تزامن عيد الأضحى في سورية هذا العام مع امتحانات شهادتي الثانوية العامة والتعليم الأساسي التي انتهت قبل حلول العيد بيومين، في وقت أرجأت فيه الجامعات مواعيد الامتحانات لما بعد العيد، الأمر الذي أثر على استمتاع الطلاب وأهلهم بالعيد في ظل الضغط النفسي الناتج عن التحضير للامتحانات.
من جهة أخرى، ازدحمت أسواق المدن بالباعة المتجولين والبسطات والزبائن والأطفال والمتفرجين. وحرصت الأسواق على توفير الملابس والحلويات لذوي الدخل المحدود أو الفئة "الشعبية والفقيرة" التي تشكل الغالبية الساحقة من المواطنين، والأغنياء على غرار أسواق المالكي والشعلان وأبو رمانة في دمشق، والعزيزية في حلب، والشيخ ظاهر في اللاذقية، وطريق قنوات في السويداء.
وفي وقت يشكو فيه التجار من كثرة العرض وقلة الطلب، مشيرين إلى أن كثيرين يكتفون بالتفرج على المحلات والسؤال عن الأسعار، إلا أنه يمكن ملاحظة إقبال الناس على الشراء والازدحام.
كثيراً ما يردد الأهل أن العيد للأطفال، ويسعون إلى الحفاظ على طقوس العيد من أجل الأطفال، آملين أن تتحسن الظروف بعد سنوات من المعاناة عاشها السوريون في ظل الحرب. وتقول المعلمة لمياء بو حمزة، وهي من سكان مدينة قدسيا شرقي دمشق، لـ "العربي الجديد"، إنها وزوجها الموظف اقترضا مبلغ 1.8 مليون ليرة سورية (الدولار يساوي الدولار 8750 ليرة سورية) على أن يسدداه على مدى عامين، واستطاعا شراء ألبسة العيد لأطفالهم الثلاثة وبعض حلويات العيد ومستلزماته.
وفي اللاذقية، يؤكد التاجر غ. ت لـ "العربي الجديد" أنه يتنظر العيد لتعويض الركود الذي عاناه خلال الأشهر الماضية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه في كل عيد يترحم على ذلك الذي سبقه، إذ إن القدرة الشرائية تتراجع نتيجة الوضع المعيشي المتردي. وبالكاد تستطيع العائلات إكساء الأطفال بالحد الأدنى بسبب ارتفاع الأسعار. يضيف أن "سعر البلوزة أو البنطال أو الحذاء للطفل يتراوح ما بين 75 و100 ألف ليرة سورية. وعلى الرغم من المآسي التي يعاني منها السوريون، فإن معظمهم لا يزال يستعد لطقوس العيد ويحرص على التواصل مع الأصدقاء والأقارب". وتتميز الأرياف السورية في الاستعداد للعيد.
وتقول إحدى العاملات في جمعية "البر والخدمات الاجتماعية" في حمص، والتي فضلت عدم الكشف عن اسمها، لـ "العربي الجديد": "منذ أكثر من شهر، بدأت تتوافد إلى مقر الجمعية المساعدات لعيد الأضحى، وتنوعت ما بين مبالغ مادية وملابس للأطفال وأغذية معلبة مثل الزيت والسمنة والأرز وغيرها، واستطعنا خلال الأيام القليلة الماضية توزيع المساعدات على مئات المحتاجين".
أما مجموعة "الإنسانية تجمعنا" في السويداء، فقد وزعت قسائم مادية على المحتاجين استناداً إلى بيانات كانت قد أعدتها، ليشتروا بها ما يحتاجون إليه من حلويات وملابس أو لحوم من أماكن محددة.
وفي شمال شرق سورية، تقول السبعينية أمينة محمد: "سابقاً، كنا نعد أنواعاً مختلفة من الحلويات مثل الكليجة والكعك وغير ذلك. لكن في الوقت الحالي، وبسبب الظروف المعيشية القاسية، نعد الكليجة فقط وبكميات أقل، إذ يتوجب علينا شراء ملابس الأطفال وغير ذلك". وتصف الأسعار بـ "الخيالية وتفوق قدراتنا، ما يضطرنا إلى تقليل الكميات والاستغناء عن أنواع معينة من الشوكولاتة".
تضيف أن الناس كانت تشعر بالسعادة بقدوم العيد. أما الآن، فإنها تخشى حلول أي مناسبة بسبب الغلاء. "كانت الأسعار سابقاً تناسب غالبية شرائح المجتمع. أما الآن، فالوضع مختلف وجميع المواد باتت تباع بالدولار. ولم يعد الكبار يشترون الملابس الجديدة والعديد من اللوازم. لكن العيد بالنسبة للأطفال هو ملابس جديدة".
إلى ذلك، يقول أحمد المسعود المقيم في مخيمات أطمة شمال غرب سورية، إن هذا العيد يختلف تماماً عن العيد الماضي وذلك الذي سبقه، إذ ليس بمقدور الأهالي شراء أو إعداد الحلويات بسبب الوضع المعيشي الصعب. كان يفكر في أن يشتري أضحية خلال هذا العيد إلا أن ارتفاع الأسعار حال دون ذلك. يضيف أنه سيتخلى أيضاً عن شراء القهوة العربية المرة. يضيف: "على الرغم من كل الظروف التي نعيشها، يجلب العيد الفرح ويضفي أجواء من المحبة. صحيح أننا تخلينا عن أمور كثيرة، إلا أننا لم نتخل عن الفرح. حتى خلال القصف والنزوح والتهجير والعيش في المخيمات، لم نتخل عن فرحتنا بالعيد".
أما عمار السيد من سكان ريف حلب الشمالي، فيتحدّث لـ "العربي الجديد" عن التحضيرات للعيد، واصفاً إياها بالخجولة على الأقل بالنسبة لعائلته وأقاربه. والسبب هو غلاء الأسعار. "مع ذلك، اشتريت التمر وبعض الحلويات لكن بنصف الكمية التي اشتريتها العيد الماضي. لا أريد حرمان الأطفال من فرحة العيد. فمن دون حلويات، ما من رونق للعيد وإن كانت الكميات قليلة. تخلينا عن الحلويات العربية التي كنا نعدها قبل حلول العيد على غرار الكعك. وهذا حال معظم الأهالي. لا نزال نحرص على الحفاظ على عاداتنا".
من جهة أخرى، امتلأت معظم الفنادق الفخمة والشاليهات في اللاذقية وأعلنت معظمها عن وقف الحجوزات خلال فترة العيد. وتراوحت أسعار غرف الفنادق الفخمة التي تتضمن غرفة نوم وصالة المقابلة للبحر ما بين 700 و950 ألف ليرة لليلة الواحدة، فيما تجاوزت أسعار تلك التي تتألف من غرفتي نوم مع صالة المليون ليرة. أما أسعار الشاليهات، فتراوحت ما بين 300 و450 ألف ليرة لليلة الواحدة.
وذكر موقع "صاحبة الجلالة" المقرب من النظام أن شريحة من المواطنين قد حجزت معظم منتجعات وفنادق اللاذقية قبل أشهر من العيد. ووصل سعر كيلوغرام الحلويات الفاخرة إلى ربع مليون ليرة سورية فيما زاد سعر البنطال عن 900 ألف ليرة.