استمع إلى الملخص
- تواجه ألمانيا تحديات اقتصادية كبيرة، مما يجعلها تعتمد على المهاجرين لتلبية احتياجات سوق العمل، حيث يلعب السوريون دورًا مهمًا في الاقتصاد الألماني.
- تعتزم ألمانيا توسيع برنامج لدعم السوريين الراغبين في العودة، بينما يشدد التحالف المسيحي على ضرورة تحقيق دخل كافٍ للبقاء، مع تعليق البت في طلبات اللجوء بسبب التطورات في سوريا.
قال نائب المستشار الألماني، روبرت هابيك، إن العمل هو المعيار الرئيسي لآفاق مستقبل اللاجئين السوريين في ألمانيا. وقال مرشح حزب الخضر للمنافسة على منصب المستشار في الانتخابات العامة المقبلة في تصريحات لمحطة "دويتشلاند فونك" الألمانية اليوم الاثنين: "يمكن لنا حقا الاستفادة من أولئك الذين يعملون هنا".
وعن إعادة غير العاملين إلى وطنهم، قال: "أولئك الذين لا يعملون هنا سيكونون - إذا كانت بلادهم آمنة - قادرين على العودة بأمان أو حتى مضطرين إلى ذلك". وكانت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر، المنتمية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، أدلت بتصريحات مماثلة من ناحية المضمون في هذا الشأن، وأشارت أيضا إلى التدريب والاندماج الجيد كمعيارين لبقاء السوريين في ألمانيا.
وأضافت فيزر في تصريحات لصحف مجموعة "فونكه" الألمانية الإعلامية نشر الأحد: "بحسب ما ينص عليه قانوننا، سيقوم المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بمراجعة وإلغاء منح الحماية إذا لم يعد الأشخاص بحاجة إلى هذه الحماية في ألمانيا بسبب استقرار الوضع في سورية". وأوضحت أن هذا الأمر سينطبق على أولئك الذين ليس لديهم حق البقاء لأسباب أخرى مثل العمل أو التعليم، والذين لا يعودون طوعا إلى سورية.
وأكدت أن وزارة الخارجية ووزارة الداخلية تعملان معا للحصول على صورة أوضح عن الوضع في سورية بعد إطاحة الحاكم الذي استمر لفترة طويلة بشار الأسد. وقالت فيزر: "نركز بشكل خاص على قضايا الأمن". وأضافت أن الحكومة الألمانية تنسق عن كثب مع الشركاء الأوروبيين والدوليين.
وتابعت قائلة: "يجب السماح لأولئك الذين اندمجوا بشكل جيد، ولديهم وظائف، وتعلموا اللغة الألمانية، ووجدوا وطنا جديدا هنا بالبقاء في ألمانيا". وأشارت وفقا لوكالة أسوشييتد برس، إلى أنه "يجب دعم الأشخاص الذين يرغبون في العودة. أما المجرمون والإسلاميون فيجب ترحيلهم بأسرع ما يمكن"، بحسب وصفها. وأضافت أن الإمكانات القانونية للقيام بذلك قد تم توسيعها بشكل كبير، وستجري الاستفادة منها عندما يسمح الوضع في سورية بذلك.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية الأسبوع الماضي، إن برلين تعتزم زيادة برنامج مالي للمواطنين السوريين الراغبين في العودة إلى بلدهم في أعقاب إطاحة نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول. وأضاف المتحدث: "نريد التوسع في البرنامج في المستقبل لمن يرغبون في الرحيل طوعا"، وذكر أن ألمانيا ستوفر نفقات سفر بقيمة 200 يورو (205 دولارات) وتكاليف بدء مشروع تجاري بقيمة ألف يورو لكل بالغ يرغب في مغادرة ألمانيا. وتابع: "أعتقد أن الوضع لا يزال غير واضح تماما بالنسبة لتحركات العودة بأعداد كبيرة".
وفي المقابل، يرى التحالف المسيحي أن العمل وحده لا يكفي للبقاء في ألمانيا. وقال المدير التنفيذي لشؤون الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي، تورستن فراي: "من يرغب في البقاء في ألمانيا بوجه دائم، عليه أن يكسب ما يكفي للحصول على معاش تقاعدي أعلى من التأمين الأساسي في سن الشيخوخة".
يواجه الاقتصاد الألماني صعوبات كبيرة، تبدأ بهبوط مؤشرات الأعمال وصولاً إلى تراجع اليد العاملة. وأظهرت دراسة حديثة أن سوق العمل في ألمانيا سيعتمد على المهاجرين "إلى حد كبير" سنوياً على المدى الطويل. وأشارت الدراسة، التي أجرتها مؤسسة "برتلسمان" الألمانية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلى أنه من أجل توفير أيدٍ عاملة بالقدر الكافي، ستكون هناك حاجة إلى حوالى 288 ألف عامل أجنبي سنوياً بحلول عام 2040.
ويعتمد الاقتصاد الألماني كثيراً على السوريين في العديد من قطاعاته، إذ يتجاوز عددهم مليون شخص، ونجح أغلبهم في الاندماج جيداً في المجتمع الألماني. وتُشير التقديرات إلى أن إجمالي عدد السوريين الذين يعملون ويدفعون الضرائب في ألمانيا يبلغ حالياً 236,000 شخص، ويُعد ما يقرب من ثلثيهم عمالاً أساسيين. وكشفت الجمعية الفيدرالية للأطباء في ألمانيا (Bundesärztekammer) أنه في نهاية عام 2023، كان هناك 5,758 طبيباً سورياً يعملون في ألمانيا، معظمهم (5,000 طبيب) في المستشفيات الألمانية.
وبحسب وزارة الداخلية الألمانية، يعيش في ألمانيا نحو 975 ألف سوري. وقد جاء معظمهم منذ عام 2015 نتيجة للحرب الأهلية في سورية. وهناك أكثر من 300 ألف سوري لديهم حق حماية فرعية في ألمانيا، ما يعني أن البلاد لا تؤويهم بسبب تعرضهم للاضطهاد على المستوى الشخصي، بل بسبب الحرب الأهلية في وطنهم. وقرر المكتب الاتحادي لشؤون الهجرة واللاجئين أخيرا عدم البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين في الوقت الحالي بسبب التطورات المتسارعة في سورية عقب إسقاط نظام بشار الأسد.
واجتمع قائد الإدارة الجديدة في سورية أحمد الشرع في دمشق، الجمعة، مع وزيري خارجية فرنسا جان نويل بارو وألمانيا أنالينا بيربوك، وذلك بعد اجتماعات عقدها الوزيران مع بعض الفعاليات المدنية والدينية، وزيارتهما سجن صيدنايا سيئ السمعة قرب العاصمة السورية.
(أسوشييتد برس، العربي الجديد)