كشف المنخفض الجوي الذي يضرب قطاع غزة، عن تردي البنية التحتية، والضرر الكبير الذي أصابه من جراء القصف الإسرائيلي للطُرق خلال العدوان الأخير في مايو/آيار الماضي، ما تسبب في انسداد مصارف مياه الأمطار، وغرق مناطق بأكملها.
وبرزت اتهامات شعبية للبلديات بتجاهل تهيئة الشوارع، وصيانة المصارف قبل فصل الشتاء، فبعد تساقط الأمطار، أغرقت المياه أحياء كاملة، وشوارع رئيسية، ما أدى إلى توقف الحركة المرورية، وإغلاق بعض المحال التجارية، وإعاقة حركة المُشاة، وتعطيل المؤسسات التعليمية.
وأظهرت الكميات الكبيرة للأمطار الأضرار التي تعرضت لها البنية التحتية في القطاع من جراء العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استمر 11 يومًا، ودمر عددا من الشوارع الرئيسية، ومفترقات الطرق، ولم تتم إعادة ترميم الجزء الأكبر منها بفعل تأخر خطط إعادة الإعمار.
وتمثل النموذج الأوضح في غرق شارع رئيسي تتجمع فيه عدة مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" غربي مدينة غزة، متسببا في تعطيل عودة الطلبة إلى بيوتهم، ومخلفا مشاهد قاسية من بينها اضطرار بعض الأطفال إلى المرور عبر المياه التي غطت نصف أجسادهم، وتدافعهم لحظة الخروج من المدرسة الذي كان يهدد يتعريضهم للخطر.
وخلقت تلك المشاهد المتداولة للأطفال حالة من الاستياء على مواقع التواصل الاجتماعي، واتهم كثيرون بلدية مدينة غزة، بالتقصير لعدم تعاملها مع الأزمة، فيما علت أصوات مُطالبة بضرورة تشكيل لجنة تحقيق للوقوف على أسباب غرق الشوارع، وتعريض حياة الأطفال للخطر.
وأعلنت بلدية غزة، قُبيل بدء المنخفض الجوي، أنها قامت بالاستعداد الجيد المدروس علميًا وفنيًا، وقامت بأعمال استباقية لاستقبال فصل الشتاء عبر تهيئة وحدات تجمع المياه، وصيانة خطوط التصريف المتعطلة، وخاصة في المناطق التي تعرضت للقصف الإسرائيلي، لكن غرق الشوارع أوضح أن كمية الأمطار التي هطلت في وقت قصير كانت أكبر من إمكانيات البلدية.
وقال المتحدث باسم لجنة الطوارئ في بلدية غزة، حسني مهنا، إن البلدية حذرت سابقا من خطورة عدم إعادة الإعمار، وتأهيل البنية التحتية بعد العدوان الأخير، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، على ضرورة تضافر الجهود من أجل الحفاظ على شبكات التصريف من خلال عدم إلقاء المواطنين للأكياس البلاستيكية والزجاجات الفارغة فيها، مشددا على أن "الأمور ما زالت تحت السيطرة".
من جانبه، قال رئيس اللجنة الحكومية المركزية للطوارئ، زهدي الغريز، لـ"العربي الجديد"، إنه "في كل عام يتم تشكيل لجنة مركزية تضم لجانا من مختلف بلديات قطاع غزة للتنسيق والتعاون، وذلك للسيطرة على أي خطر في مواسم الشتاء، موضحا أن الأزمة حدثت لأن "معدل هطول الأمطار كان أكبر بنسبة 30 في المائة من المعدل السنوي".
وأشار الغريز إلى أن "شبكات البنية التحتية في قطاع غزة تواجه العديد من التحديات، وفي مقدمتها أن نسبة كبيرة منها متهالكة، وبعضها عمرها أكثر من 50 عامًا، ولم يتم تجديدها بفعل الحصار الإسرائيلي، إلى جانب الكثافة السكانية التي تعتبر العليا في العالم، علاوة على تعرض البنية التحتية للقصف عدة مرات، وفي العدوان الأخير، تم توجيه الصواريخ إلى مناطق الكثافة السكانية العالية، والبنية التحتية الأساسية".