تعيش الدبلوماسية السودانية تراجعا في الأداء، يعكسه صوت ممثل السودان في الأمم المتحدة، الذي يصـارع بأسـلوب انفعـالـي يضـرّ بمنطق شكواه أكثر ممّـا ينفعها.
حملت حرب السودان وجوهاً من حرب روســيا ومن حرب إسرائيل ضد غزّة، فكلتا الحربين تدوران حول وجهين رئيسين: الهوية والانتماء، فحملت حرب السودان الكثير منهما.
تفاقمتْ خلافات السياسة وصراعاتها، وزاد تباين المصالح وتقاطعاتها، فصار السِّـباق نحو التسـلح مارثونًا لإفـناء الـذات البشرية، وهو ما تدل عليه آهات الضحايا.
يأخذنا العصرُ الماثل من مبارزات تقليدية، عرفتْ غدّاراتٍ وبنادقَ ينطلق رصاصها نحو أهدافٍ من بُعد بضعة أمتارٍ، إلى مُسـيَّراتٍ تَعبُرُ بمقذوفاتها آلاف الأميال.
واجه السودان بعد استقلاله إرثا كولونياليا مأزوما لن يكتب للسودانيين، مهما أوتوا من مقدّرات، تجاوز تداعياته السالبة، ولعلّ لهذا دورًا في الحرب الدائرة اليوم.
للسودان ســفارات عاجزة ومغيبة بإرادة فاعل، وهي دبلوماسية جالسة في مقاعد المتفرّجين خارج البلاد، فيما الصراع محـتـدم بين متصارعين لا يدركون أيّ بلـد أضاعوا.
حري بالمنظمة الأممية، وبعد أن ضاقت أخلاق قياداتها، من خيارٍ لازم لأجل الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، فرض الوصاية المؤقتة على السودان لدواعٍ إنسانية.
التغيير الذي رفع جنرالات السودان راياته كان محضَ تغييـر في أحوالهم الدنيـوية، واكتنازاً للذهب والفضة وبنـاءً لعمـائر شُـيّدتْ من ريع نفط البلاد ومواردها.