شهدت تونس وموريتانيا وتركيا مشاركات رمزية في الإضراب العالمي تضامنا مع غزة، في حين غابت أي مظاهر للإضراب في مصر، وتمسكت نقابات تونسية بالمشاركة الرمزية في الإضراب العالمي الذي دعا إليه نشطاء عبر شبكات التواصل الاجتماعي نصرة لغزّة رغم استمرار العمل في المرافق الحكومية والخاصة وعدم صدور أي دعوات رسمية لوقف العمل الاثنين.
ودعت الجامعة العامة للتعليم الأساسي في بيان لها أمس منظوريها من مدرسي المرحلة الابتدائية "إلى التفاعل مع مقترح الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين عبر تنفيذ وقفة احتجاجية تضامنية مع غزة في كل مدارس البلاد لمدة ساعتين مع تحية العلمين الفلسطيني والتونسي".
كما دعا الاتحاد العام لطلبة تونس طلاب مختلف الجامعات والكليات إلى دعم الإضراب العالمي احتجاجا على مجازر الاحتلال في غزة. واعتبرت المنظمة الطلابية في البيان الذي أصدرته أن "المشاركة في الإضراب العام إسناد للمقاومة وإدانة للحركة الصهيونية.
وقال الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل التونسي سامي الطاهري في تصريح لـ"العربي الجديد" إن دعوات النشطاء للإضراب العام العالمي لن تلقى إلا المساندة الوطنية والعالمية.
وأكّد الطاهري أن الدعوة إلى إضراب عام عالمي أمر غير مسبوق بالمرة وهو ما يتطلب حيزا زمنيا أوسع من أجل الترتيبات والتعبئة. كما يرى المتحدث أن الدعوة إلى إضراب عام عالمي يجب أن تصدر عن تحالف دولي نقابي أو اجتماعي أو سياسي من أجل توحيد المواقف وتنفيذ القرارات.
وأضاف الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل: الإضراب العام العالمي كشكل نضالي من أجل قضية عادلة ليس بالأمر السهل، مشيرا إلى أن إنجاحه لتحقيق الأهداف المرجوّة منه تتطلب ترتيبات طويلة.
ويرى الطاهري أن الحيز الزمني ما بين إطلاق الدعوة إلى الإضراب العام وتحديد يوم التنفيذ لم تكن كافية وهو ما قد يعرقل هذا الشكل النضالي بحسب قوله.
ويقدر خبراء الاقتصاد كلفة تنفيذ الاضراب العام في القطاعين الحكومي والخاص في تونس بنحو 150 مليون دولار.
في المقابل، سجلت الجامعات والكليات التونسية استجابة لدعوة منظمة الطلاب للإضراب العام، حيث قال عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلبة تونس غسان الكلاعي إن عددا مهما من الطلبة استجابوا للنداء العالمي لتنفيذ الإضراب.
وأكد الكلاعي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن نسبة الاستجابة للدعوة للإضراب اختلفت من مؤسسة إلى أخرى، بسبب تزامن ذلك مع فترة الامتحانات الثلاثية التي يجتازها الطلبة.
وأضاف: أضرب الطلبة في الكليات الكبيرة الوازنة وهذا الموقف السياسي يبعث برسائل واضحة وهو المساندة الشاملة للشعب الفلسطيني وقوى المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني.
ولم يسبق لنقابات تونس تنفيذ إضرابات عامة في إطار دعوات عالمية لهذا الشكل الاحتجاجي، حيث يعود آخر إضراب عام في القطاع الحكومي جرى تنفيذه في البلاد إلى يونيو/ حزيران 2022 وكان ذلك من أجل المطالبة بتحسين الأجور في 159 مؤسسة عمومية.
وفي موريتانيا، أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، تأجيل كافة الدروس والاختبارات المقررة أمس الاثنين، للمشاركة في النشاطات التي ستنظم تضامنا مع قطاع غزة.
ويأتي إعلان الوزارة بعد دعوة ناشطين ومؤثرين في دول عدة، لإضراب عالمي عام من أجل قطاع غزة، الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي مستمر منذ أكثر من شهرين، تسبب حتى الآن في استشهاد نحو 18 ألف شخص أكثرهم من الأطفال والنساء وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين.
وفي تركيا كانت هناك مشاركات عربية واضحة في الإضراب، إذ شاركت أكثر من 200 مؤسسة. وتكشف المعلمة بمدرسة الفنار الفلسطينية لـ"العربي الجديد" أن ادارة المدارس عممت العطلة تلبية للدعوة إلى الإضراب، كما تم توجيه الكوادر لعدم التعامل بأي نقد أو شراء بهذا اليوم تحديداً.
ويقول صاحب مطعم"النور" أسامة عاشور لـ"العربي الجديد" إن معظم المطاعم والمنشآت العربية الخدمية بتركيا، أضربت أمس، تلبية للدعوة العاملية، معتبراً خلال اتصال مع "العربي الجديد" أن العرب والأتراك "أولى بتلبية نداء الإضراب عسى أن يشعر الداعمون للعدوان الإسرائيلي بضغط الشارع".
بدوره، أكد الاقتصادي خليل أوزون أن جهات تركية عدة، دعت والتزمت بالإضراب، وإن لم تصدر تعليمات رسمية أو تعطل الدوائر الحكومية والتعليمية، مشيراً لـ"العربي الجديد" إلى أن عديد من جهات المجتمع المدني دعت للإضراب، منها، مثلاً، وقف محبي النبي في تركيا الذي دعا إلى دعم نداء الإضراب العالمي عبر بيان أكد خلاله "نحن ندعو جميع شعبنا المحب للنبي إلى إضراب عالمي في غزة باستخدام المبادرة المدنية في الحياة التجارية والتعليمية والاجتماعية في غزة يوم الاثنين 11 ديسمبر/ كانون الأول".
ويضيف أوزون أنه لابد لجميع "من لديه أخلاق وإنسانية" نصرة الشعب الفلسطيني، ولو عبر مقاطعة المنتجات الاسرائيلية والشركات العالمية الداعمة، أو تلبية الإضراب وعدم الخروج من المنازل أو الشراء والتعامل بالنقد أو التحويل البنكي.
وفي مصر اقتصرت الدعوات للإضراب على وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة منصتى "فيسبوك" و"تويتر"، بينما خلت الشوارع والمراكز التجارية والجامعات والأماكن العامة من أية مظاهر تحث المواطنين على المشاركة في الإضراب. ركزت وسائل الإعلام على دعوة المواطنين إلى المشاركة في الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، والتوجه إلى مقرات التصويت، وسط إقبال ضعيف. اختفت سيارات النقل الجماعي من الشوارع في ساعات الصباح الأولي من الميادين العامة، بما تسبب في تكدس المواطنين والطلاب المتجهين إلى أعمالهم ومدارسهم، فظن البعض أن هناك إضرابا من جانب السائقين، دعما لغزة، فإذ بالأمور تتكشف بعد ساعات بأن السائقين يهربون من العمل، خوفا من اقتياد ضباط الشرطة لهم لنقل الناخبين من أماكن أعمالهم إلى المقار الانتخابية.
يشير خبير حقوقي رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" إلى أن تراجع اهتمام المصريين بالدعوة إلى الإضراب من أجل غزة، يعود إلى أسباب عديدة، منها الضغوط الأمنية الشديدة، التي تواجه بعنف أية دعوات للإضراب، أو الخروج إلى الشوارع أو التعبير عن الحريات العامة، بشكل علني أو وسائل التواصل الاجتماعي.
يشير الخبير الحقوقي إلى وصول دعوات الإضراب متأخرة للمصريين، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، دفعت العديد ممن يتابعون صفحات المشاهير، الذين تصدرت صفحاتهم ملصقات تدعو إلى الإضراب الشامل، إلى التساؤل عن مطالب المضربين وكيف يشاركون في فعاليات الإضراب.