لبنان يستجيب للحراك العالمي تضامنا مع غزة: إغلاقات رسمية وشعبية

12 ديسمبر 2023
مشاركة واسعة من متاجر ومؤسسات اقتصادية لبنانية في الإضراب (الأناضول)
+ الخط -

 

أغلق لبنان يوم الاثنين، كافة مؤسساته وإداراته العامة، استجابة للحراك العالمي التضامني مع غزة والشعب الفلسطيني والقرى الحدودية اللبنانية التي تشهد مواجهات عنيفة بين "حزب الله" وجيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تزامناً مع بدء عملية "طوفان الأقصى".
والتزاماً بالقرار الصادر عن رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، أعلن مصرف لبنان (البنك المركزي) وجمعية المصارف الإقفال، إلى جانب عددٍ من النقابات التي أصدرت بيانات منفصلة بهذا الشأن، منها نقابات الصرافين، والمهندسين، والمحامين، في حين سجّل تفاوت في المناطق على صعيد الشركات والمؤسسات الخاصة والسياحية والأسواق التجارية والهيئات الاقتصادية، بحيث اتخذت خطوة الإقفال من عدمها ذاتياً. وأعلن تجمّع الشركات المستوردة للنفط في بيان إقفال مستودعات الشركات والتوقف عن تسليم المواد النفطية (بنزين، غاز، ومازوت) أمس، على أن تستأنف عملها كالمعتاد نهار اليوم الثلاثاء. كذلك، أعلنت وزارة الأشغال العامة والنقل في بيان عن توقف الأعمال في المرافئ اللبنانية على أنواعها كافة، بينما دعا وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم، نقابات العمال وهيئات أصحاب العمل بكل مسمياتها إلى الالتزام بالإضراب العالمي.

وقال مصدرٌ في جمعية المصارف لـ"العربي الجديد"، إن "البنوك أقفلت أبوابها على جميع الأراضي اللبنانية الاثنين التزاماً بقرار مجلس الوزراء، وتضامناً مع غزة والشعب الفلسطيني وأهالي القرى الحدودية جنوبي لبنان، لكن أجهزة الصراف الآلي مفتوحة، ولن تحصل تأخيرات ملموسة على مستوى الأجور والرواتب والعمليات الأخرى".
من جهته، قال ممثل موزعي المحروقات في لبنان، فادي أبو شقرا لـ"العربي الجديد"، إننا كقطاع نفط، من شركات مستوردة، وموزعي محروقات أعلنا الإقفال ووقف عملية التوزيع، تضامناً مع غزة والشعب الفلسطيني والقرى الحدودية جنوبي لبنان، واتخذنا هذه الخطوة ترحماً على الشهداء قبل كل شيء، وهذا أقل واجب.

في المقابل، لفت أبو شقرا إلى أن محطات الوقود فتحت أبوابها باعتبارها كالأفران والصيدليات لا يمكن أن تقفل، والمواد متوفرة لديها بشكل طبيعي، ولم تسجل أي حركة تهافت عليها بل على العكس الحركة طبيعية، وأقل من طبيعية ربطاً بالإضراب الحاصل، والذي التزمت به العديد من القطاعات، ما يخفف حركة السير والتنقل على الطرقات.
في الإطار، يقول عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمال، لـ"العربي الجديد"، إن بعض المؤسسات والمحال التجارية وتلك السياحية والهيئات الاقتصادية أقفلت أبوابها الاثنين، والنسبة الأكبر في الجنوب اللبناني، فهذا اليوم هو للتضامن الإنساني والوطني، مع غزة، والشعب الفلسطيني، وأيضاً مع لبنان، الذي سقط له شهداء ويعيش جنوبه حالة حرب فعلية، ساهمت بدمار هائل وتهجير غالبية سكان القرى الحدودية وإقفال منطقة اقتصادية بذاتها.

من ناحية ثانية، يشير رمال إلى أن "لا أضرار اقتصادية لناحية إقفال المصارف، بمعنى أن لا تأثير في الحركة الإنتاجية اليومية، باعتبار أن هناك عمليات باتت أصلاً شبه معدومة مثل المقاصة وغيرها، قد نكون فقط أمام تأجيل بعض المعاملات ليوم واحد، إذ إن المصارف أصبحت منذ فترة طويلة خارج القطاع المصرفي الطبيعي".
ويلفت إلى أن دور المصارف بات محدوداً منذ الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد أواخر عام 2019 ويستعمل بشكل أساسي للسحب، وتحويل الأموال للخارج لشراء البضائع وفي عملية الاستيراد واستقبال بعض التحويلات من الخارج، تبعاً لذلك، فإن الإقفال يؤدي إلى تأخير المعاملات ليوم واحد من دون أن يحمل أي تأثير على الاقتصاد.

كذلك، يقول رمال إن هناك مؤسسات ومحال تجارية أقفلت أبوابها، خصوصاً في الجنوب اللبناني وأخرى قرّرت الفتح، ولن يكون لهذا اليوم تأثير اقتصادي بالمعنى الواسع، لكن لبنان يعاني أصلاً من أزمة اقتصادية، وزادت وتيرتها بفعل الأوضاع الأمنية والحرب على الحدود مع فلسطين المحتلة، وخصوصاً على مستوى ارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية، وتأثر القطاعات الأخرى تلقائياً. ويشير إلى أنه باستثناء بعض النمو الذي شهده القطاع المطعمي والفندقي، بيد أن القطاعات الأخرى تعاني من تراجع في عمليات البيع مقارنة بالعام الماضي، وبالتالي، فإن مشكلة لبنان منه وفيه، بغض النظر عن إضراب الاثنين".
من جهة أخرى، يقول رمال إن المؤسسات العامة التي يفترض بها أن تدخل أموالاً إلى الدولة شبه مقفلة، بفعل الأزمة الاقتصادية وإضرابات الموظفين في القطاع العام الذين ضربت قدرتهم الشرائية بشكل كبير، مع تدهور قيمة أجورهم ورواتبهم والغلاء الفاحش ودولرة الأسواق.