تتجه مصر إلى خيارات عدة لمواجهة الأزمة المالية التي يمر بها الاقتصاد حاليا، والتي تتلخص في رفع سعر الفائدة وإصدار شهادات ادخار بفائدة عالية، وبيع أصول تملكها الدولة لمستثمرين محليين وأجانب، وأخيرا التوسع في الاقتراض الخارجي لمواجهة عجز الموازنة وسداد فوائد وأقساط قروض مستحقة.
وتوقع استطلاع أجرته وكالة "رويترز" أن يرفع البنك المركزي المصري سعر الفائدة للإيداع لليلة واحدة 175 نقطة أساس (1.75%) يوم الخميس، بعد رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي أسعار الفائدة وارتفاع أسعار واردات السلع الأساسية بسبب أزمة أوكرانيا.
وأشار متوسط التوقعات في استطلاع شمل 18 محللا إلى رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة على الودائع إلى 11 بالمئة في الاجتماع الدوري للجنة السياسة النقدية، وتوقعوا رفع فائدة الإقراض بمتوسط 200 نقطة أساس إلى 12.25 بالمئة.
ورفع البنك أسعار الفائدة 100 نقطة أساس في اجتماع مفاجئ في 21 مارس/ آذار، وأرجع ذلك إلى الضغوط التضخمية العالمية التي فاقمتها الحرب في أوكرانيا، وذلك بعد أن أبقاها دون تغيير 18 شهرا تقريبا. ونزل في نفس اليوم سعر صرف الجنيه أمام الدولار 14 بالمئة.
وقال محمد أبو باشا، من المجموعة المالية هيرميس، إن "قراءة التضخم الذي فاق التوقعات، بالإضافة إلى زيادة ميل مجلس الاحتياطي الاتحادي للتشديد، من المرجح أن تدفع البنك المركزي المصري لرفع أسعار الفائدة... يتجه التضخم لمزيد من التسارع في الأشهر المقبلة، ومن المرجح أن يتبنى الاحتياطي الاتحادي مزيدا من التشديد".
وتسارع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن بأكثر من المتوقع في أبريل/ نيسان إلى 13.1 بالمئة من 10.5 بالمئة، مدفوعا بارتفاع أسعار السلع الأساسية وتراجع العملة.
ونطاق التضخم الذي يستهدفه البنك المركزي يتراوح بين خمسة بالمئة وتسعة بالمئة.
وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني المواد التي تتقلب أسعارها، مثل الغذاء، إلى 11.9 بالمئة على أساس سنوي في أبريل/ نيسان من 10.1 بالمئة في مارس/ آذار.
وقال باسكال ديفو، من "بي.إن.بي باريبا"، إنه من المرجح أيضا أن يفضل البنك رفع أسعار الفائدة لـ"الحفاظ على جاذبية الأوراق المحلية للمستثمرين الأجانب".
وقالت مونيت دوس من "إتش.سي سكيوريتيز: "نعتقد أن تعاملات المناقلة (نقل الاعتماد المالي من مشروع لآخر) ضرورية في هذه المرحلة لدعم صافي الاحتياطيات الأجنبية لمصر، غير أنه سيكون من الصعب على مصر جذبها، بالنظر إلى موجات البيع المكثفة في الأسواق الناشئة من قبل المستثمرين الأجانب".
وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحافي أول من أمس الأحد، إن رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة وحرب أوكرانيا تسببا في نزوح محفظة استثمارات بقيمة 20 مليار دولار، كما توقع مدبولي، في بيان أمس الاثنين، معدل نمو 4.5 بالمئة في العام المالي المقبل 2023/2022، من 5.5% معلنة في مارس/آذار الماضي.
ويبدأ العام المالي في مصر أول يوليو/ تموز من كل عام، وينتهي آخر يونيو/حزيران من العام التالي.
توسع في بيع الأصول
وحددت مصر مجموعة واسعة من الأصول الحكومية التي ستطرحها لمستثمري القطاع الخاص ضمن خطة حكومية للانسحاب الكامل من قطاعات اقتصادية محددة، في الوقت الذي تسعى فيه لجذب استثمارات بقيمة 40 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة.
وتتحدث الحكومة المصرية عن بيع أصول مملوكة للدولة منذ سنوات، وأعلنت في 2018 أنها ستعرض حصص أقلية في 23 شركة مملوكة للدولة. وتأجل هذا البرنامج مرارا بسبب ضعف الأسواق والعقبات القانونية وجاهزية الوثائق المالية للشركات.
وقال مدبولي، الأحد، إنه سيتم الإعلان بصورة رسمية خلال هذا الشهر عن وثيقة سياسات ملكية الدولة، التي ستتضمن تحديدا للأنشطة والقطاعات التي ستتواجد بها الدولة ومؤسساتها بصفة مستمرة، وكذا الأنشطة والقطاعات التي ستتخارج منها خلال الثلاث سنوات القادمة، إلى جانب الأنشطة التي ستستمر بها الدولة، ولكن مع تقليل نسبة المشاركة بها تدريجيا.
ومن بين الأصول التي سيتم بيعها في البورصة بنهاية عام 2022 أسهم في عشر شركات حكومية وشركتين تابعتين للجيش.
صكوك بمليار دولار
وتتجه الحكومة أيضا إلى التوسع في الاقتراض الخارجي والمحلي، لمواجهة عجز الموازنة المتوقع ولسداد ديون مستحقة.
وبحسب خطة الحكومة، فإن مصر ستطرح أول إصدار للصكوك السيادية بحجم لن يقل عن مليار دولار في أول يوليو/ تموز المقبل، وذلك بعد أن وافق مجلس الوزراء على إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الصكوك السيادية الصادر عام 2021.
وكان وزير المالية محمد معيط قد أكد، في أبريل/نيسان الماضي، أن الحكومة تستعد لإصدار الصكوك قبل نهاية العام المالي الجاري في 30 يوينيو/ حزيران 2022.
وقال نائب وزير المالية المصري أحمد كجوك، في تصريحات أمس، إن بلاده تستهدف الاقتراض عبر طرح سندات خضراء وسندات تنمية مستدامة بقيمة تتجاوز 500 مليون دولار.
وتسعى مصر للحصول على قرض من البنك الدولي بقيمة 2.48 مليار دولار، لتمويل برامج شراء القمح وأخرى للسكك الحديدية والتحول الرقمي، كما تجري محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج دعم يمكن أن يندرج تحت "خط احترازي"، وقد يصل إلى 3.5 مليارات دولار.
وارتفع الدين الخارجي إلى مستوى قياسي بنحو 145.529 مليار دولار بنهاية ديسمبر/ كانون الأول 2021، مقابل 137.42 مليار دولار بنهاية سبتمبر/ أيلول من العام نفسه.
كما تراجع الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية بشكل حاد في مارس/آذار الماضي، ليصل إلى 37.082 مليار دولار بنهاية مارس/آذار الماضي، مقابل 40.99 مليار دولار بنهاية فبراير/شباط السابق له.
(رويترز، العربي الجديد)