حكومات تخشى ضياع "سبوبة" اللاجئين السوريين

23 ديسمبر 2024
مخيم الزعتري للاجئين السوريين الأردن، 17 أكتوبر 2022 (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعبر الحكومات عن قلقها من عودة اللاجئين السوريين بعد سقوط نظام الأسد، حيث قد يؤدي ذلك إلى تراجع الدعم النقدي الدولي الذي تحصل عليه مقابل استضافتهم، مما يشكل مصدرًا ماليًا مهمًا في ظل الأزمات الاقتصادية.

- منذ الثورة السورية في 2011 والحرب الأهلية في 2015، شهدت دول مجاورة وأوروبية تدفق ملايين اللاجئين، مما شكل ضغطًا على البنية التحتية والخدمات، ودفعها لطلب دعم دولي.

- قدم المجتمع الدولي مليارات الدولارات لدعم الدول المستضيفة، وتخشى هذه الدول من فقدان الدعم المالي وعودة الاستثمارات والعمالة السورية.

ينتاب القلق العديد من الحكومات العربية والأجنبية من عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم عقب سقوط نظام بشار الأسد وتراجع حدة الاضطرابات السياسية والأمنية في سورية، وبالتالي تراجع الدعم النقدي الدولي الممنوح لتلك الحكومات، وفقدان "السبوبة" المالية والأموال الضخمة التي يحصلون عليها مقابل استضافة ملايين اللاجئين السوريين منذ ما يقرب من 13 سنة، يزيد هذا القلق مع توقعات بعودة آلاف السوريين إلى بلدهم طواعية خلال الفترة المقبلة، فوفق تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن مليون شخص سيعودون إلى سورية في الأشهر الستة الأولى من عام 2025.

وعودة للوراء، فعقب اندلاع الثورة السورية في عام 2011 وبعدها الحرب الأهلية في عام 2015، تدفق ملايين من اللاجئين السوريين على الدول المجاورة والقريبة. كان في مقدمة تلك الدول: الأردن ولبنان والعراق وتركيا ومصر ودول عربية أخرى، كما تدفق ملايين آخرون على أوروبا وفي المقدمة ألمانيا، وقدّر عدد الفارين من نظام الأسد بنحو ثمانية ملايين لاجئ. كما نزح أكثر من ستة ملايين سوري داخلياً.

طبعاً، كانت تكلفة استضافة اللاجئين كبيرة على موازنات بعض تلك الدول وبنيتها التحتية وخدماتها من صحة وتعليم ومياه وكهرباء واتصالات وغيرها، خاصة تلك التي كانت تعاني أزمات اقتصادية ومالية وعجزاً كبيراً في الموازنات العامة وضغوطاً متزايدة على عملتها المحلية، ولذا طلبت من المجتمع الدولي تحمل جزءاً من تكلفة الاستضافة وربما تحملها كاملة، وهو ما تم، حيث سارعت الدول والمنظمات المانحة والاتحاد الأوروبي والمؤسسات المالية بضخ مليارات الدولارات في موازنات تلك الدول وشرايين اقتصاداتها الوطنية، سواء في شكل منح ومساعدات أو قروض ميسرة.

مثلاً، أعلنت المفوضية الأوروبية يوم الجمعة الماضية، تقديم تمويل بقيمة مليار يورو (1.04 مليار دولار) لمصر كجزء من اتفاق للحد من الهجرة غير المشروعة ودعم اللاجئين تم إبرامه في شهر يونيو /حزيران الماضي. وأقرّ الاتحاد الأوروبي في شهر إبريل الماضي حزمة مساعدات لمصر بلغت 7.4 مليارات يورو (نحو ثمانية مليارات دولار بأسعار ذلك الوقت) يخصص جزء منها لمواجهة الأعباء الناتجة عن استضافة اللاجئين ومواجهة الهجرة غير المشروعة.

وفي شهر مايو/أيار الماضي، أعلن مؤتمر بروكسل عن تقديم نحو 2.2 مليار دولار للاجئين السوريين بين عامي 2024 و2025، يخصص منها 560 مليون يورو لدعم اللاجئين في سورية ولبنان والعراق والأردن، ومليار دولار أخرى لتركيا.

وفي منتصف عام 2020، تعهد المجتمع الدولي بتقديم 7.7 مليارات دولار للاجئين السوريين خلال مؤتمر للجهات المانحة نظّمه الاتحاد الاوروبي والأمم المتحدة رغم الأزمة التي سببها وباء كوفيد-19 في ذلك الوقت، وفي عام 2019 بلغت قيمة التعهدات المالية من قبل مؤتمر المانحين سبعة مليارات دولار.

عقب اندلاع الثورة السورية في عام 2011، وبعدها الحرب الأهلية في عام 2015، تدفق ملايين من اللاجئين السوريين على الدول المجاورة والقريبة

كما تعهد الاتحاد الأوروبي، نهاية مايو الماضي، بأكثر من ملياري يورو (2.17 مليار دولار) لدعم اللاجئين السوريين في المنطقة، ورفض أي حديث عن عودة محتملة للاجئين إلى وطنهم لأن ظروف العودة الطوعية والآمنة ليست مهيّأة في ذلك الوقت.

بل إنه عندما كان الدعم الدولي يتأخر بعض الوقت كانت بعض حكومات دول المنطقة تلوح بطرد هؤلاء اللاجئين والتضييق عليهم، أو غض الطرف عن مكافحة الهجرة غير المشروعة، وترك ملايين السوريين والسودانيين والأفارقة يتدفقون نحو أوروبا التي تعاني أوضاعاً اقتصادية صعبة في ظل أزمات كورونا والتضخم وحرب أوكرانيا.

الأردن كانت من أكثر الدول تأثراً بما شهدته جارتها سورية في السنوات الـ 13 الأخيرة، إذ استضافت نحو 1.3 مليون لاجي، ومقابل تلك الاستضافة حصلت المملكة على مليارات الدولارات في صورة دعم دولي خلال السنوات الماضية، وقبل سقوط الأسد حذّرت المملكة من "تراجع خطير" للدعم الدولي الموجّه للاجئين السوريين، زادت تلك التحذيرات عقب فرار الأسد إلى موسكو، كما تشير التقديرات إلى أن مليون نازح سوري دخلوا لبنان بطريقة غير شرعية، وهؤلاء تعرضوا لمضايقات شديدة خاصة عقب الانهيار المالي في لبنان في عام 2019، بل وتم تحميلهم جزء من أزمة لبنان المالية التي توجت بالحجز على أموال المودعين.

ومع عودة عشرات الآلاف من اللاجئين السورين إلى بلادهم من الأردن ولبنان ومصر وتركيا منذ إسقاط نظام الأسد قبل أكثر من أسبوعين، وتوقعات بمزيد من العودة مع استقرار الأوضاع الأمنية داخل سورية، تخشى بعض الحكومات من فقدان ورقة اللاجئين بصفتها مصدراً مالياً سهلاً وضخماً، بل وورقة لابتزاز الدول المانحة من وقت لآخر. كما تخشى تلك الدول عودة استثمارات وودائع السوريين والتي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، وكذا عودة العمالة الماهرة.

المساهمون