أكد نائب رئيس الوزراء في الحكومة الفلسطينية المقالة بغزة، زياد الظاظا، في حوار تلفزيوني مع "العربي الجديد" أن التصالح مع القيادي المفصول من حركة "فتح" المقيم في دولة الإمارات محمد دحلان، غير مطروح حالياً، وهو مشروط بعودة الأخير عن سياساته الخاطئة.
وقال الظاظا إن هناك شروطاً للتصالح مع دحلان، أهمها الالتزام بالثوابت الفلسطينية والحريات العامة وحقن الدماء، مؤكداً أن الخلاف بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ودحلان أمر داخلي في حركة فتح لا علاقة لحماس وحكومتها به.
وفي موضوع آخر، لفت الظاظا إلى أن الاتصالات مع القناة الأمنية في مصر مستمرة، وتخفت أحياناً وتزيد أحياناً أخرى، غير أنه أكد عدم تفهم الحكومة والشعب الفلسطيني في غزة لإغلاق معبر رفح لفترات طويلة تحت أي حجة أو مبرر.
وبينّ أن إغلاق المعبر، يعطي مؤشرات سلبية للفلسطينيين، ويؤثر سلباً على غزة ويزيد من الحصار الذي تفرضه إسرائيل، كما أنه يقيد حركة الطلبة والمرضى ويوقف معاملات أصحاب الحاجة.
وشدد على أن ضغوطا صهيونية وأميركية تقف وراء تعطيل المصالحة مع السلطة الفلسطينية في رام الله، منوها بأن حماس مستعدة لدفع الاستحقاقات التي اتفق عليها سابقا مع فتح مباشرة. ودعا الظاظا الرئيس محمود عباس إلى وقف المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي، والالتفات إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية حتى إنهاء الانقسام.
وعن العلاقة مع إيران، أكد نائب رئيس الحكومة المقالة أن الخطوط مفتوحة، وان رئيس المكتب السياسي خالد مشعل سيزور إيران عندما تكون هناك مصلحة للقضية الفلسطينية بذلك.
وفيما يلي النص الكامل للحوار:
* العلاقة مع مصر إلى أين وصلت الآن؟
- علاقتنا مع مصر الشقيقة، كعلاقتنا مع كل الدول العربية والإسلامية، علاقة قائمة على الاحترام المتبادل ونحن نكن كل التقدير لمصر العروبة والإسلام والتاريخ والحاضنة للقضية الفلسطينية. أية إشكاليات تحدث هي طارئة وزوبعة في فنجان. ولا يزال التواصل عبر نفس القنوات السابقة.
* لكن أكثر من مسؤول حكومي وقيادي بحماس قالوا إن الاتصالات بالحد الأدنى حالياً؟
- التواصل كان ولا يزال من خلال جهاز المخابرات المصرية، كنا سابقاً وما زلنا نتأمل أن يكون هناك تواصل سياسي حكومي ورسمي، نأمل من إخواننا في مصر أن لا يتساوقوا بصورة أو بأخرى مع الحصار على غزة، وأن يفتحوا معبر رفح الفلسطيني المصري ليكون بوابة للاقتصاد الفلسطيني على العربي والدولي، وليكون بوابة للإنسان الفلسطيني ليتحرك بشكل طبيعي.
* هناك حديث ان الاتصالات قليلة جداً بعكس السابق؟
- الاتصالات كما هي، بنفس المستوى السابق، تنقص أو تزيد وفق الأحداث على الساحة والتطورات الميدانية، وخاصة لجهة التصعيد الإسرائيلي.
* لكن مصر أرسلت رسالة قرأها البعض على أنها سلبية، عبر تجاهلها لكم كحكومة عند تثبيت التهدئة قبل شهر، واتصلت بالجهاد الإسلامي؟
- ليس الأمر تجاهلاً، لا أحد يستطيع تجاهلنا وتجاهل المقاومة الفلسطينية، الإخوة في مصر، في موضوع تثبيت التهدئة شعروا بأنه لا بد من التواصل مع الأخوة في الجهاد الإسلامي، نحن تعاملنا مع الأمر بحسن النية وليس سوء النية. نكن لمصر كل التقدير، والجهاد الإسلامي كذلك إخواننا ولم يُغضبنا الأمر.
*إغلاق معبر رفح.. طوال هذه المدة، ماذا ينتج منه؟
- إغلاق معبر رفح على الشعب الفلسطيني خطيئة غير قابلة للفهم، نحن لا نستطيع أن نتفهم عمليات إغلاق معبر رفح، بأي حجة وأي تفسير، أمننا القومي ومصر واحد.. ثقافتنا واحدة، لدينا علاقات مصاهرة كبيرة بين الشعبين. هذا الإغلاق يعطي مؤشرات سلبية، ويؤثر سلباً على شعبنا ويزيد من الحصار المفروض علينا من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ويقيد حركة الطلبة والمرضى ويوقف أصحاب الحاجة.
* بدأتم قبل أشهر بما أسميتموه هجوم المصالحة على فتح، لكنكم توقفتم لماذا؟
- كما ذكرت، كان "هجوم" مصالحة، نحن معنيون بالمصالحة والمصالحة أساس وقرار نهائي بالنسبة للحكومة في غزة، ونحن مستعدون لدفع الاستحقاقات مباشرة، لأن المصلحة تقتضي ذلك. لا بد أن نشحذ ونجمع كل إمكانيات الشعب الفلسطيني من أجل تحرير الأرض والإنسان. قلنا وفق الاتفاقات المعقودة مع حركة فتح لا بد من تطبيق هذه الاتفاقيات رزمة واحدة. هناك تلكؤ من قبل السيد محمود عباس حول الأمر ربما لضغوط صهيونية وأميركية، وربما من أجل ضمان استمرار تمويل السلطة.
قلنا لفتح، مستعدون أن نتقدم خطوات وخطوات بهذا الإطار، وأن نتجاوز بعض العقبات. وبدأ هناك تواصل مع فتح، والتقينا بهم، وقلنا تعالوا نشكل لجاناً للتطبيق، فهناك مسائل ما زالت بحاجة إلى مناقشة كسلاح المقاومة والحصار والأجهزة الأمنية في غزة والموظفين، نحن ننتظر الرئيس محمود عباس أن يرسل موافقته على تشكيل اللجان لننطلق.
خطونا خطوات أخرى نحو المزيد من تهيئة المناخ والحريات في البلد، عرضنا عليهم الانتخابات، لا سيما الانتخابات الطلابية والنقابات وحتى البلديات حتى الوصول إلى موضوع الحكومة. الفصائل طلبت تأجيل انتخابات الهيئات الطلابية حتى بداية العام الدراسي المقبل.
* فُهم مؤخراً.. أن هناك محاولة للتصالح بين دحلان وحماس والحكومة؟
- هذا كلام عار عن الصحة. نحن فتحنا الباب لعودة جميع العناصر الفتحاوية التي خرجت خلال الحسم إلى غزة، ولا علاقة لنا بالخلافات الداخلية في فتح.
* لكن عودة بعض المحسوبين على دحلان، فهمت على أنها رسالة تصالح مع دحلان؟
- مستعدون للتصالح مع أبناء شعبنا، الاختلاف والتباين موجود مع فتح، من يمثل فتح نتصالح معه. والسيد عباس هو الذي يمثل فتح، محمد دحلان أعتقد يحتاج الموضوع إلى نقاش مطول، ليس وقته الآن وهو أمر غير مطروح حاليا.
متى يمكن أن يثوب دحلان ويعود إلى الحضن الفلسطيني في الثوابت والحريات وحماية الدماء وحقنها، سنقول له أهلا وسهلاً. أما إذا بقي على ما هو عليه فهو من يجني على نفسه.
* الإمارات أوقفت مؤخراً مشروع تمويل مدينة الأسرى بغزة هل أبلغتم بالأسباب؟
- بعيداً عن الكلمات المنمقة، لا نتفهم لماذا أوقفت الإمارات هذا المشروع، ولم نبلغ بالأسباب ولم نجد تفسيراً لهذا الموضوع حتى الآن.
* ماذا عن العلاقة مع إيران، هل عادت إلى وضعها السابق؟
- إيران دولة إسلامية وإقليمية وازنة، وهي دولة لها اعتبار في المنطقة، من حقنا أن نتعامل مع كل الدول العربية والإسلامية والدول التي نراها مستعدة للتجاوب معنا ما عدا الاحتلال الإسرائيلي طبعا، العلاقة لم تنقطع بينا وبين إيران، صحيح كان هناك بعض من الفتور نتيجة الظروف والربيع العربي والأزمة السورية، لكن هذه أمور طبيعية في العلاقات، لكن تبقى العلاقة واضحة ومقدرة. نريد من الجميع أن يتقدم بالمساهمة في عملية التحرير لفلسطين وللشعب الفلسطيني ومنهم إيران.
* لكن هل عاد الدعم الإيراني للحكومة في غزة؟
- الدعم العربي والإسلامي، بما في ذلك الدعم الإيراني، يكون من الشعوب عادة. هذا الدعم يختلف من شهر إلى شهر ومن فترة إلى أخرى. الأحداث الموجودة في المنطقة العربية تؤثر علينا، أصبحت الهموم العربية أكثر. صحيح الدعم قل علينا نتيجة الأسباب الموضوعية، ونأمل أن يعود لطبيعته قريباً.
* هل هناك زيارة مرتقبة للسيد خالد مشعل إلى إيران؟
- أكيد.. الخط مفتوح، والطريق ممهدة، والإخوة في إيران يرحبون بزيارات القيادات الفلسطينية في حماس وفصائل المقاومة المختلفة. السيد خالد مشعل لن يتردد بالقيام بزيارة في الوقت المناسب وفي الوقت الذي يحدده هو، وأن تكون هناك مصلحة للشعب الفلسطيني من هذه الزيارة.
*هل تشعرون بالندم على خوض غمار قيادة حكومة في غزة؟
- هذا لم نشعر به، لم يخالج هذا الشعور أحداً منا. نحن ندير أعمالنا من خلال مؤسسة قيادية وشورية، ونصل للقرار بعد دراسته وتقدير المواقف، بالعكس من خلال الحكومة خدمنا الشعب والمقاومة. الحكومة خدمت المقاومة بتوفير أماكن للتدريب لها، وحماية ظهرها واعتبار سلاحها سلاحاً شرعياً. الحكومة تتحمل التبعات الناتجة عن ردود الأفعال الصهيونية والأميركية الناجمة عن ذلك.
*خطاب هنية قبل أيام كان يحمل رسائل شديدة.. لأول مرة تحدث بهذه الطريقة الملفتة عن المقاومة وقدراتها؟ هل هذا يعني أنكم تتوقعون حرباً قوية ضد غزة؟
- الرسائل واضحة من المهرجان وخطاب رئيس الوزراء إسماعيل هنية، الأهم منها أن المقاومة خيارنا وطريقنا، وأن المفاوضات والطريقة السلمية ليست طريقنا، هذه مفاوضات عبثية بل لا تستحق أن ينظر إليها إلا بالريبة وهي مرفوضة شكلاً ومضموناً.
أما عن العدوان، فشعبنا يتوقع الغدر والعدوان دوماً من الاحتلال، وخاصة في ظل التصريحات المتصاعدة من الاحتلال الصهيوني، ونحن نقول لهم: لا وزن ولا قيمة للتهديدات والتلويح بضرب غزة إن كان الهدف منها تركيعنا. كما كانت الرسالة واضحة، أننا لسنا أصحاب كراسٍ، خذوا كل شيء واتركوا لنا الوطن.
* هناك من يقول إنكم بموقفكم السلبي من المفاوضات تزيدون الضغوط على الرئيس عباس؟
- عباس يعرف مقدماً أنه لن يصل لنتيجة من المفاوضات، نحن لسنا من الذين يذهبون مع الجميع إلى حظيرة الاحتلال، نحن من الذين يحاربون وجود حظيرة للاحتلال في بلادنا. لا مجال لقبول المفاوضات مع الاحتلال.
ونحن نرفض خطة (وزير الخارجية الأميركي جون) كيري للتسوية مع الاحتلال، هذه الخطة تسعى لإقامة دولة فلسطينية هامشية غير قابلة للحياة وبلا سلاح وأراضيها مصادرة ومحتلة وجوها ومياهها بيد الاحتلال. والأهم أنهم يريدون إعطاء أبو مازن جزءاً من القدس الشرقية المحتلة. هذا غير مقبول وطنياً.
* أيضاً هناك من يتهمكم برفض المفاوضات لأنها تتم من دونكم؟
- لا يمكن أن نفاوض الاحتلال بطريقة مباشرة أبداً، يمكن فقط أن نفاوضه بطريقة غير مباشرة على تهدئة. ولن نقبل بالأوطان البديلة ولن نقبل بالتنازل عن حقوقنا. لا تنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني حتى لو طحنّا. دماؤنا دون التنازل عن فلسطين رخيصة.
* إذا قرر الرئيس عباس العودة عن المفاوضات، هل ستساندونه؟
- بالتأكيد، كل من يترك التفاوض على الحق الفلسطيني وينحاز إلى خيار الشعب الفلسطيني سنقف معه، نحن ندعوه لترك المفاوضات فوراً والالتفات إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية حتى إنهاء الانقسام.