أعياد الميلاد في سورية.. الأمل يضيء الأشجار والزينة

25 ديسمبر 2024
سوريون في باب دوما. 23 ديسمبر 2024 (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعيش دمشق والمدن السورية أجواء من الفرح والحرية مع احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة، حيث يشارك المجتمع المحلي في تزيين الشوارع والساحات، مما يعكس التغيير الإيجابي بعد عقود من القمع في عهد نظام الأسد.

- تشهد الاحتفالات إقبالاً كبيراً من مختلف المحافظات والأديان، مع مشاركة أكثر من 5000 شخص يومياً، مما يعكس تحسن الوضعين الأمني والاجتماعي، ويساهم التنسيق مع الجهات الأمنية في تعزيز الأمان.

- تعكس التحضيرات للاحتفال شعوراً بالتفاؤل والتآخي بين الطوائف، مع دحض للروايات الطائفية السابقة، رغم بعض الحوادث الفردية مثل حرق شجرة الميلاد في حماة.

تعيش العاصمة دمشق والعديد من المدن السورية حالة من الفرح مع حلول احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية، وسط جهود من المجتمع المحلي وهيئات مختلفة لتزيين الشوارع والساحات العامة بأشجار الميلاد وأعلام الثورة السورية، وسط أجواء من الحرية والحلم بمستقبل أفضل بعد عقود من القمع والمعاناة والتضييق في عهد نظام الأسد. 

يتحدث كثير من السوريين عن الأجواء الإيجابية والتغييرات الكبيرة التي طرأت على المجتمع بعد الخلاص من النظام السابق، وينتشر شعور بين الجميع بمساحة الحرية الكبيرة التي توفر أجواء احتفالية واسعة النطاق، مع بروز دور فئة الشباب. 

تقول السورية رولينا جرجس، مديرة فعاليات "كريسماس ماركت"، لـ"العربي الجديد": "نعمل على تجهيز الساحات والأشجار بطريقة مختلفة عن كل عام، ووضع أعلام الثورة على شجرة الميلاد، وتنظيم الإضاءة باللون الأخضر كرمز للحرية. هذا الكريسماس هو الأول من دون بشار الأسد. كنت أتخوف من قلة إقبال الناس، لكني فوجئت بالإقبال الكبير، في كل المحافظات، ومن جميع الأطياف. هذه السنة مختلفة تماماً عن السنوات الماضية من ناحية حركة الناس، والإقبال ملحوظ. نرى وجوهاً جديدة بسبب تحرير المناطق، وقدرة الناس من جميع المحافظات على الحركة، وعلى المشاركة بالفعاليات في دمشق، خاصة القادمين من الشمال السوري".

تضيف جرجس: "تم التنسيق مع عناصر (هيئة تحرير الشام) في وضع الحواجز ونشر العناصر لضبط الأمن. إقبال الناس كبير جداً، إذ يأتي أكثر من 5000 شخص يومياً من مختلف المحافظات والأديان. الوضعان الأمني والاجتماعي أفضل بكثير مما كانا عليه في السنوات الماضية، والفرحة والاطمئنان واضحان على الوجوه".

بدوره، يؤكد ميشيل فرح، وهو أحد الزائرين، لـ"العربي الجديد"، أن "الأجواء والطقوس أفضل بكثير من السنوات الماضية، والناس ينزلون إلى الساحات والطرقات والأسواق ليحتفلوا، خاصة الشباب، بينما في ظل حكم بشار الأسد كان الخوف يملأ قلوبهم، وتتفشى الخشية من الاعتقال من أجل الخدمة العسكرية الاحتياطية، أو الاعتقال التعسفي، فكانوا يفضلون البقاء في منازلهم. نظام الأسد كان يسرق فرحة الناس وروحها، بينما الإدارة الجديدة لم تخنق التنوع الطائفي، فالناس جميعهم إخوة، ولا فارق بين مسلم ومسيحي".

مسيحيون داخل الكنيسة المريمية، 24 ديسمبر 2024 (أنور عمرو/ فرانس برس)
مسيحيون داخل الكنيسة المريمية، 24 ديسمبر 2024 (أنور عمرو/فرانس برس)

ويرى جورج ديوب أن الأجواء باتت أفضل بعد التحرر من نظام الأسد، خاصة مع إضاءة الساحات والطرقات، ووضع الزينة وأشجار عيد الميلاد. ويؤكد لـ"العربي الجديد": "تجهيزات الأسواق والساحات كانت بدائية جداً قبل التحرير، أما الآن فهي أفضل بكثير، والفعاليات والعروض متوفرة في كل مكان، ما يسمح لجميع الطبقات بالنزول إلى الأسواق، وشراء الهدايا ومستلزمات الاحتفال، خاصة في باب توما وباب شرقي، وهما من المناطق الأكثر نشاطاً في الأعياد. هناك تنسيق بين مختلف الجهات لتعزيز الأمن، والحركة أصبحت أسهل بين المحافظات عقب رفع الحواجز، والتعامل الأمني مع العصابات وقطاع الطرق. بات بإمكان جميع الناس الاحتفال من دون تعقيدات".

من جانبه، يوضح إميل حنا، المنحدر من ريف حمص والمقيم في حي باب توما بدمشق، لـ"العربي الجديد"، أن "رجال الأمن كانوا في السابق ينتشرون في الساحات وبين المحتفلين، وبعضهم كانوا يرتدون أزياء بابا نويل رغم أنهم معروفون لجميع الناس. في الأصل، لم تكن هناك فرحة، أو تجمعات للاحتفال بسبب التضييق. كانوا يتخوفون من أن يتحول أي احتفال إلى تظاهرة. اليوم، اختفت كل القيود، ونجهز للاحتفال بلا خوف أو تضييق، وهناك فرحة حقيقية، وليست مصطنعة كما في السابق. الأوضاع تغيرت اجتماعيا، ووجوه الناس الشاحبة ترى عليها بعض الأمل في غد أفضل، وعيد أجمل".

وتقول سيلين زكييا لـ"العربي الجديد": "عدنا للصلاة في الكنائس، والأشجار المزينة بأعلام الثورة في كل مكان، وتضمنت الاستعدادات رفع كفاءة الحدائق العامة، وملاهي الأطفال، وتزيين الشوارع والميادين من خلال الفرق التطوعية التي تولت التحضير لاستقبال أعياد الميلاد ورأس السنة".

وتعكس التحضيرات للاحتفال هذا العام شعوراً بالأمل والتفاؤل لدى المسيحيين في سورية، بعد سنوات من التضييق، مع مشاركة واسعة من الطوائف كافة، وحالة من التآخي والألفة، ودحض للروايات الطائفية التي كان يروجها نظام الأسد خلال فترة حكمه، ما يعكس أيضاً التغييرات الاجتماعية، وإن عكرتها بعض الشيء حادثة حرق شجرة الميلاد في مدينة حماة.

المساهمون