عودة اللاجئين السوريين تقلق تركيا من نقص العمالة أكثر من ضياع المساعدات

07 يناير 2025
سوري في إزمير يحمل علم بلاده ابتهاجاً بسقوط نظام بشار الأسد (مراد كوكاباس/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- العودة الطوعية وتأثيرها الاقتصادي: بدأت تركيا في تسهيل العودة الطوعية للسوريين، حيث عاد نحو 40 ألف سوري، مما قد يؤثر على الاقتصاد التركي في قطاعات مثل النسيج والزراعة والعقارات التي استفادت من العمالة السورية.

- الدعم المالي والتحديات: خصص الاتحاد الأوروبي حوالي عشرة مليارات يورو لدعم اللاجئين، لكن تركيا تشكك في تنفيذ هذه التعهدات، رغم أن الفوائد الاقتصادية من استضافة السوريين تفوق المساعدات.

- العمالة والشركات السورية: يوجد حوالي 100 ألف عامل سوري مسجل و500 ألف غير نظامي، وأكثر من عشرة آلاف شركة سورية برأسمال 632 مليون دولار، مما يعزز الاقتصاد التركي.

 

حزم عشرات آلاف السوريين حقائبهم للعودة من تركيا إلى بلادهم. وكانت رئاسة إدارة الهجرة التركية قد نشرت، أول من أمس، بياناً أوضحت فيه إجراءات العودة الطوعية للسوريين حاملي بطاقة الحماية المؤقتة في تركيا (كيملك)، وحدّدت بموجبه أسماء خمسة معابر متاحة للعودة الطوعية.

وجاء ذلك في الوقت الذي أعلن فيه وزير التجارة التركي عمر بولات، السبت الماضي، أن نحو 40 ألفاً عادوا إلى سورية أخيراً منذ إسقاط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

ورغم أن أعداد العائدين ما زالت قليلة مقارنة بالسوريين الموجودين في تركيا البالغ عددهم أكثر من 3 ملايين شخص، يتفق مراقبون أتراك على أن خسارتهم جراء عودة السوريين ستكون كبيرة على صعيد العمالة وتشغيل قطاعات كانت معطلة، ومساهمتهم في زيادة الإنتاج والتصدير بقطاعات أخرى.

ولا يرى المراقبون أن المعونات التي تصل للسوريين، عبر الدولة التركية، يمكن أن تؤثر على بلادهم أو هي موضع أسف، إذ يؤكدون أن ما أنفقته بلادهم على اللاجئين السوريين، خاصة قبل عام 2016 وبدء تدفق المنح الأوروبية، يفوق بكثير ما وصل لتركيا من الدول المانحة أو الأوروبية التي كانت تخشى تدفق السوريين عبر الحدود التركية.
 

عودة اللاجئين طوعية

يقول رئيس مركز الفكر للدراسات الاستراتيجية في إسطنبول باكير أتاجان، لـ"العربي الجديد"، إن حكومة بلاده رغم استمرار دعواتها لعودة السوريين الطوعية لتسكت أصوات المعارضة ومعظم الشارع الموالي للحزب الحاكم، لا ترغب بعودة جميع السوريين، خاصة الذين اندمجوا وأسسوا أعمالاً، أو حتى العمالة الماهرة والنوعية والكفاءات العلمية.
ويشير أتاجان إلى أن العديد من القطاعات تبدل حالها بعد لجوء السوريين، خاصة قطاعات النسيج والزراعة والعقارات، متوقعاً أن تبدأ الآثار بالاتضاح على الاقتصاد التركي في حركة الأسواق وحجم الاستهلاك، بعد انتهاء العام الدراسي وعودة سوريين، قدرهم بمليون، خلال عام. وحول حجم المساعدات والمنح التي حصلت عليها تركيا بحكم استضافتها أكبر عدد من اللاجئين السوريين، شكك المحلل التركي بالرقم المتداول وهو عشرة مليارات دولار، مبرراً أن هذا الرقم ربما أقرته الدول المانحة أو الاتحاد الأوروبي، لكنه لم يصرف كاملاً لتركيا.

وبدأ لاجئون في تركيا يعودون إلى سورية بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي، إلا أن الأعداد لا تزال قليلة، وفق التوقعات التي أطلقتها تركيا أو نقلت عن اللاجئين. وحسب إحصائيات رسمية، يصل عدد العائدين طوعاً منذ فتح تركيا باب العودة الطوعية إلى نحو 737 ألف سوري، منذ عام حتى الآن، ليهبط، ولأول مرة منذ عام 2015، عدد اللاجئين بتركيا عن 3 ملايين سوري.

وحسب وزير الداخلية على يرلي قايا: يبلغ عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا حالياً مليونين و936.000 شخص. وخصّص الاتحاد الأوروبي حوالي عشرة مليارات يورو لدعم أكثر من 3 ملايين لاجئ موجودين على الأراضي التركية، غالبيتهم من السوريين، حسبما أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية.
وفي العام 2016، أبرمت أنقرة والاتحاد الأوروبي اتفاقا مثيرا للجدل بشأن الهجرة، تعهّدت بموجبه السلطات التركية بمكافحة الهجرة غير الشرعية مقابل مساعدات مالية من بين أمور أخرى، واشتكت تركيا مرارا من أن الأوروبيين لا ينفذون تعهداتهم.

100 ألف عامل مسجل

يرى المحلل التركي سمير صالحة أنه "بصرف النظر عن الخلاف حول المبالغ الممنوحة لتركيا جراء استضافة اللاجئين، فإن الأموال التي صرفت عليهم أكثر من تلك التي وصلت لتركيا، وليس هذا معناه أن تركيا تمنّ أو تأسف على موقفها من فتح الحدود والبلاد للإخوة السوريين، بل على العكس، إذ من المنطق أن نذكر مدى الفائدة التي انعكست على تركيا واقتصادها جراء استقبال أكثر من 3.5 ملايين سوري، قبل أن يتراجع العدد قليلاً بعد العودة الطوعية".

يبلغ عدد العمالة السورية المسجلين رسمياً بتركيا، حسب بيانات وزارة العمل، نحو 100 ألف عامل، بينما تشير التقديرات إلى أن عدد الذين يعملون بطرق غير نظامية قد يصل إلى 500 ألف عامل، وهي الفئة التي تعمل من دون الحصول على حقوقها الكاملة مثل التأمين الاجتماعي والمستحقات القانونية.

ويبلغ عدد الشركات السورية المسجلة في تركيا منذ عام 2010 أكثر من عشرة آلاف و332 شركة برأسمال إجمالي يقارب 632 مليون دولار، وفق بيانات اتحاد غرف وبورصات السلع التركية لعام 2023. في المقابل، تقول مصادر أن رأسمال الشركات السورية أكثر من ذلك بكثير وأنها حصدت المركز الأول من الاستثمارات الخارجية لسنوات متتالية (نحو عشرة مليارات دولار استثمارات وأعمال السوريين بتركيا).

وحول خطط الحكومة التركية لتلافي نقص المساعدات والمنح الدولية فيما لو عاد اللاجئون السوريون، يقول صالحة لـ"العربي الجديد"، إن بلاده لن تأخذ تلك المبالغ الصغيرة بالاعتبار، لأنها لا تشكل فارقاً بالنسبة للناتج التركي كما أنها لا تعادل ما تدفعه تركيا على القطاعات الطبية والتعليمية أو المساعدات المباشرة.
وربما يكون هم الحكومة التركية أن تجد حلولاً وخططاً لما ستشكله عودة السوريين من أثر على القطاعات الإنتاجية والخدمية، لأنهم بالفعل أحدثوا نقلة في الإنتاج والتصدير. لذا، يشير صالحة في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "أنقرة لن تضيّق على الإخوة السوريين ليعودوا، كما أنها تأمل بعودة من يريد ليساهم ببناء سورية التي نتطلع جميعنا إليها بعين الحرص وأمل التعافي والإعمار بأسرع وقت ممكن، بعد تهديم ممنهج قام به نظام الأسد المخلوع على مدى 13 عاماً".

المساهمون