تحدي الحفاظ على وحدة وسيادة سورية

05 يناير 2025
عناصر من "قسد" بدير الزور، 4 سبتمبر 2023 (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه الإدارة الجديدة في سوريا تحديات كبيرة للحفاظ على وحدة الأراضي السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، مع ضرورة منع تقسيم البلاد وضمان سيادتها واستقلالها.
- يعتمد النجاح على إقناع المليشيات والفصائل بالانخراط في مؤسسات الدولة، خاصة العسكرية، وسط خلافات مع قوات سوريا الديمقراطية والفصائل المدعومة من تركيا، مما يهدد بصراعات مستقبلية.
- تتفاقم التحديات مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي وتركيا في التدخل، مما يضعف قدرة الإدارة الجديدة على تحقيق سيادة كاملة على الأراضي السورية.

تواجه الإدارة الجديدة لسورية بعد سقوط نظام بشار الأسد تحدياً جدياً يتعلق بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية، سواء لناحية سيطرة الدولة على كامل الأراضي ومنع أي توجه لتقسيم البلاد، أو لناحية ضمان عدم قضم أي مساحات منها لصالح أي من دول الجوار، بما يضمن سيادة واستقلال الدولة السورية المنشودة.

ويعتمد نجاح الإدارة الجديدة بتجاوز هذا التحدي على عاملين رئيسيين؛ الأول يتمثل في إقناع المليشيات والفصائل خارج إطار تحكم هيئة تحرير الشام، والتي تسيطر على قطاعات جغرافية من الأراضي السورية، بالانخراط ضمن مؤسسات الدولة، خاصة فيما يتعلق بالمؤسسة العسكرية، وهو أمر لا يزال حتى الآن موضع أخذ ورد بين بعض تلك الفصائل وإدارة العمليات العسكرية. ففي جنوب البلاد لا تزال مشكلة اللواء الثامن، المدعوم من كل من الإمارات وروسيا، موضع جدال لناحية قبول قائد الفصيل أحمد العودة حل فصيله والانخراط بشكل كامل ضمن وزارة الدفاع التابعة للإدارة الجديدة، وكذلك الأمر بالنسبة للفصائل المحلية في محافظة السويداء التي لا تزال إلى الآن ترفض تسليم سلاحها إلى حين ظهور شكل دولة ترضى بها.

وفي شرق سورية لا تزال قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تسيطر على نحو ثلث مساحة سورية بدعم أميركي. ورغم المفاوضات بينها وبين الإدارة الجديدة إلا أنها لا تزال تتحدث بمطالب تؤسس لانفصال أكثر من تأسيسها لدولة، مثل مطلب أن تنضم "قسد" ككتلة مستقلة وبتبعية شكلية لوزارة الدفاع، من دون أن يكون لأي جهة سلطة عليها، إضافة إلى طلبها نصف إنتاج النفط السوري في مناطق سيطرتها، وشروط أخرى لا يمكن للقائمين على الإدارة الجديدة القبول بها، ما ينذر بصراع عسكري مع تلك القوات.

أما في شمال سورية فلا تزال هناك خلافات بين الإدارة الجديدة وبعض الفصائل، المدعومة من تركيا، والتي تسيطر على ريف حلب الشمالي، والتي تتهم الأولى بتهميشها وعدم إعطائها الدور الذي تستحقه ضمن الإدارة الجديدة، ما يخبئ صراعاً ربما يكون مؤجلاً مع تلك الفصائل. وحتى في غرب سورية لا تزال فلول النظام تتحصن بسلاحها في بعض جبال الساحل السوري، فيما تقوم إدارة العمليات العسكرية بحملات أمنية للقبض عليهم. إن تحدي استعادة وحدة الأراضي السورية والخطر المحدق بها من جهاتها الأربع يحمل خطر تقسيم البلاد، ما لم تنجح الإدارة الجديدة في كسب هذا التحدي والحفاظ على وحدة البلاد.

وعلى الطرف الآخر لا تزال قوات الاحتلال الإسرائيلي تقضم يومياً أراضي سورية دون أي رد فعل من الإدارة الجديدة، ولا أي رد فعل دولي. كما أن سعي تركيا لترسيم حدودها البحرية مع سورية قبل قيام حكومة منتخبة، يؤسس لتدخلات خارجية تمس السيادة السورية ويضعف من قدرة الإدارة الجديدة على إنشاء دولة بكامل حدود سورية وبسيادة كاملة على كل أراضيها.