ينتظر المراقبون المغاربة القرارات التي سيتخذها البنك المركزي المغربي في الأسبوع المقبل، في سياق متسم بارتفاع التضخم، غير أنهم سينكبون على دراسة التداعيات المحتملة لرفع معدل الفائدة الرئيسية من قبل الاحتياطي الأميركي، على الاستدانة والمبادلات التجارية.
لم يكن التضخم يقلق كثيرا في العالم والمغرب مع بداية الحرب، حيث إن المغرب كان يتوقع أن يهدأ جموح التضخم في منتصف العالم الحالي، قبل أن تؤكد التوقعات احتمال بلوغه 4.4 بالمائة في العام الحالي.
يرى الخبير في القطاع المصرفي، مصطفى ملكو، أنه بعد لجوء البنك المركزي الأميركي إلى رفع معدل الفائدة مرتين في العام الحالي، سيكون على المغرب ترقب زيادة معدلات فائدة الاستدانة من السوق الدولية.
ويتصور في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه بعدما كان المغرب يعتمد في العامين الماضيين معدلات فوائد منخفضة، في سياق متسم بتوفر السيولة في السوق العالمية، فإنه سيكون عليه في ظل ارتفاع معدل الفائدة الأميركية وزيادة الطلب على القروض في السوق الدولية، تحمل فوائد مرتفعة ومنحة مخاطر كبيرة سيطلبها المستثمرون.
لكنه يتصور أنه سيكون على المملكة التوفر على قدرة تفاوضية مقنعة، إذا كان قد دعمها تقييم وكالات التصنيف الائتماني، علما أن اللجوء للاستدانة يبقى مرتبطا بمستوى الضغط المرتبط بالحاجات لتمويل الإنفاق، علما أن المملكة شددت في الأعوام الماضية توجيه المديونية لتمويل الإنفاق على الاستثمار العمومي.
وينتظر أن ترتفع مديونية الخزانة في المملكة، حيث ستصل إلى 80 بالمائة في العام الحالي، علما أن الدين الخارجي يواصل ارتفاعه ضمن البنية العامة للمديونية.
والمغرب لم يلجأ بعد للاستدانة من السوق الدولية في النصف الأول من العام الجاري، غير أن وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح علوي كانت أكدت احتمال اللجوء إلى طرح سندات في السوق الدولية، مع التعويل على التمويلات المبتكرة التي ستصل إلى ملياري دولار والعمل على برنامج للخصخصة.
ويستند المغرب إلى رصيد عملة صعبة بلغ حوالي 33 مليار دولار، وهو مستوى ينظر إليه بأنه مريح، حسب ملكو، علما أنه يمكن اللجوء إلى الحصول على خط ثان للوقاية والسيولة من صندوق النقد الدولي، بعد خط أول في حدود 3.5 مليارات دولار استعملته المملكة في العام الأول من الجائحة.
وتبين في المرة الأخيرة ارتفاع قيمة الدولار في مقابل الدرهم المغربي، حسب الخبير في القطاع المصرفي محمد العربي في تصريح لـ"العربي الجديد"، وهو اتجاه ينتظر أن يذكيه القرار الأخير للفيدرالي الأميركي الرامي إلى احتواء التضخم، وهو ما سيفضي إلى انتقال بعض الرساميل وصناديق الاستثمار نحو الولايات المتحدة الأميركية، ما سيؤدي إلى ارتفاع قيمة الدولار في مواجهة عملات أخرى من بينها الدرهم المغربي.
ويرتقب أن يشدد ارتفاع قيمة الدولار الضغط على الميزان التجاري المغربي، حيث سترتفع قيمة فاتورة مشتريات الطاقة المؤداة بالدولار، وهي فاتورة تضاعفت في الفترة الأخيرة، حيث ساهمت في توسيع عجز الميزان التجاري.
وفي سياق متسم بارتفاع أسعار السولار والبنزين، ينتظر أن ينعكس ذلك، حسب تقديرات محمد العربي، على تلك الأسعار أكثر، التي تضاعفت مقارنة بما كانت عليه في ظل الحجر الصحي، غير أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع مخصصات دعم القمح والسكر والدقيق، التي استنفدت في مايو الماضي، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ قرار بضخ 1.68 مليار دولار.
ويرتقب أن تستفيد بعض صادرات المغرب من ارتفاع قيمة الدولار في مواجهة الدرهم، خاصة الفوسفات ومشتقاته، خاصة أن مبيعات المملكة تستفيد من انتقال الأسعار من حوالي 330 دولارا للطن إلى حوالي 755 دولارا للطن في الخمسة أشهر الأولى من العام الجاري.
فقد انتقلت صادرات الفوسفات ومشتقاته في 5 أشهر من 1.82 مليار دولار إلى 3.61 مليارات دولار، مدفوعة بمبيعات الأسمدة التي قفزت من 1.13 مليار دولار إلى 2.51 مليار دولار، وهو اتجاه يمكن أن يتعزز مع ارتفاع أسعار الدولار والطلب المرتفع في السوق العالمية في سياق الحرب.
يُشار إلى أن المغرب لم يمض في مسار تعويم الدرهم، ولا يرتهن في معاملاته التجارية تماما للدولار، حسب ما يلاحظه محمد العربي، حيث إنها تجري في حدود 65 بالمائة مع الاتحاد الأوروبي، ما يعطي فرصة لصادرات المغرب، على صعيد التنافسية، مقارنة بالدول التي تربط عملتها تماما بالدولار الأميركي.