طلاء جدران المطبخ وتجديد الأواني، مؤكدة أنه على الرغم من وجود بعض المستلزمات من العام الماضي، إلا أن التجديد ضروري.
أما الأربعينية سامية محمود، وهي أم لفتاتين، فتقول إن الأسعار ترتفع عاماً بعد عام، وقد فضلت شراء اللحوم بسبب ارتفاع أسعار الأضاحي. ولحسن حظها، فإن ابنتيها كبرتا ولا تكترثان للأضحية، إذ عادة ما يطالب الأطفال بشرائها للعب معها والتباهي بها أمام أصدقائهم. تتابع أن عدداً من ربات البيوت يلجأن إلى اقتناء اللحوم الجاهزة بسبب ارتفاع الأسعار التي تشمل ذبح الأضحية أيضاً، مؤكدة أنه ما من حلول أخرى للحفاظ على بعض العادات وإعداد الوجبات التقليدية، كالكسكسي ثاني أيام العيد.
ويوضح الثلاثيني زياد أن ما يختلف عن الأعوام السابقة هو نكهة العيد. فالعائلات لم تعد تجتمع كما في السابق. وكانت العائلات تقتني الأضاحي وتجمعها في بيت الأب أو الجد، وتتقاسم الأعباء والطهي في منزل العائلة. وأحياناً يكون هناك 4 أو 5 أضاح في بيت العائلة، موضحاً أن لمة العائلة تراجعت.
من جهتها، تقول الحاجة زهرة السبوعي (90 عاماً) إنها تحب عيد الأضحى ورؤية ولمس الخروف ورائحة البخور التي تفوح من منزلها صباح العيد والصلاة والأجواء الروحانية، مبينة أنه يمكن التغاضي عن الاحتفال ببعض المناسبات إلا عيد الأضحى. أما الأطباق التي دأبت على إعدادها بالإضافة إلى شواء اللحم الذي يتولاه في العادة الأبناء والأحفاد، الكسكسي. وتشير إلى أن أولادها يتناولون الكسكسي معاً. تضيف أن زوجها المتوفى كان حريصاً على جمع الأسرة خلال عيد الأضحى، ويطلب إعداد الكسكسي وقد أوصى بالحفاظ على هذه العادة بعد مماته. وتسترجع ذكريات العيد حين كان زوجها يشتري خروفاً كبيراً، مبينة أن لمة أيام زمان كان لها ميزة خاصة، وقد تراجعت كثيراً على الرغم من محاولات بعض الأسر الحفاظ عليها.
وإلى ذلك، يقول بائع الأضاحي عبد الله الفرشيشي، إن غلاء الأسعار يعود إلى نقص الأعلاف، مشيراً إلى أن أسعار الأضاحي تتراوح ما بين 200 دولار و500 دولار، مؤكداً أنه خلافاً للأعوام السابقة، فإن الإقبال تراجع. أما محمد، الذي يبيع الأضاحي بدوره، فيشير على غرار الفرشيشي إلى تراجع الإقبال على شراء الأضاحي في ظل الغلاء الذي طاول كل شيء، وأصبح الجميع متضرراً. ويبين أن التونسي ورغم كل شيء، يحرص على الاحتفال بالمناسبات الدينية من بينها عيد الأضحى وشراء الأضاحي على الرغم من الظروف الصعبة.