أصدرت "المدعي العام في جبل لبنان" القاضية غادة عون، عصر اليوم الثلاثاء، قرارا قضى بإحضار حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة جبرا بواسطة القوى العامة، حيث كلفت "جهاز أمن الدولة" بالقبض عليه وسوقه إليها قبل 24 ساعة من موعد جلسة جديدة لاستجوابه حددت موعدها في 15 فبراير/ شباط الجاري.
وقد صدر عن الدائرة الإعلامية لمجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام" بيان أشار إلى أن قرار الإحضار أتى بناء على الشكوى الجزائية المقدمة من الدائرة القانونية للمجموعة ضد سلامة أمام النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان بجرائم "الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال وتبديد المال العام على منافع شخصية".
كما أتى القرار "بعد صدور قرار بمنع سفر حاكم مصرف لبنان، وقرار آخر بقيد إشارة منع تصرف على آلياته وعقاراته، وفي ظل تمنعه عن حضور جلسات التحقيق رغم تبلغه مرات ثلاث".
المجموعة أضافت في بيانها أنها تتحضر "لرفع سقف المواجهات القضائية محليا ودوليا في ظل مثابرة النيابتين العامتين التمييزية والمالية على التخلي عن مهامهما القانونية والتغافل عن القيام بما يلزم قضائيا حماية للحق العام والمال العام المستباح من حاكم المصرف المركزي وزمرته من المصارف المحسوبة يقينا على الطغمات السياسية، رغم الانهيار الكلي للوضع المالي للدولة، وتدهورت بنتيجته بصورة فادحة جدا معيشة اللبنانيين والسطو على أموال المودعين".
ويأتي قرار القاضية بعد يوم من إعلان رئيس الجمهورية ميشال عون، أمس الاثنين، أنه "من الواضح أن إدارة مصرف لبنان لديها ما تخفيه، وبالتالي يجب علينا مواصلة المزيد من التدقيق"، ليصدر بعد ذلك بيان عن المصرف المركزي قال فيه إن "شركة مراجعة الحسابات إيه اند إم يجب أن تبدأ عملها".
ووعد الرئيس عون، أمس الاثنين، بأن إجراء تدقيق لمصرف لبنان المركزي، وهو أمر حاسم للإنقاذ المالي، من شأنه أن يخضع المصرف للمساءلة، على الرغم من الجهود المبذولة للحد من التحقيق.
ويعد هذا التدقيق شرطا كي يحصل لبنان على مساعدات خارجية لمساعدته على التعافي من الانهيار المالي الذي وصفه البنك الدولي بأنه أحد أشد حالات الكساد الاقتصادي في العالم، بحسب "رويترز".
وكان اتحاد موظفي مصرف لبنان المركزي قد قال هذا الشهر إنه لا يريد تسليم البيانات الشخصية إلى شركة استشارات إعادة الهيكلة "ألفاريز أند مارسال"، الأمر الذي قد يعرقل محاولات إجراء تدقيق جنائي.
وقال المكتب الإعلامي للرئيس اللبناني، في بيان، إن "رئيس الجمهورية يرصد المحاولات الأخيرة لتذليل العقبات المصطنعة لثني شركة التدقيق المحاسبي الجنائي عن مباشرة عملها"، مضيفا أن "رئاسة الجمهورية تأمل ألا يكون الرهان قد أصبح مكشوفا بأن لدى حاكمية مصرف لبنان ما تخفيه في حسابات مصرف لبنان".
وقال بيان المكتب الإعلامي: "سبق لرئيس الجمهورية أن حذر من المماطلة المتعمدة التي ينتهجها مصرف لبنان لجهة تسليم البيانات المطلوبة كاملة من شركة التدقيق المحاسبي الجنائي ألفاريز أند مارسال".
وفي بيان الرد على انتقادات رئيس الجمهورية، قال "المركزي" إنه زوّد "ألفاريز أند مارسال" بجميع البيانات المطلوبة "بما لا يتنافى مع أحكام القانون والمعايير الدولية"، مضيفا أنه يشدد على "ضرورة قيام شركة ألفاريز اند مارسال بمباشرة أعمالها وللتأكد بنفسها من صحة المعلومات" المقدمة.
ويخضع سلامة، الذي ينفي ارتكاب أي مخالفات خلال قرابة 3 عقود على رأس المصرف، لتحقيق في لبنان وأربع دول أوروبية على الأقل، في حين يخضع دوره لفحص دقيق منذ الانهيار الاقتصادي في لبنان عام 2019.
ونقل المكتب عن الرئيس قوله إن "من حق الشعب اللبناني أن يعرف كيف نشأت وتنامت الفجوة في حسابات مصرف لبنان وتعثرت المصارف الخاصة، وأُهدرت أموال المودعين، وتم السطو على جنى العمر"، وأضاف أن "الرئيس يعد الشعب اللبناني الذي يمر بأزمة حياتية ومعيشية خانقة بأن المساءلة آتية".
وتشير هذه الفجوة إلى جزء من الخسائر في القطاع المالي اللبناني المنسوبة إلى المصرف المركزي، فيما يحظى حاكم المصرف بدعم العديد من كبار السياسيين، وبقي في منصبه حتى مع التضرر الشديد للاقتصاد بسبب الديون الضخمة وانهيار العملة الذي دفع العديد من اللبنانيين إلى الفقر.