اللجنة الدستورية التي أصبحت مفتاح الحل

16 ديسمبر 2018
قوات النظام دمّرت وسيطرت بدعمٍ روسي(لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -


لم تكن اللجنة الدستورية الخاصة بوضع دستور جديد لسورية في بداية الإعلان عن تشكيلها، موضع ترحيب، لا من قبل المعارضة، ولا من قبل النظام. كما لم يجد فيها أي من طرفي المفاوضات ضرورة ملحة على طريق إيجاد حل سياسي في سورية، فالنظام كان يرى أن موضوع وضع الدستور هو شأن سوري داخلي، ولا يجب بحثه من خلال الأمم المتحدة، أو الدول المتدخلة في الشأن السوري، ولكنه قبل به بضغط من داعمه الروسي، ووجد فيها وسيلة أخرى من وسائل المماطلة، وتمييع الحل السياسي وفق مرجعية جنيف واحد، التي رسمت الحل من خلال إقامة هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات.

أما المعارضة فقد كانت ترى أن المشكلة في سورية هي ليست مشكلة دستور وإنما بمن يقوم بتطبيق الدستور، أي "النظام" الذي قام بارتكاب أفظع الجرائم، بما يخالف الدستور الحالي وبما يخالف كل القوانين الدولية، إلا أنها قبلت بها وبضغط من داعميها، كجزء مكمّل للعملية السياسية وليس الجزء المهم منها.

ولكن الروس أفسحوا المجال للنظام للاستيلاء على الكثير من المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة، وتهجير قسم من سكانها، بالتزامن مع مماطلة النظام وعدم تمكين محادثات جنيف من تحقيق أي تقدم، والتفاف روسيا على كل العملية السياسية من خلال الأمم المتحدة، وخلق مسار آخر للحل برعايتها، هو مسار "أستانة"، طبعاً هذا بالإضافة إلى تخلّي الكثير من داعمي المعارضة عنها، وتراجع مواقفهم اتجاه الحل السياسي لمصلحة النظام، وبدء حديث الراعي الإقليمي الأساسي لهيئة التفاوض (السعودية) عن الواقعية السياسية وتغيير تركيبة هيئة التفاوض، بما يتوافق مع هذه المتغيرات، وإدخال شخصيات قد تقبل ببشار الأسد ضمن المرحلة الانتقالية، وتطعيم الهيئة بجهات هي أقرب للنظام "ولكن تحت اسم معارضة". كل هذه الظروف، جعلت من الهيئة العليا للتفاوض جسماً يتمتع بالكثير من "الواقعية السياسية" ويرضخ لكل الإملاءات الدولية، ويتخلى عن الكثير من الثوابت التي قامت من أجلها الثورة السورية، لدرجة أن رئيسها نصر الحريري، أصبح يرى بأن اللجنة الدستورية هي المفتاح الوحيد للحل السياسي في سورية، ولدرجة لم يعد أمام المعارضة من خيارات للحديث عن هيئة حكم انتقالية، بحسب جنيف واحد وتحوّل خيارها إلى الرهان على دستور يقلص صلاحيات رئيس الجمهورية.