تتخذ النقابات والجمعيات العمالية والحقوقية اللبنانية، من يوم العمال العالمي، مناسبةً، للتذكير بمطالب غير مسموعة للطبقة الكادحة التي تعيش معاناة متواصلة.
ويحتفل العالم بـ"عيد العمال" في الأول من مايو/أيار من كل عام، ويعد عطلة رسمية، وتشهد خلاله بلدان كثيرة تظاهرات عمالية سلمية للمطالبة بحقوق تلك الشريحة المجتمعية.
ولا يتوقف الأمر في لبنان عند الحقوق العمالية، إذ حذّر البنك الدولي في وقت سابق من إبريل/نيسان الجاري، من ارتفاع معدلات البطالة في البلاد، التي وصلت وفق بعض الدراسات إلى 40 في المائة في صفوف الشباب.
كما ترتفع نسب البطالة في صفوف اللاجئين الفلسطينيين والسوريين الموجودين في لبنان، الذين يشكلون معا أكثر من مليوني فرد، إذ يحرمون من العمل من عشرات المهن، التي تقتصر على حملة الجنسية اللبنانية فقط.
"فهد" موظف لبناني في شركة خاصة، يقول للأناضول إنه وقع ضحية "الغبن" في شركة أمضى فيها أكثر من 8 سنوات، دون أي زيادة على راتبه.
ويندد فهد بعدم اعتراف الشركة بأيام العطل الرسمية والإجازات السنوية، ما يحرم العامل من أبسط حقوقه، إضافة إلى عدم احتساب ساعات العمل الإضافية، وعدم تسجيله في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
عدم تمكن فهد من إيجاد عمل بديل، أجبره على القبول بالأمر الواقع المأساوي، الذي حرمه من أبسط حقوقه.
ولا يختلف الوضع بالنسبة إلى "ناصر"، وهو من بين عشرات الموظفين الذين تم صرفهم على دفعات، من صحيفة لبنانية.
ويقول ناصر للأناضول: "بعد عملي لمدة 13 سنة، والسهر على إصدار الجريدة، وبعد كل التضحيات التي قدمتها، تُحظَّر علي اليوم معرفة مصير تعويضاتي ومستحقاتي المالية التي أقرها القانون".
ويضيف أن القانون "ينص على أن لي في ذمة الجريدة راتب خمسة أشهر، هي أشهر الإنذار وتعويض الصرف التعسفي وأيام الإجازات السنوية".
ويتابع أنه "يضاف إلى ذلك 12 شهرا من الرواتب المتراكمة لسنوات، تعرضنا خلالها لأبشع أنواع الإذلال من فقر وعوز، وديون مستحقة علينا لمصارف ومؤسسات ومحال تجارية ومالكي منازل".
ويكمل ناصر: "لجأت إلى وزارة العمل، ورفعت شكوى قضائية ضد الشركة (مالكة الصحيفة) وأصحابها المقيمين في الكويت، واليوم أصبحت قضيتي أمام المسؤولين المعنيين، وربما إلى أجل غير مسمى".
ووفقا لرئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان، بشارة الأسمر، فإن "عيد العمال مهم جدا بالنسبة إلى العامل، لكن اللبناني المثقل بالهموم لم يعد يشعر بطعمه".
ويوضح الأسمر للأناضول: "الأعباء الحياتية والاقتصادية، ومزاحمة اليد العاملة الأجنبية والمعاناة من الصرف التعسفي، وعدم وجود أجر لائق، هي أسباب أنست العامل اللبناني أن لديه عيدا رسميا".
وخلال العام 2018، أغلقت 2200 شركة أبوابها في لبنان؛ بسبب تباطؤ الاقتصاد، ما أدى إلى زيادة معدّل البطالة، وهو ما يمثل تحديا رئيسيا، بحسب وكالات عالمية.
وتبلغ نسبة البطالة في لبنان 16 في المائة، بحسب وزارة العمل، غير أن مختصين يقولون إن تلك النسبة "غير دقيقة، والبطالة مرتفعة عن ذلك بكثير".
ويبيّن رئيس الاتحاد: "لا يمكننا تحديد أرقام دقيقة، فهناك شركات تقوم بتسويات دون اللجوء إلى وزارة العمل، لكن الأرقام مرتفعة جدا".
ويشدّد على أنه كرئيس اتحاد العمال يواكب عمليات الصرف التعسفي، ويسعى جاهدا إلى المحافظة على حقوق العمال.
ويوضح الأسمر أن "السبب الرئيس وراء تدهور حال العامل اللبناني هو العمالة الأجنبية، إذ يوجد 220 ألف إجازة عمل رسمية، إضافة إلى العمالة السورية التي تصل إلى نحو 350 ألفا.. وكلها تشكل منافسة حقيقية للعامل اللبناني".
ودعا العمال اللبنانيين إلى "التكاتف والتضامن، ونقل معاناتهم اليومية إلى الاتحاد، للحفاظ على حقوقهم وديمومة عملهم، وتحسين أوضاعهم المعيشية".
(الأناضول)