تحقيق لوكالة أسوشييتد برس: إسرائيل لم تقدّم أدلة تُذكر على وجود حماس في مستشفيات غزة

03 نوفمبر 2024
هكذا بدا المشهد في مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، شمالي غزة، 28 أكتوبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أفادت وكالة أسوشييتد برس بعدم تقديم إسرائيل أدلة كافية على وجود مقاتلي حماس في المستشفيات المستهدفة في غزة، حيث جمعت شهادات من مرضى وشهود وعاملين في المجال الطبي والإنساني.
- تعرضت مستشفيات غزة لهجمات مكثفة منذ أكتوبر 2023، مما أدى إلى خروجها عن الخدمة، وإسرائيل بررت ذلك بالضرورة العسكرية رغم عدم تقديم أدلة دامغة.
- خلصت لجنة تحقيق أممية إلى أن إسرائيل تنفذ سياسة لتدمير الرعاية الصحية في غزة، ووصفت ذلك بالعقاب الجماعي، مما أثر على شعور الأمان لدى المرضى والعاملين.

في تحقيق شامل، أفادت وكالة أسوشييتد برس بأنّ "إسرائيل لم تقدّم أدلّة تُذكر على وجود مقاتلي حركة حماس في مستشفيات غزة المستهدفة بالقطاع في حالات كثيرة". وكانت الوكالة الأميركية قد عملت، على مدى أشهر، لجمع شهادات عن الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مستشفيات العودة والإندونيسي وكمال عدوان في شمال قطاع غزة، تخلّلتها مقابلات مع أكثر من 30 مريضاً وشاهداً وعاملاً في المجال الطبي والإنساني، بالإضافة إلى مسؤولين إسرائيليين.

وذكرت وكالة أسوشييتد برس أنّ مكتب المتحدّث العسكري الإسرائيلي رفض التعليق على قائمة بحوادث مرتبطة بهجمات إسرائيلية على مستشفيات في قطاع غزة، في إطار الحرب على القطاع المحاصر، ونقلت عن المكتب أنّه "لا يستطيع التعليق على أحداث محدّدة".

وقد استهلّت وكالة أسوشييتد برس تحقيقها بالآتي: "هي شُيّدت لتكون أماكن للشفاء. لكن مرّة أخرى، حاصرت القوات الإسرائيلية ثلاثة مستشفيات في شمال القطاع واستهدفتها بنيرانها". بذلك، تكون وكالة الأنباء الأميركية قد اختصرت ما يرتكبه الاحتلال في إطار تدمير المنظومة الصحية، منذ الأيام الأولى لحربه المتواصلة على القطاع، قبل أكثر من عام.

وبيّنت الوكالة أنّ مستشفيات غزة الثلاثة، كمال عدوان والعودة والإندونيسي، سبق أن تعرّضت لحصار القوات الإسرائيلية التي شنّت عليها هجومات كذلك قبل نحو 10 أشهر. وإذ أشارت إلى أنّ هذه المستشفيات الثلاثة لم تتعافَ بعد من الأضرار التي اُلحقت بها، أكدت أنّها المستشفيات الوحيدة التي تعمل جزئياً في المنطقة.

ومنذ بداية الحرب التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تتعمدّ قواته استهداف مستشفيات غزة ومنظومتها الصحية وقد أخرجتها عن الخدمة، الأمر الذي عرّض حياة المرضى والجرحى للخطر، بحسب بيانات فلسطينية وأممية ودولية. وبينما يسارع العاملون في المستشفيات إلى علاج الجرحى الذين يفدون في موجات وموجات، فإنّهم يظلّون مسكونين بحرب استُهدفت فيها المستشفيات بكثافة وعلنية، "نادراً ما تُرى في الحروب الحديثة".

وكتب معدّو التحقيق الثلاثة، إيزابيل ديبريه وجوليا فرنكل ولي كيث، أنّ المرافق الطبية تتعرّض في الغالب لإطلاق النار في الحروب، لكنّ المقاتلين يصوّرون مثل هذه الحوادث في العادة بأنّها عرضيّة أو استثنائيّة، لأنّ المستشفيات تتمتّع بحماية خاصة بموجب القانون الدولي. وأوضح هؤلاء أنّ في "حملتها" العسكرية على قطاع غزة المتواصلة منذ عام، برزت إسرائيل من خلال استهدافها المستشفيات، فهي حاصرت وأغارت على ما لا يقلّ عن 10 منها في كلّ أنحاء قطاع غزة، علماً أنّها استهدفت عدداً منها مرّات عدّة، بالإضافة إلى ضرب مستشفيات أخرى بغارات.

الصورة
إخلاء مستشفى كمال عدوان - شمال غزة - 28 أكتوبر 2024 (فرانس برس)
من عمليات إخلاء مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة، 28 أكتوبر 2024 (فرانس برس)

وتبرّر إسرائيل استهداف مستشفيات غزة في مختلف أنحاء القطاع، بحسب تحقيق وكالة أسوشييتد برس، بـ"الضرورة العسكرية" المطلوبة لـ"تدمير حماس" بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023. فهي تزعم أنّ حركة حماس تستخدم المستشفيات "قواعد قيادة وسيطرة" من أجل التخطيط للهجمات وإيواء المقاتلين وإخفاء الرهائن، مدّعيةً أنّ ذلك "يلغي (حقّ) حماية المستشفيات". واستندت الوكالة إلى ما أدلى به المتحدّث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاغاري في مقابلة أجرتها معه في يناير/ كانون الثاني الماضي. هو أفاد بأنّ "في حال عزمنا على هدم البنية التحتية العسكرية في الشمال، لا بدّ لنا من هدم فلسفة (استخدام) المستشفيات".

وقد روّج هاغاري نفسه لـ"نظريّة" استخدام حركة حماس المستشفيات، في خلال استهداف جيشه مجمّع الشفاء الطبي في مدينة غزة (شمال) الذي يُعَدّ أبرز المنشآت الطبية في القطاع ككلّ وأكبرها، وذلك في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 ولاحقاً في خلال عام 2024. وفي سبيل ذلك، لجأ إلى تزوير وقائع وتسجيلات من أجل دعم ادّعاءاته. وفي نهاية المطاف لم يتمكّن من تقديم أيّ دليل دامغ على وجود مركز قيادة لحركة حماس في أنفاق تحت مبنى المجمّع الطبي. الأمر نفسه تكرّر مع مستشفيات أخرى، في حين أنّ هاغاري وغيره ما زالوا مصرّين على الاستناد إلى الأدلة الواهية نفسها.

وأشارت وكالة أسوشييتد برس، إلى أنّ لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة خلصت، في تقرير أصدرته في شهر أكتوبر الماضي، إلى أنّ "إسرائيل نفّذت سياسة منظمة لتدمير منظومة الرعاية الصحية في قطاع غزة". ووصفت اللجنة ما ترتكبه إسرائيل في حقّ المستشفيات بأنّه "عقاب جماعي ضدّ الفلسطينيين في قطاع غزة".

في ختام تحقيقهم، بعدما لم يتمكّن صحافيو وكالة أسوشييتد برس الثلاثة من الجزم بأنّ ادّعاءات الاحتلال الإسرئيلي التي تزعم أنّ حركة حماس تستخدم مستشفيات قطاع غزة إذ لا أدلّة تُذكَر على ذلك، لفتوا إلى أنّ ثمّة مرضى صاروا يخشون المستشفيات، فيرفضون التوجّه إليها أو يغادرونها قبل استكمال علاجاتهم. وينقلون عن الفلسطيني أحمد القمر (35 عاماً) الخبير الاقتصادي في مخيم جباليا للاجئين شمالي القطاع، أنّه يخاف من اصطحاب أطفاله إلى المستشفى. وإذ شدّد القمر على أنّ المستشفيات "أماكن للموت"، أكد "يمكنك الشعور بذلك".

كذلك نقل صحافيو وكالة أسوشييتد برس عن زاهر سحلول، رئيس شركة "ميد غلوبال" للخدمات الصحية الذي عمل كذلك في قطاع غزة وسط الحرب الإسرائيلية عليه، قوله إنّ الشعور بالأمان الذي ينبغي أن يحيط بالمستشفيات قد "دُمّر". أضاف أنّ "هذه الحرب صارت ندبة في ذهن كلّ طبيب وممرضة".

(العربي الجديد، الأناضول)

المساهمون