مقلمو الأشجار في غزة... أشكال فنية لجذب الأنظار

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
13 فبراير 2021
مقلمو الأشجار
+ الخط -

يتفنن الفلسطيني ناصر سالم في قص الأوراق الزائدة لإحدى الأشجار في "متنزه البلدية" وسط مدينة غزة، لتهذيب أطراف أغصانها، عبر فن زراعي يهدف لإظهار الأشتال بمشهد جمالي لافت لأنظار زوار الحديقة والمارة.

ويستخدم سالم ومعه عدد من مقلمي الأشجار مقصًا يدويًا، ومنشارًا كهربائيًا لتشكيل الأغصان بأشكال جمالية، تتنوع في مشهدها النهائي بين الأشكال الهندسية والفنية المتنوعة، عاكسة في مجملها لوحة متناغمة، ومتكاملة الجمال، تتناسق فيها الأشجار المتراصة إلى جانب بعضها البعض. وتمر عملية تقليم الأشجار والتي تبدأ مع ساعات الصباح الأولى حتى منتصف النهار، بعدة خطوات، يتم فيها تجهيز المقص اليدوي ومستلزمات العمل، وذلك بعد تحضير الشكل المرغوب تنفيذه، والبدء فيه، وصولاً إلى تجسيده وفق معايير محددة، فيما يتم استخدام المنشار الكهربائي لسرعة تهذيب الأشجار الكبيرة، والتي تم تحديد شكلها النهائي مسبقًا.

ويجمع أصحاب تلك المهنة، بين العمل والذي يشكل مصدر دخل لأصحابه، وبين الفن التشكيلي، حيث يتم تزيين الحدائق وتهذيب الأشجار، بأشكال فنية متنوعة، تُظهِر مدى قدرة أصحابها على إبراز مواهبهم وترجمتها على الأغصان. وتشد تلك الأشكال انتباه الزوار، إذ يختلف الشكل النهائي للأشجار المُزينة عن باقي أشجار الحدائق، فيما يتحكم في الشكل المُراد تنفيذه على أي شجرة، حجمها، وكثافة أوراقها، ويتم البدء برعاية الشجرة وتهيئتها منذ اللحظات الأولى لزراعتها. ويقول الجنايني ناصر سالم، والذي يعمل في المتنزه منذ 20 عامًا، إن تنفيذ فكرة أي شكل يبدأ منذ اللحظة الأولى، ويتم متابعتها لحظة بلحظة، وصولًا إلى الشكل المطلوب، سواء كان شكلًا هندسيًا، أو أشكال فنية مختلفة، كالإبريق والشكل اللولبي والبطيخة والأقواس، وغيرها.

ويجمع أصحاب تلك المهنة، بين العمل والذي يشكل مصدر دخل لأصحابه، وبين الفن التشكيلي، حيث يتم تزيين الحدائق وتهذيب الأشجار، بأشكال فنية متنوعة

ويوضح سالم لـ "العربي الجديد" أنه ورث المهنة أبًا عن جد، ويعتاش من دخلها هو وأسرته المكونة من ثمانية أفراد، ويعتبرها إلى جانب كونها مصدرا للدخل، رسالة يحاول من خلالها رعاية النباتات، والحفاظ عليها، وإظهارها بأجمل حلة.
ويشابهه زميله شوقي عطا الله في حُب تلك المهنة، إذ يعتبر الأشجار التي بدأ بالعناية فيها منذ اللحظة الأولى لزراعتها "كأبناء له"، حيث بدأت رحلته مع الزراعة والفِلاحة بالتعرف على الأشتال والأشجار، ونوع التربة ومن ثم حَمّل المقص وتهذيب الأشجار وتزيينها.

ويقول عطا الله والذي يعيل أسرة مكونة من عشرة أفراد لـ "العربي الجديد" إن لكل شجرة عملا خاصا، حيث يتم تشكيل أشجار "الفيكاس" وفق الرغبة، كذلك أشجار البراندا، والسرو بأنواعه، فيما لا يُمكن تشكيل الأشجار الحرشية الكبيرة، مضيفًا "إذا أردنا تطبيق الشكل وفق المخطط له، يجب متابعة الشجرة منذ اللحظة الأولى لزراعتها، مع ربط أغصانها بالحبال في بعض الأحيان، لتنفيذ الشكل بدقة عالية".

من ناحيته؛ يبين الجنايني عمار مرتجى، ويعمل مشرفًا على مُزارعي وفنيي المتنزه التابع لبلدية غزة، أن تقليم الأشجار وتشكيلها، يقتصران على أصناف محددة من الأشجار ذات الخُضرة الدائمة، فيما لا يتم التعامل مع الأشجار المُعمِرة والكبيرة، كذلك مع الأشجار متساقطة الأوراق، حيث تعطي شكلًا مغايرًا في فصل الخريف، مثل أشجار "البنسيانا" و"الجاكرندا" و"فيكاس الكوشوك". ويبين أن فن تهذيب وتقليم الأشجار تم البدء فيه قبل نحو 15 عامًا، وما زالت محاولات تطويره وابتكار أشكال جديدة فيه قائمة حتى اللحظة، لإعطاء مظهر جمالي للأشجار، عبر إضافة لمسات فنية على الشجيرات منذ زراعتها، ومتابعتها لجذب أنظار المتنزهين، والمساهمة في أن يكون المشهد مريحًا للنظر.

وبدأت فكرة تهذيب الأشجار بتصميم وتنفيذ الأشكال الهندسية، كالدائرة والمثلث والمُربع والقوس ومتوازي الأضلاع، وفق مرتجى، ومن ثم الاتجاه إلى الأشكال الفنية المُعقدة، مثل رسومات كُرة القدم، والسِلال الخضراء و"بكرج" القهوة ورأس القلب والأشكال اللولبية والمُدرجات، إلى جانب الأقواس المتقاطعة التي تُزين الممرات. وتضفي اللمسات الفنية على الأشجار، ميزة إضافية، تساهم في تعزيز المشهد الجمالي النهائي للمساحات الخضراء، فيما يُحاول القائمون على هذا الفن الزراعي، مواصلة العمل بهدف تصميم وتنفيذ أشكال فنية وهندسية، أكثر تعقيدًا وجمالًا.

ذات صلة

الصورة

مجتمع

اضطرت عائلة في غزة مبتورة الأطراف إلى النزوح باتجاه مخيم النصيرات وسط قطاع غزة بعد تدمير منزلها في مدينة رفح (جنوب) رغم صعوبة الأوضاع والحركة
الصورة
دخان ودمار في تل الهوى في مدينة غزة جراء العدوان الإسرائيلي، 10 يوليو 2024 (الأناضول)

سياسة

تراجعت قوات الاحتلال الإسرائيلي من منطقتي الصناعة والجامعات، غربي مدينة غزة، اليوم الجمعة، بعد خمسة أيام من عمليتها العسكرية المكثفة في المنطقة.
الصورة
انتشال جثث ضحايا من مبنى منهار بغزة، مايو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

قدّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وجود أكثر من 10 آلاف فلسطيني في عداد المفقودين تحت الأنقاض في قطاع غزة ولا سبيل للعثور عليهم بفعل تعذر انتشالهم..
الصورة
قوات الاحتلال خلال اقتحامها مخيم جنين في الضفة الغربية، 22 مايو 2024(عصام ريماوي/الأناضول)

سياسة

أطلق مستوطنون إسرائيليون الرصاص الحي باتجاه منازل الفلسطينيين وهاجموا خيامهم في بلدة دورا وقرية بيرين في الخليل، جنوبي الضفة الغربية.
المساهمون