لاجئون سوريون في الأردن يفرّون إلى بلادهم من قسوة الحياة

07 يناير 2025
مخيم الزعتري في الأردن أكبر مخيم للاجئين السوريين في العالم (جوردان بيكس/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه الأردن تحديات اقتصادية كبيرة بسبب استضافة 1.3 مليون لاجئ سوري، مع تراجع الدعم الدولي وارتفاع العجز المالي إلى 11.8 مليار دولار، مما يضطر الحكومة للاستدانة لتلبية احتياجات اللاجئين الأساسية.

- يعاني اللاجئون السوريون في الأردن من تدهور معيشي حاد، حيث تجاوزت نسبة الفقر 67% وانخفض متوسط الدخل الشهري، مما يدفع 66% من العائلات لتقليل كمية الطعام، وتدهورت ظروف السكن بشكل كبير.

- رغم عودة 18 ألف سوري، لا تزال أعداد كبيرة تنتظر تحسن الأوضاع في سوريا، مما يضع ضغوطًا على الاقتصاد الأردني، ويتطلب دعمًا دوليًا لتخفيف العجز المالي وضمان استدامة الدعم.

يعد الأردن من أكبر الدول المستضيفة للسوريين، إذ يبلغ أعدادهم هناك نحو 1.3 مليون فرد، وقد بادر الآلاف منهم بالعودة رغم عدم استقرار الأوضاع المعيشية والاقتصادية في بلادهم بسبب الظروف الصعبة التي يعانيها في الأردن.

وكشف وزير الداخلية مازن الفراية، في تصريحات صحافية قبل أيام، أن قرابة 18 ألف سوري عادوا إلى بلادهم من الأردن منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024 وحتى السادس والعشرين من الشهر نفسه.
وفي هذا الإطار، تبدي الحكومة الأردنية قلقها ومخاوفها من تراجع التمويل الدولي للخطة المقررة لعام 2024 والأخرى المنتظرة للعام المقبل 2025 مع عدم وجود مؤشرات قوية على عودة كبيرة قريباً للاجئين السوريين إلى بلادهم بانتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في سورية خلال الفترة المقبلة.

وتظهر المنصة الخاصة بخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية التابعة لوزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية أن حجم متطلبات الخطة تبلغ حوالي 22.1 مليار دولار فيما بلغ عجز تمويل الخطط السنوية 11.8 مليار دولار وبنسبة وصلت 54.1%. ووفقاً للمنصة فإن حجم تمويل خطط الاستجابة الأردنية للأزمة السورية منذ العام 2015 إلى العام قبل الماضي تفاوت ما بين 2.276 مليار دولار و2.98 مليار دولار فيما قدر للعام 2024 بنحو ملياري دولار وهو الأقل بين خطط الاستجابة.
 

تراجع معيشة اللاجئين

دائماً ما تنبه الحكومة الأردنية إلى أخطار استمرار تراجع الدعم الدولي لخطط الاستجابة لأزمة اللاجئين السوريين فيما أطلقت منظمات أممية وإغاثية تحذيرات من انحدار كبير في مستوى معيشة اللاجئين السوريين وارتفاع نسبة الفقر إلى ما يتجاوز 67% مع انعدام فرص الحصول على مداخيل من خلال العمل في ضوء قلة فرص التشغيل في السوق الأردني الذي يعاني أصلا ارتفاع البطالة البالغة نحو 21.5%، بحسب بينات رسمية.

وزيرة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية زينة طوقان أكدت أهمية التركيز على التحديات المرتبطة باللجوء السوري والضغوط الناجمة عن ذلك على المجتمعات المستضيفة خاصة في ظل تضاؤل الدعم بسبب الأزمات العالمية الأُخرى مع تأكيد أهمية ترجمة تعهدات مؤتمر بروكسل للمانحين إلى التزامات فعلية وكذلك أهمية المزيد من الوضوح في حجم الدعم المخصص للدول المستضيفة للاجئين السوريين بما فيها الأردن.

والتزم مانحون والمجتمع الدولي بتمويل 45.9% من خطط استجابة الأردن للأزمة السورية منذ إطلاقها في العام 2015 ولنهاية العام الماضي 2023، حيث بلغ حجم تمويل الخطط قرابة 10.3 مليارات دولار.

الخبير الاقتصادي حسام عايش قال لـ"العربي الجديد" إن الأردني يعاني تحديات بالغة بسبب تراجع الدعم الدولي لخطة الاستجابة للأزمة السورية والتي تراكم عجزها على مدى التسع سنوات الماضية وهذا العام أيضاً حيث اضطرت الحكومة إلى الاستدانة لتمويل متطلبات الإنفاق على الحاجات الأساسية لللاجئين مثل التعليم والصحة والمياه والبنى التحتية.

وأضاف أن عودة اللاجئين السوريين قريباً إلى بلدهم أو على الأقل أعداد كبيرة منهم سيخفف الضغط عن الاقتصاد الأردني خاصة من ناحية التمويل اللازم لخطة الاستجابة مع بقاء العجز المالي المتراكم قائماً ويحتاج إلى معالجة وتغطية من قبل الجهات المانحة والمجتمع الدولي والوفاء بالالتزامات التي تم التعهد بها أكثر من مرة خلال المؤتمرات التي خصصت لمناقشة أوضاع اللاجئين السوريين.

وقال إن المجتمع الدولي يجب أن يبقى على علم باستمرار أزمة اللجوء وحاجة السوريين إلى وقت أطول للعودة إلى موطنهم وكذلك الحاجة إلى توفير الدعم اللازم لهم بما في ذلك مساعدتهم على مغادرة أماكن اللجوء وتهيئة الظروف المطلوبة لمغادرتهم.
 

تخفيف الضغوط على الأردن

ولفت الخبير عايش إلى أن عودة اللاجئين ستخفف الضغوط على الاقتصاد الأردني خاصة من ناحية البنى التحتية والتنافس الشديد على فرص العمل وحاجات الإنفاق الأساسية الأخرى. وقال إنه يجب أن يكون لدى الحكومة سيناريوهات وتحركات واضحة مع المجتمع الدولي لغايات تغطية العجز المتراكم لخطط الاستجابة والوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها دول وجهات مانحة وكذلك توفير التمويل لخطة الاستجابة للعام المقبل والاحتياجات للعام الحالي 2024.
وأكد تقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولي تراجع الدعم الدولي المقدم للأردن لمواجهة أزمة اللاجئين السوريين بشكل كبير خلال العام الحالي حيث لم تحصل الحكومة الأردنية حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلّا على أقل من 40% مما حصلت عليه في عام 2023.

وكانت أحدث دراسة صادرة عن المفوضية بخصوص الوضع الاجتماعي والاقتصادي للاجئين لعام 2024 قد أشارت إلى عودة ظهور أزمة إنسانية كانت قد حذرت منها خلال الأشهر الماضية.

وأوضحت أن "اثنتين من كل ثلاث أسر لاجئة تُصنّف بأنها فقيرة بناءً على تحليل البنك الدولي لبيانات المفوضية، حيث انخفض متوسط الدخل الشهري للاجئين كثيراً، وهذه إحدى النتائج الرئيسية للدراسة التي أجرتها المفوضية"، علماً أن الدراسة التي تُعرف باسم "إطار تقييم الاحتياجات" قدّمت تحليلاً عميقاً للوضع الاجتماعي والاقتصادي للاجئين، مشيرة إلى انخفاض نسبته 12% في دخل السوريين داخل المجتمعات المحلية خلال العامين الماضيين، بينما كان الانخفاض أكبر في مخيّمي الأزرق والزعتري.
كما أن 66% من العائلات السورية في المجتمعات المحلية أصبحت تقلّل فعلاً كمية الطعام التي تتناولها بسبب الفقر المتفاقم، في حين أن 71% من اللاجئين من الجنسيات الأخرى تلجأ إلى اتخاذ هذا القرار الصعب.
وكشفت الدراسة التي أجرتها المفوضية عن تدهور ظروف مساكن اللاجئين في كل من المخيمات والمجتمعات المحلية، حيث إن 69% من الأسر اللاجئة في القرى والبلدات تعيش ظروفاً دون المستوى مع عدم وجود إضاءة طبيعية أو تهوية أو نظام كهربائي آمن أو حماية أو تعيش في منازل بسقوف تالفة أو نوافذ مكسورة. ويترقب غالبية اللاجئين استقرار الأوضاع أكثر في سورية لغايات العودة من مواطن اللجوء بما فيها الأردن.

وقال الخبير في القطاع المالي علاء ديرانية لـ"العربي الجديد" إن العجز المالي لخطط الاستجابة الأردنية للتعامل مع أزمة اللاجئين السوريين في حاجة إلى تغطية من قبل الدول والجهات التي تعهدت بتمويل الخطط وتقديم التمويل اللازم لتوفير المتطلبات الأساسية للاجئين والمجتمعات المستضيفة. وأضاف أن عودة اللاجئين لا تعني انتهاء العجز المالي فهو متراكم منذ سنوات ولا بد من تغطيته ولا سيما أن بعض النفقات تمت تغطيتها من خلال الاقتراض.

المساهمون