يستعد مجلس النواب المصري لإنهاء دور الانعقاد الحالي بنهاية الشهر الجاري ليبدأ إجازة تستمر حتى شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وتشكل هذه الإجازة، وفق مراقبين، عقبة حقيقية أمام تفعيل الاتفاق الذي أبرمته القاهرة مع صندوق النقد الدولي.
وينص الدستور المصري على ضرورة موافقة مجلس النواب على الاتفاقيات الدولية قبل التصديق عليها.
وافق صندوق النقد الدولي، أول من أمس الخميس، على قرض كبير لمصر بقيمة 12 مليار دولار، مقابل شروط وصفها خبراء بـ"القاسية".
وتتمثل هذه الشروط، بالأساس، في خفض الدعم وتمرير قانون الضريبة المضافة، والتحكم في فاتورة الأجور، واعتماد نظام مرن لسوق الصرف.
وأكد البرلماني المستقل، محمد عبد الغني، صعوبة أن يوافق البرلمان المصري على اتفاق القرض خلال دور الانعقاد الحالي، في ظل انشغال المجلس باستكمال أجندته التشريعية واستحقاقات دستورية تتمثل، بالأساس، في قوانين بناء وترميم الكنائس، والعدالة الانتقالية، والمفوضية الوطنية للانتخابات، والإدارة المحلية.
وأضاف عبد الغني، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن البرلمان لم يخطر حتى الساعة بخطوات تفاوض الحكومة مع بعثة الصندوق أو الشروط التي رضخت لها مصر مقابل الحصول على هذا القرض، وخصوصا الشروط ذات الصلة بمعيشة المواطنين.
ورأى أن حديث الحكومة عن الحماية الاجتماعية وعدم المساس بمحدودي الدخل "خادع وغير واقعي"، لأن محدودي الدخل "سيدفعون ثمن تبعات القرض غاليا"، حسب قوله.
فيما قال عضو تكتل "25-30"، أحمد الطنطاوي، إن الدولة المصرية قدمت فروض الولاء والطاعة لكافة إملاءات صندوق النقد، دون مراعاة تداعياتها السلبية على قطاع واسع من المصريين.
واتهم الحكومة بالعجز عن "إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية سوى عن طريق الاقتراض الخارجي، الذي يغرق الأجيال القادمة في الديون".
وأفاد الطنطاوي، في تصريحات خاصة، بأن الحكومة بدأت مفاوضاتها مع صندوق النقد منذ فترة ليست بالقصيرة دون أن تشرك البرلمان في ذلك عن طريق إحاطته علما بخطتها لاستغلال هذا القرض وسبل سداده، منبها إلى التأثيرات المباشرة لهذه الخطوات على رفع الدعم عن السلع الأساسية والخدمات العامة.
من جهته، انتقد النائب عن حزب التجمع، عبد الحميد كمال، عدم تحريك رئيس البرلمان علي عبد العال طلبات الإحاطة والبيانات العاجلة المقدمة إليه لاستدعاء رئيس الحكومة، شريف إسماعيل، ووزراء المجموعة الاقتصادية إلى مقر البرلمان، لكشف كافة تفاصيل الاتفاق مع صندوق النقد.
واعتبر كمال، في تصريحات خاصة، أن "الحكومة خدعت النواب حينما عرضت برنامجها خاليا من أي إشارة إلى إمكانية الاقتراض من صندوق النقد الدولي، ما يعد تحايلا صريحا وإخفاءً للسياسات الاقتصادية، رغم أنها بدأت منذ فترة في تطبيق ما تسميه بـ(الخطوات الإصلاحية)، التي اشترطها الصندوق للموافقة على منح القرض".
بينما دعا رئيس لجنة التعليم في مجلس النواب، جمال شيحة، الحكومة إلى الإعلان، بكل شفافية، عن الآثار الجانبية لقرض صندوق النقد، مع عقد ورشة عمل يشارك فيها خبراء اقتصاد من داخل الحكومة وخارجها لبلورة حلول للخروج من الأزمة الاقتصادية". ونبّه إلى خطورة الاعتماد على القروض، مؤكدا أنها "حل مؤقت يجب ألا تعتمد عليه الدولة لمواجهة أزماتها".