كيف أحكم ترامب الخناق على الحزب الجمهوري؟

19 يناير 2024
+ الخط -

انتهت الأسبوع الحالي الانتخابات التمهيدية في ولاية أيوا لاختيار المرشح عن الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة المقررة في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وصدقت النتائج استطلاعات الرأي بشكل كبير، حيث ظهر الرئيس السابق، دونالد ترامب، بوصفه المرشّح الوحيد، حيث فاز في انتخابات ولاية أيوا بنسبة 51%، وهي نسبة تاريخية لم يحصل عليها أيٌّ من مرشّحي الحزب الجمهوري سابقاً في الانتخابات التمهيدية داخل الحزب.

تُظهر النِّسب التي فاز بها ترامب في هذه الولاية أنه المرشّح الوحيد داخل الحزب، وأنّ من انتخبه لا يعبأ بكل القضايا القانونية والمالية العالقة ضدّه، فقد فاز في ولاية أيوا بفارق غير مسبوق، ليبدأ محاولته للفوز بترشيح حزبه للرئاسة للمرة الثالثة على التوالي. لقد فعل ذلك، على الرغم من تفويته كل المناظرات التابعة للحزب الجمهوري. وتفوق على حاكم فلوريدا رون ديسانتيس وعلى حاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة نيكي هيلي.

لقد أظهرت النتائج في ولاية أيوا مدى إخلاص الجمهوريين لترامب، وسط حملته غير العادية للغاية، حيث تُشَنّ بين فترات مثوله أمام المحكمة، بينما يواجه أربع لوائح اتهام، بما في ذلك اتهامات مرتبطة بجهوده لتخريب الانتخابات الرئاسية لعام 2020. وقد أظهرت استطلاعات الرأي اتساع نطاق دعمه، عبر الدوائر الانتخابية الرئيسية للحزب الجمهوري. فقد أيّد 53% من المسيحيين الإنجيليين البيض ترامب، مقابل 27% لديسانتيس و13% لهيلي (وهي أرقام تؤكّد سبب أن ترامب هو المرشّح الأوفر حظاً في ولاية كارولينا الجنوبية) حيث يشكّل الإنجيليون نسبة كبيرة من الناخبين الأساسيين للحزب.

تُظهر التفاصيل الدقيقة للنتائج الانتخابية داخل ولاية أيوا صعوبة إعادة انتخاب ترامب على المستوى الوطني

وينقسم خرّيجو الجامعات بالتساوي إلى حدٍّ ما بين ترامب وهيلي وديسانتيس. لكن ترامب هيمن على أولئك الذين لا يحملون شهادة جامعية، بنسبة تأييد بلغت 67%. هذا يعني أن فوز ترامب عام 2016 معتمداً على صوت الإنجيليين المؤيدين لإسرائيل بقوة وعلى أصوات غير المتعلمين يتكرّر هنا عام 2024، ولكن داخل الحزب الجمهوري، فهل يمكن أن تكرّر هاتان الفئتان مجدّداً الفوز لترامب عام 2024؟

لا يعتقد صاحب هذه المقالة ذلك، ففوز ترامب في ولاية أيوا التي أغلب سكانها من البيض الريفيين لا يعكس الوضع الديمغرافي داخل الولايات المتحدة، ولذلك سحب نتائج الانتخابات التمهيدية في ولاية أيوا على كل الولايات المتحدة مقارنة خاطئة، لكنها مؤشّر واضح على أن ترامب هو المرشّح الوحيد داخل الحزب الجمهوري، وأن كل الجهود لثنيه عن الترشّح لم تفلح، وأن كل القضايا القانونية والتهم الموجهة ضده داخل ثلاث ولايات لم تؤثر في شعبيته داخل الحزب الجمهوري، وخصوصاً قاعدته الانتخابية التي تبدو مخلصة له بشكل لا مثيل له داخل الولايات المتحدة.

وقد تُظهر التفاصيل الدقيقة للنتائج الانتخابية داخل ولاية أيوا صعوبة إعادة انتخاب ترامب على المستوى الوطني. فإحدى الدوائر الانتخابية التي هيمنت عليها هيلي كانت تلك التي جرى تحديدها معتدلة أو ليبرالية. لقد حصلت على دعم 63% من تلك المجموعة، وهو رقم يبشّر بالخير والتفاؤل بالنسبة إلى التنافس في الانتخابات العامّة مع الرئيس جو بايدن. وهو ما يظهر أن ترامب سيخسر ضد أي مرشّح ضمن فئات المرأة أو النخب المتعلمة أو الأقليات، وخصوصاً السود، وبالتالي، يؤكّد هذا أن ترامب سيخسر أمام أي منافس له في الانتخابات العامة المقبلة، وخصوصاً أمام بايدن الذي يعاني من صعوبات حقيقية اليوم، خصوصاً بسبب سنّه، وتأييده الحرب على غزّة... لكن كما يقال، ليس أمام الناخب الأميركي سوى خياريْن، أحلاهما مرّ، ويبدو أن بايدن هو الخيار المرّ مرّة أخرى أمام إعادة انتخابات عام 2020.

BCA0696E-8EAC-405E-9C84-3F8EA3CBA8A5
رضوان زيادة

كاتب وباحث سوري، أستاذ في جامعة جورج واشنطن في واشنطن