إيلون ماسك في خدمة الفاشيين... انزعاج أوروبي من دعمه اليمين المتطرف

10 يناير 2025
ترامب وماسك في تكساس، 19 نوفمبر 2024 (براندون بيل/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- عودة ترامب وتأثيرها على السياسة الدولية: فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة للمرة الثانية أثار ترحيبًا من حلفاء واشنطن، لكنه أثار قلقًا في دول أوروبية مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا بسبب سياساته وفريقه الشعبوي.

- إيلون ماسك ودعمه لليمين المتطرف: ماسك، بدعمه لحملة ترامب، استخدم منصته للترويج لليمين المتطرف وانتقاد زعماء سياسيين، مما أثار جدلاً واسعًا.

- ردود الفعل الأوروبية: انتقد المسؤولون الأوروبيون دعم ماسك لليمين المتطرف، داعين لتطبيق قوانين صارمة لحماية المساحة العامة، مما يعكس القلق المتزايد من تأثيره.

بينما سارع معظم زعماء العالم، لا سيما من حلفاء واشنطن، للترحيب بفوز دونالد ترامب رئيساً للبيت الأبيض للمرة الثانية، وبلغ الأمر أحياناً حد التسابق للتقرّب من رجل الأعمال الشعبوي الذي يستمر بإثارة الجدل منذ ولايته الأولى بين 2017 و2021، مروراً بحملته لانتخابات 2024، وصولاً إلى تصريحاته "التوسعية" الأخيرة استباقاً لتنصيبه بعد عشرة أيام، يبدو أن الحلفاء أنفسهم بدأوا يستشعرون وطأة وصول ترامب إلى الحكم في ظل اختياره فريقاً من رجال أعمال لإدارته المقبلة لا يقل شعبوية واستفزازاً عنه، تحديداً من قبل الملياردير إيلون ماسك الذي موّل حملة ترامب التي قادته إلى البيت الأبيض مجدداً، والذي بلغ استفزازه وتحريضه حد التدخل بالشؤون الداخلية لدول في الاتحاد الأوروبي لصالح أطراف تنتمي إلى اليمين المتطرف في هذه الدول. قوبل هذا التمادي حتى الآن بالرفض والقلق، لا سيما من فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وألمانيا، من دون أن يصل إلى مرحلة الوقوف بوجه ترامب نفسه، رغم أن الضغط الداخلي على هؤلاء الزعماء يزداد لاتخاذ إجراءات ومواقف متناسبة، لا سيما مع صعود اليمين المتطرف في بلادهم.

وبدأ دور أغنى رجل في العالم ومالك شركتي تسلا لصناعة السيارات وسبيس إكس التقنية لاستكشاف الفضاء، والمستحوذ على منصة إكس (تويتر سابقاً) منذ 2022، يتزايد منذ أن انضم إلى ترامب في حملته الانتخابية ممولاً رئيسياً لها قبل أن يسخر جهوده لمساعدة الرئيس الأميركي السابق في العودة إلى البيت الأبيض ويكافئه الأخير بعد فوزه باختياره إلى جانب المرشح الرئاسي الجمهوري السابق فيفيك راماسوامي لتولي قيادة وزارة استحدثها وأطلق عليها اسم وزارة الكفاءة الحكومية. ويعوّل ترامب على ماسك، الذي تقول وسائل إعلام أميركية إنه يرافقه في كل مكان، على تنفيذ أجندته للسنوات الأربع المقبلة، رغم أن ثبيت ماسك في منصبه بالحكومة الأميركية يحتاج لموافقة الكونغرس في مقبل الأيام.

أبدى ماسك تأييده انتخاب حزب البديل من أجل ألمانيا

وبدا واضحاً أن تجرؤ ماسك على القفز فوق أدواره الرسمية، من خلال الترويج عبر منشورات في منصة يمتلكها، لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، وأخرى مناهضة لرئيس الوزراء البريطاني وزعيم حزب العمال كير ستارمر، قد شجّعت عليها تصريحات ترامب التي تبشر بعصر من التخريب والفوضى على الساحة الدولية. فالأخير يكرر منذ فوزه في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، التلويح بنيته السيطرة على قناة بنما، وغرينلاند، وضم كندا لتكون الولاية الأميركية الـ51، وفرض رسوم جمركية على جارتي بلاده كندا والمكسيك، إلى جانب توعّد الشرق الأوسط مراراً بـ"جحيم" إذا ما عُرقلت خطط إدارته، تحديداً بما يخص إسرائيل.

إيلون ماسك يؤيد اليمين المتطرف

وبعد دعوات مثيرة للجدل أطلقها إيلون ماسك لصالح "حزب البديل لأجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، منذ أسابيع، في ظل بدء التحضيرات للانتخابات العامة الألمانية المبكرة، في فبراير/ شباط المقبل، بادر مالك "إكس" لاستضافة زعيمة الحزب أليس فايدل على المنصة نفسها (السابعة مساء أمس الخميس بتوقيت ألمانيا)، باللغة الإنكليزية، حول موضوع حرية التعبير، وأفكار حزب البديل من أجل ألمانيا، حسب ما أعلن متحدث باسم فايدل، دانييل تاب، قبل أيام. وقال تاب إن هناك اتصالات منتظمة بين فريق إيلون ماسك وحزب البديل من أجل ألمانيا منذ أشهر، رغم أنه لم يحصل لقاء شخصي بين فايدل وماسك.

وفي أحد المنشورات، دعا ماسك الملك تشارلز الثالث إلى حل البرلمان وطلب إجراء انتخابات جديدة في بريطانيا. وطالب بسجن وزيرة حماية الأطفال في حكومة ستارمر جيس فيليبس، ووصفها بـ"الشر الخالص" و"المخلوق الشرير". كما قال، الاثنين الماضي، إنه يجب أن يكون ستارمر في السجن أيضاً، معتبراً أنه "متواطئ في اغتصاب بريطانيا"، وذلك "لفشله في التصدي لعصابات استدراج الأطفال أثناء توليه منصب الادعاء العام". و في وقت سابق الأسبوع الحالي، أعاد نشر منشور تضمن تقريراً لصحيفة إسبانية بشأن زيادة مزعومة في عدد مرتكبي الاعتداءات الجنسية، وهم من الأجانب في منطقة كتالونيا، وكان تعليقه الوحيد هو "مذهل".

جدل مستمر

وقد تسببت منشورات إيلون ماسك هذه، التي تصل على "إكس" إلى أكثر من 210 ملايين مستخدم حول العالم يتابعونه هناك ويعيدون نشر منشوراته، إلى جانب تقارير حول تدخلات أخرى، بإثارة جدل منذ أسابيع. وبرز، أمس، إعلان رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، زعيمة حزب إخوة إيطاليا (فراتيلي ديتاليا) أحد أحزاي اليمين المتطرف في أوروبا، أنه ليست لديها معلومات عما إذا كان ماسك أدى دوراً في إطلاق سراح الصحافية الإيطالية سيسيليا سالا من الاحتجاز في إيران، أول من أمس. وكانت تقارير ربطت هذا الأمر بوعود من ماسك، في ملف صفقة محتملة لاستخدام شركته ستارلينك لتوفير اتصالات آمنة للجيش الإيطالي بقيمة 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار)، وهو ما تنصلت منه ميلوني أمس. ورداً على ما جرى تداوله أخيراً عن أن إليزابيتا بيلوني، رئيسة وكالة الاستخبارات الإيطالية، قد استقالت بعد أربعة أيام من اعتقال سالا، الشهر الماضي، بسبب خلافات في الملف، قالت ميلوني إن ترك بيلوني منصبها (الأسبوع المقبل) لا علاقة له باحتمال توقيع اتفاق مع "ستارلينك"، نافية تهميشها في الجهود الرامية إلى إطلاق سراح الصحافية.

أما في ألمانيا، فاعتبر 59% من الألمان، في استطلاع للرأي أجراه معهد يوغوف لقياس مؤشرات الرأي بتكليف من وكالة الأنباء الألمانية أول من أمس، أن توصية إيلون ماسك بانتخاب حزب البديل من أجل ألمانيا تمثل فائدة للحزب. ودعا كثير من المشاركين في الاستطلاع إلى تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي لمنع التدخل من الخارج. وقال 63% من الألمان إنهم سيؤيدون مثل هذه الخطوة جزئياً على الأقل. من جهة أخرى، وفي الوقت الذي يواجه فيه رئيس الوزراء البريطاني الذي وصل إلى السلطة في يوليو/ تموز الماضي انتقادات من الإعلام البريطاني والمعارضة، وحتى داخل حزب العمال نفسه، بأنه لم ينفذ التغيير الذي وعد به، لا سيما في الجانب الاقتصادي وسط انخفاض الثقة في قطاع الأعمال، ذكرت صحيفة ذا إندبندت البريطانية، أمس، أن ستارمر يتعرض لضغوط في بريطانيا لمنع وصول ماسك إلى العقود الحكومية والتمويل، في ظل "هجماته (ماسك) المتكررة على رئيس الوزراء وفريقه". وأوضحت أن شركات الملياردير الأميركي تلقت أكثر من 190 مليون جنيه إسترليني من أموال دافعي الضرائب البريطانيين منذ عام 2016.

سانشيز: اليمين المتطرف الدولي يهاجم مؤسساتنا علانية

زعماء أوروبيون قلقون

وكانت منشورات إيلون ماسك أجبرت العديد من المسؤولين الأوروبيين على انتقادها، والتنديد بدعم اليمين المتطرف في أوروبا. وأول من أمس، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أنه "إما أن تطبّق المفوضية الأوروبية بأقصى قدر من الحزم القوانين التي وضعناها لأنفسنا لحماية مساحتنا العامة، أو لا تفعل ذلك، وعندئذ سيكون عليها أن توافق على إعادة القدرة إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على القيام بذلك". من جهته، قال ستارمر، الاثنين الماضي، إنه "عندما يؤدي سُمّ اليمين المتطرف إلى تهديدات خطيرة ضد جيس فيليبس وآخرين، فإنني أرى أنه جرى تجاوز الحد". بدوره، قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، أول من أمس، أمام جمهور عام في خطاب ألقاه في مدريد، أن اليمين المتطرف الدولي "يهاجم مؤسساتنا علانية، ويثير الكراهية"، و"يقودها في هذا الخصوص أغنى رجل في العالم"، من دون أن يذكر ماسك بالاسم.

أما المستشار الألماني أولاف شولتز الذي ينتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، فقال لمجلة شتيرن الألمانية، السبت الماضي، إنه على الرغم من أنه "غير منزعج من هجوم ماسك عليه وعلى السياسيين الألمان الآخرين، فإن دعمه اليمين المتطرف يثير القلق"، معتبراً أن "الأكثر خطورة من تلك الإهانات هو حقيقة أن ماسك يدعم حزباً يمينياً متطرفاً جزئياً مثل حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي يدعو إلى التقارب مع روسيا، ويسعى إلى إضعاف العلاقات عبر حلف شمال الأطلسي".
(العربي الجديد، رويترز، فرانس برس، أسوشييتد برس)