ادّعت مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون على المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، بتهمة التمرّد وعرقلة التحقيق في قضية حاكم المصرف المركزي رياض سلامة.
وحدد قاضي التحقيق الأول نقولا منصور جلسة الأسبوع المقبل للاستماع إلى اللواء عثمان، وذلك بعد اتهامات وجهت إليه من قبل القاضية عون بأنه منع تنفيذ مذكرة الإحضار التي أصدرتها بحق سلامة، إثر رفضه الامتثال أمامها وحضور الجلسات في الشكوى المقامة ضده من قبل الدائرة القانونية لمجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام" بجرائم تتعلق باختلاس وتبديد المال العام على منافع شخصية، والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال.
ولم يحضر سلامة، أمس الثلاثاء، الجلسة الرابعة التي تحددت للاستماع إليه في شكوى "الشعب يريد إصلاح النظام"، وقد داهمت قوّة من جهاز أمن الدولة ثلاثة مواقع لحاكم مصرف لبنان: منزلين، يقع الأول منهما في منطقة الرابية والثاني في الصفرا، إضافة إلى مكتبه في مقر البنك المركزي في الحمرا – بيروت، بيد أن مواجهة كادت تحصل في الرابية قضاء المتن بين أمن الدولة وعناصر في قوى الأمن الداخلي المولجين حماية سلامة قبل أن يغادر الفريق الأول المكان "خالي اليدين".
وتفاقمت رقعة الاشتباك السياسي من جديد اليوم بين فريق رئيس الجمهورية المحسوبة عليه القاضية غادة عون وتيار المستقبل (يتزعمه سعد الحريري) المحسوب عليه اللواء عثمان، والمقرب أيضاً إلى سلامة، الذي سارع أمس إلى الهجوم على الرئيس ميشال عون وإلى اتهامه بالوقوف وراء المداهمات الأمنية بطلب مباشر وشخصي إلى رئيس جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا الذي يُحسَب عليه، وذلك لغايات انتخابية بالدرجة الأولى.
"المستقبل": عدلية خاصة للتيار الوطني الحر
وعلى وقع خطوة القاضية غادة عون اليوم تحرك تيار المستقبل مرة جديدة، موجهاً سهاماً مباشرة إلى الرئيس ميشال عون عبر بيانٍ اعتبر فيه أن "رئيس الجمهورية قرر مغادرة موقع الرئاسة في قصر بعبدا والالتحاق بالجنرال ميشال عون في الرابية (مقره قبل الرئاسة) للمشاركة في معارك التيار الوطني الحر (يتزعمه صهر عون النائب جبران باسيل) لضرب مؤسسات الدولة الشرعية".
وأشار "المستقبل" في بيانه إلى أن "رئيس جمهورية الرابية وتوابعها يعلن النفير العام لخوض الانتخابات النيابية، ويفتح لحساب تياره السياسي عدلية خاصة تقف على رأسها غادة عون"، مشدداً على أن "استهداف قيادة قوى الأمن الداخلي بعد حاكمية مصرف لبنان بهذا الشكل الفج والمريب هو أمر مرفوض بكل المقاييس"، ومؤكداً أن "محاولة النيل من اللواء عثمان لن تمر مهما جيشوا إلى ذلك سبيلاً".
من جهتها، اتصلت رئيسة "كتلة المستقبل" النيابية النائبة بهية الحريري، باسمها وباسم الكتلة، برئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي واطلعت منه على مسار الادعاء على اللواء عثمان من قبل القاضية عون.
وبحسب بيان "الكتلة" فقد أكد ميقاتي موقفه الرافض لتصرفات القاضية عون وأن اللواء عثمان قام بكامل واجباته وكان على تنسيق كامل معه ومع وزير الداخلية والبلديات، كما أشاد بمناقبية وحسن أداء اللواء عثمان، واعتبر أن هذا الادعاء "محض افتراء ولا يمت للحقيقة بصلة".
وشدد ميقاتي للنائبة الحريري على أنه سيتابع شخصياً هذا الموضوع مع وزير العدل ومدعي عام التمييز لوقف هذا التمادي بالاعتداء على مؤسسات الدولة وهيبتها وكرامات القيمين عليها.
بدورها، أكدت الحريري لميقاتي أن كتلة المستقبل لن تسكت عن هذه التجاوزات التي من شأن الاستمرار فيها أن يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، بحسب البيان.
وقالت إن "الكتلة ستتابع هذه القضية ضمن مختلف الأطر وصولاً إلى طلب جلسة مناقشة نيابية عامة لمساءلة وزير العدل (هنري خوري من حصة عون الوزارية) عن الارتكابات التي تقوم بها القاضية عون".
وكانت قوى الأمن قد أوضحت في بيان أمس أنها لم تمنع دورية المديريّة العامة لأمن الدولة من تنفيذ مذكّرة الإحضار بحقّ حاكم مصرف لبنان، حيث إنّ نقطة قوى الأمن الداخلي موضوعة منذ فترة بأمرٍ من الرؤساء لحماية الحاكم من أيّ تهديد أمني، وبخاصّةٍ بعد ورود معلومات بهذا الخصوص.
وأشارت إلى أن "هذه النقطة الأمنيّة عناصرها غير مخوّلة التدخلّ، أو التبليغ، أو حتّى منع تنفيذ أيّ مذكّرة رسميّة، وهذا ما تمّ التأكيد عليه في اتّصال أجراه المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان بالمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، وذلك في إطار التنسيق المستمرّ بينهما".