مشروع الموازنة الذي أُحيل إلى مجلس النواب يهدف إلى خفض العجز المالي إلى 7.59% من الناتج المحلي الإجمالي، نزولاً من 11.5% عام 2018، ويتضمّن التحوّل إلى فائض أولي نسبته 1.7% من عجز أولي بنحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي.
المحللة لدى "موديز"، إليسا باريسي كابوني، قالت في مذكرة للعملاء بتاريخ 30 مايو/أيار: "يتم هذا التعديل بشكل رئيسي من خلال خفض الإنفاق وزيادة محدودة في الإيرادات. وفقاً لتوقعاتنا للدين، فإن التعديل الضمني في الموازنة الأولية والإعلان في وقت سابق عن وفورات في الفائدة من خلال إعادة تمويل سندات خزينة بفائدة مرتفعة عبر سندات خزينة أُخرى بفائدة منخفضة، بمشاركة المصرف المركزي والبنوك التجارية، لا يزالان غير كافيين لتغيير مسار الدين العام، نظراً لاستمرار الفارق بين سعر الفائدة ومعدل النمو".
ووفقاً لـ"رويترز"، قالت موديز إن سيناريو الحالة الأساسية لديها يتمثل في وصول الفائض الأولي إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2019، على أن يواصل الزيادة إلى 3.5% بحلول 2023.
النقاش في مجلس النواب
إلى ذلك، عقدت لجنة المال والموازنة جلسة برئاسة النائب إبراهيم كنعان، الذي قال عقب الجلسة، إنها "استمرت 4 ساعات وانتقلنا من قاعة المكتبة الى قاعة الهيئة العامة في ظل عدد استثنائي للنواب المشاركين، وقد بلغ 53 نائباً، ونتمنى ان يستمر هذا الحضور والاهتمام، والنقاشات كانت جدية وصريحة، وحصلت مكاشفة كاملة وتامة بين وزير المالية والنواب والمشاركين".
وأضاف: "بالنسبة الى مشروع القانون المحال من الحكومة لتمديد مهلة تطبيق القاعدة الاثني عشرية، فقد جرى إقراره معدلاً. وبدل ان تكون المهلة حتى نهاية حزيران، باتت المهلة تنتهي بعد التعديل في 15 تموز، لعدم ترك المجلس النيابي ولجنة المال تحت الضغط، أو الاضطرار لعقد جلسة عامة ثانية لتتمكن الدولة من الإنفاق بحسب القانون. كما ألغيت الإشارة إلى إضافة أو إسقاط اعتمادات جديدة، تأكيداً على حرص لجنة المال والموازنة على عدم تجاوز الأرقام التي أجازها المجلس النيابي سابقاً".
وأشار كنعان الى أن "اللجنة سجلت تحفظاً على الخرق الدستوري، فالمادة 86 من الدستور تحدد القاعدة الاثني عشرية حتى نهاية كانون الثاني، وأي تمديد لهذه المهلة يجب أن يتم بتعديل دستوري لا بقانون عام. وهو ما تم لحظه، والتحفظ نفسه جرى قبل شهرين عند إقرار تمديد المهلة لأول مرة".
وفي موضوع الموازنة، أوضح كنعان أن "وزير المالية عرض كل المفاصل التي تضمنتها، فيما سجل النواب اقتراحات جديدة وملاحظات وتحفظات، منها عدم الأخذ بكل توصيات اللجنة. فصحيح أن الحكومة أخذت بتوصياتنا، ومنها الإجازة للحكومة لسد عجز مقدر لا محقق، ولم تضف قوانين برامج جديدة، إلا أنها لم تلتزم بتوصية عدم إدخال تعديل قوانين خاصة في متن مشروع الموازنة، كقانون الدفاع وقانون السير والقضاء العدلي وقانون المحاسبة العمومية وغيرها".
وأكد كنعان أن "موقفنا في لجنة المال هو نفسه لناحية احترام المادة 87 من الدستور والمادة 65 من قانون موازنة العام 2017 والمادة 197 من قانون المحاسبة العمومية، التي تعهدت فيها الحكومة بإحالة كل قطوعات الحسابات منذ العام 1997 وحتى اليوم، وهو ما لم يحصل إذ لم نستلم مشاريع القوانين التي يفترض أن تحال الى المجلس النيابي من قبل الحكومة وقد سجلنا ملاحظتنا على هذا الصعيد".
الجمعيات والتوظيفات
وتابع: "في ما يتعلق بالجمعيات، سألنا الحكومة عن إجراء المسح الشامل للجمعيات التي تعهدت به سابقا من خلال مؤسسات حيادية عامة او خاصة، للتدقيق بعمل الجمعيات وموازناتها ووضع معايير محددة للفصل في الإبقاء على الاعتمادات أو تخفيضها أو إزالتها".
وأضاف: "سألنا كذلك عن التوظيف وسجلنا ملاحظتنا، لا سيما ان هناك مادة واردة في الموازنة هي نفسها المادة 21 الواردة في القانون 46 التي أجرينا على أساسها رقابتنا في لجنة المال وتبينت لدينا مخالفات كبيرة. فذكرنا بأن الأساس في الإصلاح على هذا الصعيد لم يرد في الموازنة، وهو المسح الشامل للقطاع العام، لنعرف أين النواقص وأين الفائض، وهو ما يساهم لو حصل في اعادة هيكلة القطاع العام وتطوير الملاك وفقاً للمعطيات الجديدة".
تركيبة الموازنة
وحول تركيبة مشروع الموازنة، أشار كنعان الى أن "35% من تركيبة الموازنة مكونة من رواتب وأجور، ولدينا ملاحظات على ذلك سندلي بها عند بحث الموضوع، لا سيما ان هناك ضرورة للدخول بالعمق في هذا المجال وعدم السماح بالاستثناءات بعد اليوم".
وتابع: "أما خدمة الدين فتؤلف 35% من الموازنة، وعجز الكهرباء 11%، ويبقى 19% تتوزع بين 9% نفقات استثمارية، و10% نفقات جارية، ما يعني أن الاستثمار في القطاعات المنتجة في هذه الموازنة شبه معدوم، وقد سجل الزملاء النواب اقتراحات عدة لجهة العمل على معادلة تقوم على زيادة الاستثمارات في القطاعات المنتجة، والاتكال عليها أكثر من الضرائب لسد العجز والثغرات المالية في الميزان التجاري وميزان المدفوعات الذي يؤدي بنا الى الاستدانة وزيادة الدين العام والذي يفترض وضع حد لتناميه".
ولفت كنعان إلى "تسجيل العديد من الزملاء النواب ملاحظاتهم لغياب الرؤية الاقتصادية، إذ أن فذلكة الموازنة تتحدث عن موازنة استثنائية، فسألوا أين يكمن الإصلاح؟ وبسبب ضيق الوقت، لم نحصل على كل الإجابات، لذلك ستكون هناك جلسة هامة الإثنين المقبل صباحاً ومساء للاستماع الى إجابات وزير المالية على أسئلة النواب، والشروع بنقاش وإقرار مواد قانون الموازنة".
وأشار إلى أنه "كانت لعدد من الزملاء النواب اقتراحات عملية جديدة لزيادة الايرادات، وقد طلبنا منهم تحضيرها بسياق دراسة مواد القانون، حيث يمكن إضافتها لتعزيز الايرادات وتخفيض الهدر الذي نرى أنه لم يتم الدخول فيه بشكل كامل، حيث هناك أماكن يمكن التطرق إليها، ولا علاقة لها لا برواتب ولا بأمور تتعلق بمعيشة المواطن".
وحول "قطوعات الحسابات"، قال كنعان: "ننتظر إحالة قطوعات الحسابات المتكاملة عن السنوات الماضية لا العام 2017 فقط، وهو ما لن نتساهل فيه، خصوصاً أننا فهمنا أن ديوان المحاسبة يعمل على قطع حساب العام 2017 فقط، والديوان يعلم أن ذلك يتناقض مع الأصول، وهناك ضرورة لقطوعات حسابات متكاملة محالة من الحكومة، مع بيان مطابقة أو عدم مطابقة من ديوان المحاسبة".
وأكد أن "وزير المالية كان متجاوباً ولم يكن هناك أي تشنج، وكانت هناك مصارحة كاملة وشفافة ورغبة بمناقشة كل تعديل أو فكرة في الجلسات المقبلة".
ورداً على سؤال عن المهلة الزمنية لإنهاء الموازنة في لجنة المال وعن إمكانية حصول تعديلات في متنها؟ قال كنعان: "لا يمكن وضع وقت محدد للانتهاء من الموازنة إلا إذا التزم النواب والوزراء بمواعيد الجلسات وبمدة النقاشات. وما يمكن قوله إن جهدنا ينصب لإنهاء العمل منتصف تموز أو في الأسبوع الأول منه. أما لناحية التعديلات، فالأكيد أن المجلس سيد نفسه وسنسعى لخفض العجز وسنحاول زيادة الإيرادات".
كما أكد كنعان "الدخول في نقاشات المرحلة المقبلة في كل مكامن الهدر وأي نقاش سيتم بخلفية إيجابية لا تعطيلية".