استمع إلى الملخص
- **تداعيات التهديدات على الهدنة**: تهديدات الحوثيين قد تنسف الهدنة المعلنة منذ إبريل 2022، مما قد يؤدي إلى عودة المواجهات المسلحة بشكل أكثر ضراوة، ويستخدمونها لتعزيز موقفهم التفاوضي.
- **ردود الفعل والتحليلات**: المحلل خليل العمري يرى أن التهديدات قد تكون لتعزيز الموقف التفاوضي، بينما الصحافي الكرار المراني يؤكد جديتها، مما قد يدفع السعودية للانخراط بجدية في مشاورات السلام.
جدد زعيم جماعة أنصار الله "الحوثيين" عبد الملك الحوثي تهديداته للسعودية مع ارتفاع في حدة الخطاب الذي لوح بإفشال الخطط الاقتصادية للسعوديين. وقال زعيم الحوثيين، خلال خطاب له ألقاه اليوم الخميس، إنه "إذا كان السعودي مستعداً لأن يضحي بمستقبله وأن يخسر خططه الاقتصادية من أجل الإسرائيلي والأميركي، فلا جدوى لخطة 2030 ولا لخطط تطوير مطار الرياض ليكون من أكبر المطارات في العالم".
وأضاف الحوثي: "نحن ننصح ونحذر السعودي من عواقب خطيرة وخسارة بكل ما تعنيه الكلمة إذا استمر في مسار البغي والعدوان"، و"إذا كان السعودي يرى أن خدمته لإسرائيل وطاعته لأميركا تستحق منه كل تلك التضحية والخسائر، فنحن في الموقف الأفضل والأقوى والأعظم". وأضاف: "هناك فرق كبير بين الموقف السعودي الذي يصعّد ظلماً طاعة لأميركا وخدمة لإسرائيل وموقف بلدنا الذي يدفع الظلم عنه وينصر الشعب الفلسطيني طاعة لله"، على حد تعبيره.
وأشار زعيم الحوثيين إلى أنه "إذا ورط السعودي نفسه وأصر على خطواته العدوانية التي لا مبرر لها في تصعيده ضد شعبنا العزيز فهو خاسر، ونحن، الشعب اليمني، ننطلق من قضية عادلة وموقف محق وندرك أن سبب تورط السعودي خدمة لإسرائيل وطاعة لأميركا". وقال الحوثي إن "الشعب اليمني قد وجه في خروجه المليوني العظيم يوم الجمعة الماضي التحذير للنظام السعودي، مضيفاً أنّ "على النظام السعودي أن يفهم ويدرك أن أصوات الملايين يوم الجمعة الماضي قد وصل صداها إلى القارات السبع يحمل تحذيراً جاداً".
وتأتي هذه التهديدات امتداداً لتلك التي أطلقها الحوثي ضد السعودية في السابع من الشهر الجاري، بالتزامن مع نشر الإعلام الحربي التابع للجماعة صوراً وإحداثيات عدد من الموانئ والمطارات السعودية مشفوعة بكلمة "فجربوا". وجاءت التهديدات الحوثية للسعودية عقب حزمة من القرارات الاقتصادية التي اتخذها البنك المركزي اليمني في عدن والتي تقضي بتعليق تصاريح ستة بنوك في صنعاء رفضت نقل مقارها إلى عدن، وإيقاف السويفت الدولي عنها، والدعوة لسحب العملة القديمة التي يتعامل بها الحوثيون في مناطق سيطرتهم.
ومن شأن التهديدات الحوثية نسف الجهود المبذولة للتوصل إلى خريطة طريق ترعاها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب في اليمن، حيث كان المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن هانس غروندبرغ قد أعلن، نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عن توصل الأطراف إلى الالتزام بمجموعة من التدابير تشمل تنفيذ وقف إطلاق نار يشمل عموم اليمن، وإجراءات لتحسين الظروف المعيشية فيه، والانخراط في استعدادات لاستئناف عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة.
تهديدات الحوثيين تخاطر بنسف الهدنة
ويرى مراقبون أن التهديدات الحوثية تهدد بنسف الهدنة المعلنة منذ إبريل/ نيسان 2022 برعاية الأمم المتحدة، وبالتالي العودة إلى المواجهات المسلحة التي يبدو أنها في حال عودتها ستكون أكثر ضراوة من جولات الحرب السابقة، في ظل المتغيرات السياسية التي شهدتها المنطقة عقب هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.
المحلل السياسي خليل العمري قال لـ"العربي الجديد" إنّ "الحوثيين يرون أن خطوات الحكومة الأخيرة مدعومة من السعودية، مثل خطة نقل البنوك من صنعاء وحصار الجماعة اقتصادياً، لذا يضغطون عليها في محاولة لسحب تلك الإجراءات المنطقية التي جاءت في وقت تعاني الحكومة الشرعية من شح في الموارد بسبب حصار الحوثيين المفروض على تصدير المشتقات النفطية". ورأى العمري أن التهديدات "قد تكون محاولة من الحوثيين لتعزيز موقفهم التفاوضي قبل أي جولة جديدة من المحادثات، وهناك أيضاً دوافع داخلية للتهديدات، قد يكون التهديد استجابة لضغوط داخلية من أجنحة الحوثيين المتشددة، أو لتبرير استمرار الحرب لجماعة لا تزدهر إلا في ظل الحرب".
وبحسب المحلل السياسي، فالتهديدات تشير إلى "احتمال تصعيد خطير في الصراع، خاصة مع التهديد باستهدافها منشآت حيوية مثل المطارات والموانئ، الأمر الذي قد يؤدي لرد فعل عنيف وشامل من قبل السعودية وحلفائها على الارض، كما أن التهديد يعكس استمرار رفض الحوثيين الحل السلمي، واعتمادهم على الخيار العسكري". وأشار إلى أن التهديدات "تأتي في ظل تطورات إقليمية، مثل انسحاب السعودية من الحرب في اليمن ودعمها السلام، وتغيرات في مواقف بعض الدول الداعمة للحرب، وتعكس التهديدات ديناميات داخلية في اليمن، مثل صراع الفصائل داخل جماعة الحوثيين، كما أنها تظهر حسابات الحوثيين للمشهد الدولي، ومراهناتهم على تغييرات محتملة في مواقف الدول الفاعلة وخاصة الولايات المتحدة".
وأكد أن "التهديدات تشكل عقبة أمام أي جولة جديدة من مشاورات السلام، وتُصعب إمكانية التوصل إلى حلول وسط، وتزيد من حدة التوتر بين الأطراف اليمنية، وتُقلل من الثقة بينهم، وقد تفضي إلى انهيار أي محادثات سلام جديدة، وتُعيد الصراع إلى مربع العنف".
الصحافي المقرب من الحوثيين الكرار المراني قال، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تجديد تهديد عبد الملك الحوثي للسعودية اليوم يأتي قاعدةً ثابتةً لدى حركة أنصار الله منذُ بدايتها قبل أكثر من 20 عاماً، وهو أن الحركة لا تدخل في حرب مع خصومها إلا بعد إقامة الحجة، وتكرار التهديد والتحذير، واتخاذ الأوراق الأخرى، ولذلك لا تلجأ إلى الحرب والمواجهة إلا خياراً أخيراً، لذلك، فإن تجديد الحوثي اليوم هو لإقامة الحجة". وأضاف المراني أنّ هذه التهديدات "هي تهديدات حقيقة وجادة، ستكون عواقبها وخيمة إذا واصلت السعودية خطواتها التصعيدية"، لافتاً إلى أنّ المواجهة العسكرية "ستعود أشد مما كانت عليه في ذورة التصعيد قبل الهدنة ومرحلة خفض التصعيد".
وأكد المراني أن "التهديدات لن تؤثر على مشاورات السلام الخاصة بالأزمة اليمنية، لأن هذه التهديدات جادة، ويجب أن تأخذها السعودية على محمل الجد، وإذا أخذتها كذلك، فهي سوف تتراجع عن خطواتها العدوانية، وتدخل إلى الحوارات السياسية الجارية في مسقط وهي جادة وصادقة في خطوات السلام، وتضغط على الأطراف اليمنية التابعة لها للانخراط الكامل والعملي في المشاورات السياسية، لتحقيق سلام دائم يضم كل الأطراف اليمنية المختلفة، سلام لائق باليمن الكبير الممتد من المهرة إلى صعدة".