كان للانتفاضات والثورات الشعبية التي انطلقت في العديد من العواصم العربية وقع كبير على القضية الفلسطينية، وتراوحت تلك الأبعاد لهذه الثورات بين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مجالها الخاص.
تمثل الذكرى الثلاثين لانعقاد مؤتمر مدريد للسلام مناسبة ليست فقط للتذكير بدلالات الحدث الاستراتيجي وإنما بتواصل العملية نفسها في سياقيها الفلسطيني والعربي.
تحرير فلسطين كان يعني في الأدبيات الثورية هزيمة المشروع الصهيوني في المنطقة، باعتباره من أدوات الهيمنة الإمبريالية، بل وأكثرها وحشية. أي أن مهمة التحرير تستوجب تراكم ووحدة نضالات شعوب المنطقة في سياق النضال الأممي ضد كل أشكال العبودية والاضطهاد.
بعد 30 عاماً على عقد مؤتمر مدريد الذي استمر لمدة ثلاثة أيام من 30 أكتوبر/تشرين الأول إلى الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 1991، لم يجد المؤتمر من يحتفي به ويعيد تذكير العالم بنتائجه ووعوده.
عملية القدس الفدائية الأخيرة التي أدت إلى مقتل جندي إسرائيلي وإصابة مجموعة من المستوطنين والجنود، واستشهاد منفذها المقدسي فادي أبو شخيدم، أعادت قضية القدس للنقاش مجددا لأهميتها في الصراع الإسرائيلي العربي.
مناصرة ذلك الوعد لم تقتصر على القوى الاستعمارية في تلك الحقبة، لكن كان لمجموعات الضغط الصهيوني نفوذ قوي آخذ في التوسع ليس على مستوى الدول الكبرى، ولكن على الدول المستعمَرة وحكوماتها.
لم يغلق مخاض اللجوء الفلسطيني في لبنان فصول أزماته منذ 74 عاماً على النكبة، ولعلّ الأعوام الأربعة الأخيرة التي دقّت فيها طبول "صفقة القرن" والمتماهين مع إملاءاتها، فرضت على الفلسطينيين في كلّ مكان حصاراً أقلّ ما يمكن وصفه بمخاض مصير.
قد يصحّ القول إن سيرورة التنازلات الفلسطينية المؤذية، والرضوخ للشروط المجحفة بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، تمّ التقيد بها وتكبيل منظمة التحرير بالتزاماتها، انطلاقاً من مؤتمر مدريد للسلام.