هل حان الوقت لمرشّح رئاسي ثالث في أميركا؟

08 سبتمبر 2023
+ الخط -

تحتدم المنافسة في الانتخابات التمهيدية الرئاسية في الولايات المتحدة لعام 2024. الرئيس جو بايدن هو الأوفر حظا لترشيح الحزب الديمقراطي. ولا يزال الرئيس السابق دونالد ترامب هو المرشح الأوفر حظا لموافقة الجمهوريين. وهذا يضع أميركيين كثيرين في موقف لا يريدون أن يكونوا فيه، فنسبة كبيرة منهم تاريخياً لا تحبّ أياً من الرجلين في هذه المرحلة، كما تظهر كل استطلاعات الرأي على المستوى الوطني. وقد وجد استطلاع، أجرته شبكة CNN/SSRS في وقت سابق من هذا شهر سبتمبر/ أيلول الجاري، أن عددًا أكبر من الأميركيين لا ينظُرون إلى بايدن ولا إلى ترامب بشكل إيجابي، مقارنة بأولئك الذين لديهم آراء إيجابية تجاه أي من الرجلين. لم تنظر الأغلبية (36%) إلى أيٍّ من المرشّحين بشكل إيجابي، بينما كان لدى 33% وجهة نظر إيجابية تجاه ترامب و32% لصالح بايدن. وحصرنا أنفسنا بالناخبين المسجّلين، حيث رأى 31% أنه لا بايدن ولا ترامب إيجابيان. كان لدى 22% من البالغين و21% من الناخبين المسجلين وجهة نظر سلبية تجاه كلا الرجلين.

لنتأمل هنا نهاية الانتخابات الرئاسية في عام 2016. وهذا السباق (بين ترامب والديمقراطية هيلاري كلينتون) هو الانتخابات المرجعية لعدم قبول المرشّح. إنها الحالة الوحيدة المسجّلة التي كان فيها المرشحان مكروهين من الأميركيين أكثر من الإعجاب في يوم الانتخابات. ووجد الاستطلاع الذي أجرته شبكة سي أن أن لتلك الحملة قبل الانتخابات أن لدى 16% من الناخبين المسجّلين وجهة نظر سلبية تجاه كل من ترامب وكلينتون. وعندما تضيف الذين كانوا محايدين أو ليس لديهم رأي، فإن 19% لم ينظُروا إلى أيٍّ من المرشّحين بشكل إيجابي. وإذا استمرّت الأرقام التي نراها حاليا في استطلاعات الرأي التي أجرتها "سي أن أن" خلال الانتخابات، فإن مزيدا من الأميركيين سوف يكرهون مرشّحي الحزبين الرئيسيين لمنصب الرئيس أكثر من أي وقت مضى.

عادة، يحبّ معظم الأميركيين واحدًا على الأقل من الذين يترشحون لمنصب الرئيس. فوفقا لاستطلاع "سي أن أن"، قال 5% فقط من الناخبين إن لديهم وجهة نظر سلبية تجاه كل من بايدن وترامب. وقال 3% من الناخبين إن لديهم وجهة نظر سلبية تجاه الديمقراطي باراك أوباما والجمهوري ميت رومني في الاستطلاع الذي أجرته الشبكة لحملة عام 2012. وفيما هناك عام قبل انتخابات عام 2024، فقد تتغيّر الأشياء والآراء. لكن هذه الأمور، في أحيان كثيرة، تتغير نحو الأسوأ مع ظهور مزيد من الإعلانات السلبية.

إذا وصل بايدن وترامب إلى الانتخابات العامة بمثل التصنيفات المنخفضة المعلنة أخيرا، فقد يفتح ذلك الباب أمام مرشّح طرف ثالث

وفي حين أن التصنيف الإيجابي لترامب بين الناخبين المسجّلين هذا الشهر يعادل تقريبًا تصنيفه الإيجابي في استطلاع سي أن أن في يوليو 2015 (34%)، فقد بلغ تصنيف كلينتون 44% في استطلاع عام 2015. وكان تصنيفها السلبي 49%. وبلغ التصنيف الإيجابي لبايدن في أحدث استطلاع أجرته شبكة سي أن أن 32% بين البالغين و35% بين الناخبين المسجلين. وكان رقمه غير المؤاتي 56% بين المجموعتين.

لا يقترب ترامب ولا بايدن من المنطقة الإيجابية في هذه الدورة الانتخابية، وهذا ما يدفعنا إلى القول إن معظم الأميركيين لا يرغبون كلا من ترامب أو بايدن، ويشعرون بأنهم محشورون بين مرشحيْن، كي يختاروا الأقل سوءا، وليس الأفضل بينهما. حيث يفيد متوسّط جميع استطلاعات الرأي بأن كلا الرجلين حصل على تصنيفات إيجابية أقل من 40% مع تصنيفاتٍ سلبية حتى منتصف الخمسينيات. كما أظهر استطلاع "سي أن أن" في مايو/ أيار أنه لم يكن لدى 23% من الناخبين وجهة نظر إيجابية تجاه أيٍّ من المرشّحين. في كل استطلاع من الثلاثة التي أجرتها جامعة كوينيبياك بين الناخبين المسجلين، لم ينظر ما بين 22% إلى 28% من الناخبين إلى أيّ من المرشّحين إيجابيا. وكان المتوسّط 24%. وكان أقرب شخص حصل على تصنيف إيجابي أعلى من التصنيف السلبي هو بايدن في استطلاع كوينيبياك في يونيو/ حزيران. وكان تصنيفه الإيجابي 42% مقابل 54% تقييمًا سلبيًا.

ماذا سيحدث إذا استمر تراجع شعبية بايدن وترامب؟ ربما يقرّر الناخبون الأساسيون أنهم يريدون ترشيح شخصٍ آخر لمنصب الرئيس. لكن بايدن ليس لديه منافس أساسي يتمتّع بتصنيف إيجابي قريب من تصنيفه بين الديمقراطيين. كما يتمتّع أقوى منافس لترامب في هذه المرحلة، حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، بتصنيفٍ غير مؤاتٍ بين عامة الناخبين.

وإذا وصل بايدن وترامب إلى الانتخابات العامة بمثل هذه التصنيفات المنخفضة، فقد يفتح ذلك الباب أمام مرشّح طرف ثالث. حصل مسعى روس بيرو المستقل عام 1992 للوصول إلى البيت الأبيض على رياح مؤاتية كبيرة في وقت مبكّر من تلك الدورة الانتخابية أمام المنافس الديمقراطي بيل كلينتون والجمهوري جورج بوش الأب، وكانت لبوش معدّلات تأييد منخفضة. تحسّنت شعبية بيل كلينتون في عام 1992 بعد فوزه بترشيح الحزب له. وعلى نحو مماثل، سمحت المعدلات الإيجابية المنخفضة لهيلاري كلينتون وترامب في 2016 للحصّة التراكمية من الأصوات خارج الحزبين الرئيسيين بتجاوز 5% للمرّة الوحيدة في السنوات الخمس والعشرين الماضية.

خلاصة القول، قد تكون هناك تداعيات إذا طرح الطرفان مثل هؤلاء المرشّحين الذين لا يتمتعون بشعبية. قد يكون عدد من الناخبين غير مستعد للقبول بمرشّح حزبٍ رئيسيٍّ لا يحبّونه.

BCA0696E-8EAC-405E-9C84-3F8EA3CBA8A5
رضوان زيادة

كاتب وباحث سوري، أستاذ في جامعة جورج واشنطن في واشنطن