عيد الميلاد في لبنان: أمنيات بأن يجمع الوطن أبناءه

24 ديسمبر 2024
شجرة ميلاد في بيروت وسط الدمار، 20 ديسمبر 2024 (محمود الزيات/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- عيد الميلاد في لبنان يأتي بعد حرب إسرائيلية مدمرة، حيث تزينت المناطق بالأشجار والأضواء، مع مهرجانات ترحب بانتهاء العدوان وتبشر بفجر الحرية في سوريا، مما يبعث الأمل في تحقيق الأمن والسلام.

- رغم الأزمات الاقتصادية والسياسية، يعبر اللبنانيون عن فرحتهم بالعيد، ويشاركون في تجهيزاته، معبرين عن أملهم في أن يستلهم القادة معاني الميلاد لتحقيق الاستقرار وانتخاب رئيس، وسط ثقة في الجيش لحماية الوطن.

- يتمسك اللبنانيون بالأمل في مستقبل أفضل، مع رغبتهم في أن يكون عيد الميلاد بداية جديدة للبنان، خاتمة للأحزان، وأن يعم السلام في المنطقة، مع أمل في عودة اللاجئين السوريين.

يحلّ عيد الميلاد هذه السنة على لبنان، عقب حرب إسرائيلية مدمرة أودت بحياة الآلاف وخلّفت عشرات آلاف الجرحى، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص، وتضرر أكثر من نصف مليون شخص بشكل مباشر، وعلى وقع الخروقات الإسرائيلية المستمرة، خصوصاً في الجنوب.
وتزينت أكثر من منطقة لبنانية بأشجار الميلاد والأضواء، وترافق ذلك مع مهرجانات وخطابات رحّبت بانتهاء العدوان الإسرائيلي، وأشادت بتزامن العيد مع بزوغ فجر الحرية والكرامة في سورية، ما يشيع الأمل بإرساء الأمن والسلام في لبنان وسورية، وشفاء الشعبين من جراح الحرب والانقسامات، وينعمان بالطمأنينة والسيادة والاستقرار.
من مدينة زغرتا (شمال)، تُعرب غرازييلا الحاج عن فرحتها بحلول عيد الميلاد بعد توقّف العدوان الإسرائيلي، وتقول لـ"العربي الجديد": "جهّزنا شجرة الميلاد والمغارة كما كل سنة، رغم كل الظروف الصعبة التي نعيشها من تداعيات الحرب واستمرار الأزمة الاقتصادية الخانقة. لا يجوز أن تختفي مظاهر بهجة العيد، خاصة أنه أول عيد ميلاد لطفلتي ابنة الخمسة أشهر، بعد كل الرعب الذي عشناه من جراء الغارات الإسرائيلية. اللبناني لا يتوقف عن التفاؤل بالخير، وهذه المرة تفاؤلنا أكبر بعد التغيرات التي شهدها كل من لبنان وسورية، وكلنا أمل في أن تتحسن الأحوال".
من منطقة الدورة (شمالي بيروت)، تتحدث الممرضة جورجيت صليبا بحماس عن استعداداتها للأعياد، وتخبر "العربي الجديد" بأنها اشترت الهدايا وزيّنت شجرة الميلاد وأعدّت المغارة، كما تستعد لشراء متطلبات عشاء العيد. تضيف: "عيد الميلاد يجسد المحبة والأمان والخير والعطاء والرحمة. على أمل أن يستلهم زعماء لبنان معاني الميلاد وروحيته، وأن يرأفوا بالبلاد والعباد، وينتخبوا رئيساً للجمهورية. شهدت البلاد على مر العقود ويلات من حروب ونزاعات وتعطيل وكوارث وانفجارات واغتيالات، وخرجنا أخيراً من حرب إسرائيلية مدمرة، لكن كلنا ثقة في الجيش لحماية الوطن والمواطنين. كما أن سورية تحررت من ظلم نظام الأسد وإجرامه، وتحرير سورية سينسحب بشكل إيجابي على لبنان الذي تحرر من تبعياته، والمرحلة تستدعي التعاطف من منطلق أن الإنسانية مبدأ، وأن الوطن يجمعنا".
تنتظر جورجيت وصول العديد من أصدقائها المغتربين الذين سيحتفلون بعيد الميلاد وسط ذويهم وأحبائهم، وهي تستذكر المشاهد الأليمة التي عايشتها أثناء انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب 2020، والرعب اليومي من جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة، مع تنقّل الغارات والمسيّرات والاستهدافات بين مختلف المناطق اللبنانية. وتقول: "لا نريد سوى الطمأنينة وراحة البال".

شجرة ميلاد في قلب بيروت.26 ديسمبر 2023 (أنور عمرو/فرانس برس)
شجرة ميلاد في بيروت، 26 ديسمبر 2023 (أنور عمرو/فرانس برس)

يبدو آفو بامبوكيان، الأب لطفلين، حائراً حيال الأوضاع اللبنانية، ويقول لـ"العربي الجديد": "أضأنا الشجرة وجهّزنا المغارة كي يشعر الطفلان بفرحة العيد، ولا تنعكس حالتنا النفسية عليهما، فلا ذنب لهما. لا يمكننا إلا أن نتمسك بالأمل والرجاء لنواصل الحياة، مع العلم أنني على يقين باستحالة تحسّن أحوال لبنان، أو انتهاء الأزمة الاقتصادية وعودة سعر صرف الليرة إلى طبيعته. إنها أحلام صعبة المنال رغم التغييرات في سورية، ورغم وقف إطلاق النار في لبنان، والوعود بانتخاب رئيس للجمهورية، فنحن محكومون بطبقة سياسية تخلف الوعود عند كل استحقاق".
يعمل بامبوكيان ميكانيكي سيارات في مدينة زحلة، ويضيف: "علينا التفاؤل بالخير كي نجده، وها نحن نبحث عن الخير، وأن يكون عيد الميلاد ولادة لبنان الجديد، وخاتمة الأحزان، وأن تدوم المحبة والأفراح في قلوب الجميع. نعزي كل من فقد أولاده وأحباءه وأقاربه خلال الحرب الإسرائيلية، والتي أصابتنا جميعاً، ولو كنا بعيدين عن القصف المباشر، فقد تأثرنا معنوياً ونفسياً ومادياً. يكفي ما عشناه من رعب يومي، إذ لم يبق مكان إلا وطاولته المسيّرات وتداعيات الحرب والغارات".

يتشارك الثلاثيني طوني المشاعر ذاتها، إذ يرى ابن بلدة جزين (جنوب)، أن "بهجة الأعياد اختفت وسط ما يعيشه اللبنانيون من أحداث لا ترحم. لم نغفل تزيين شجرة الميلاد وتجهيز المغارة والإضاءة وضيافة العيد، كما أن البلدية زيّنت الشوارع، في محاولة لتجاوز تداعيات الحرب والأزمة المعيشية. عسى أن تحمل الأيام المقبلة الخير والفرج، علماً أن الوضع لن يستقر إلا بانتخاب رئيس للجمهورية، وكلنا أمل في أن تنسحب التغيرات الأخيرة في سورية إيجاباً على لبنان، وأن تسهم في تحقيق عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، وأن يعم الأمن والسلام في المنطقة".
من بلدة رميش الحدودية مع فلسطين المحتلة، يوضح مارون العلم لـ"العربي الجديد"، حجم المعاناة مع القصف الإسرائيلي، وكيف أنهم يعيشون أزمات حقيقية، لأن بلدتهم تقع في قلب ميدان المعركة. ويضيف: "التحضيرات للأعياد هذه السنة لا تشبه سابقاتها، لكننا نحاول جمع العائلة، وتمضية ليلة الميلاد على وقع الرجاء وطلب الرحمة للشهداء، والصلاة من أجل عودة لبنان إلى عزه وازدهاره وإعادة إعماره، على أمل أن يعم السلام في البلاد وفي المنطقة، وأن تكون السنة المقبلة أفضل، ونعيش فيها الطمأنينة والوئام والمحبة بين كل مكونات الشعب اللبناني".

المساهمون