استمع إلى الملخص
- رئيس شعبة القصابين يحمّل الحكومة مسؤولية الغلاء، مشيرًا إلى تأثير زيادات أسعار الخبز، الكهرباء، الوقود، والضرائب على أسعار السلع وعجز المستهلكين عن تحمل التكاليف.
- تخفيض التجار لعدد المعروض من الأضاحي وارتفاع تكاليف الإنتاج يزيد التحديات، مع اقتراحات بتوزيع لحوم على بطاقات التموين لمساعدة المواطنين في ظل الأزمة المعيشية.
مع اقتراب عيد الأضحى تشهد الأسواق في مصر شحاً في العرض، وندرة في الطلب. تعكس الأسواق زوال فرحة الطبقة الوسطى بالحصول على أضحية مناسبة لقدراتهم المالية المتراجعة، ومدى صعوبة تدبير احتياجات البسطاء في شراء اللحم، الذي انقطع أثره من معظم البيوت أغلب العام.
تشهد سوق الأضاحي ركوداً بحركة البيع والشراء، بأهم منافذ البيع بمحافظات الشرقية والبحيرة والقليوبية والجيزة والمنيا وأسوان.
تبدأ أسعار أضاحي الضأن من 200 إلى 220 جنيهاً للكيلوغرام القائم الحي، أما البقري والجاموسي فمن 165 إلى 185 جنيهاً. وتباع لحوم الضأن بعد ذبحها من 460 إلى 500 جنيه للكيلوغرام، والجاموسي من 400 إلى 450 جنيهاً، والجملي 350 جنيهاً (الدولار نحو 47 جنيهاً).
مسؤولية الحكومة عن غلاء الأضاحي
يحمّل رئيس شعبة القصابين (الجزارين) بالغرفة التجارية في الجيزة (غرب القاهرة)، سعيد زغلول، الحكومة مسؤولية الغلاء الفاحش الذي أصاب الأسواق خلال الأشهر الماضية، مؤكداً أنها تدفع بزيادة أسعار الخبز والكهرباء والوقود، وتلاحق المنتجين بضرائب باهظة وتحمّل أصحاب الأعمال ما لا يطيقون، بما يلجئهم إلى زيادة أسعار السلع والمنتجات.
يؤكد زغلول أن المستهلكين أصبحوا غير قادرين على طلب اللحوم في ظل تدني قيمة الرواتب، ومع رفعها لفئة من الموظفين والعاملين بالقطاع العام، إذ يظل أغلبهم بالإضافة إلى العاملين بالقطاع الخاص غير قادرين على شراء اللحوم طوال العام، لسعيهم وراء تلبية الاحتياجات الأهم لأسرهم، مشيراً إلى توقف عمليات شراء اللحوم من تلك الفئة قبل العيد وبعده، ليتمكنوا من شرائها وقت العيد، لإدخال الفرحة إلى قلوب أولادهم بأقل التكاليف.
يقول زغلول لـ"العربي الجديد": "حبل المركب انفلت"، في إشارة إلى عدم قدرة الحكومة على تقديم حلول لمواجهة غلاء المعيشة واختفاء البدائل لديها في السيطرة على ارتفاع الأسعار، وتلبية احتياجات المواطنين. يتهم زغلول الحكومة بالفشل في توفير الأعلاف اللازمة لتربية المواشي محليا، وتفضيلها زراعة محاصيل تصديرية، دون أن توفر لقمة الخبز للإنسان أو الأعلاف للحيوان، مشيراً إلى أن مصر بلد زراعي كبير.
في جولة لـ"العربي الجديد" بأسواق الأضاحي بالقاهرة الكبرى، رصدت إقبالاً طفيفاً على الشراء، بينما يظهر الجمهور رغبة في الطلب بالمدن الصغيرة، رغم قلة الشوادر (أماكن بيع الأضاحي) بالشوارع التي تعرض الأضاحي عادة قبيل العيد بأسابيع.
حجز الأضاحي
يدفع الركود تاجر المواشي بالجيزة محمد الواعر إلى تخفيض عدد المعروض لديه من أغنام وأبقار، ولجوئه إلى تجميع مقدمات مالية لحجز الأضاحي، خشية تراجع المشترين عن قراراتهم باللحظات الأخيرة، فيصعب تسويق ما يتركونه مع اقتراب موسم الأضاحي.
يعزو الواعر زيادة الأسعار إلى غلاء أعلاف التسمين والتغذية للمواشي، والأدوية وتكلفة العمالة، والنقل، حيث تربى الماشية بكميات تجارية في الأرياف والمزارع البعيد عن الكتل السكنية حول المحافظات. تسبب الغلاء في خروج كثير من صغار المربين للماشية في بيوتهم أو الحظائر الصغيرة التي تتسع لنحو 10 – 20 رأس ماشية من سوق التربية.
يمثل صغار المربين قوة كبيرة في سوق العرض للأضاحي، رخيصة التكلفة سهلة التسويق داخل القرى والمدن الصغيرة. وواجه الواعر وأمثاله من التجار مشكلة في تجميع الأضاحي من صغار المربين، حيث يتطلب التعاقد الدفع الفوري للمشتريات، وتوفير وسيلة نقل، مرتفعة التكلفة، للتجول بأكبر عدد من القرى ومنافذ تجميع الأضاحي.
تسويق المنتجات
يفضل كبار المنتجين تسويق الأضاحي على المراكز التجارية وكبار موزعي اللحوم، بما يعطي الأولوية لبيع اللحوم الحية، وتسويقها للمواطنين في الشوادر التي تقام بالميادين العامة بالمدن وعواصم المحافظات.
واجه المنتجون ارتفاعاً في قيمة الواردات من سلالات مواشي التربية التي تأتي عادة من هولندا وإسبانيا، بسبب تراجع الجنيه أمام الدولار والعملات الصعبة بنحو 40% منذ مارس/ آذار الماضي، بينما تأثر الموردون طوال العام بعدم قدرتهم على تدبير العملة الصعبة لشراء المواشي ومستلزمات الإنتاج، بما دفع أغلبهم إلى تقليص حجم الأعمال، وقصر التشغيل على ما لديهم من مخزون من السنوات السابقة، وقليل من حصص الاستيراد الجديدة. يبالغ البائعون في سعر الأضاحي من الماعز والخرفان، حيث بلغت الزيادة نحو 40% عن الموسم الماضي، بينما ارتفعت بنسبة 15% للبقر والجاموس.
يتوقع نائب رئيس شعبة الجزارة بالغرفة التجارية، هيثم عبد الباسط، استمرار صعود أسعار اللحوم الحية والمستوردة خلال الفترة المقبلة، لوجود مستويات عالية من التضخم بأسعار الأعلاف والأدوية البيطرية، والنقل والمحروقات والكهرباء، وزيادة الأسعار عالمياً.
يشير عبد الباسط لـ "العربي الجديد" إلى أن حالة اضطراب الشحن الدولي بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة لم تمكن تجار المواشي من شراء احتياجاتهم من الأسواق العالمية، بما دفعهم إلى الاعتماد على السوق المحلي المحدود، في تدبير الأضاحي.
يؤكد أعضاء الشعبة أنه بانتهاء عيد الأضحى سيزيد حجم العجز في المعروض من الماشية واللحوم، بما يهدد الأسواق بموجة جديدة من الغلاء، وتهديد المربين بعدم القدرة على تدبير أمهات محلية قادرة على توفير احتياجات السوق لعام 2025، مطالبين بأن تساهم الحكومة في تشجيع صغار المربين على تدبير الاعلاف، وتسهيل دخول مستلزمات الإنتاج لكبار المنتجين، والتوسع في مساحات زراعة الأعلاف محلياً.
لحوم على بطاقات التموين
دفعت أزمة المعيشة وعدم قدرة المواطنين على شراء اللحوم النائب خالد أبو نحول إلى تقديم اقتراح للحكومة بتوزيع 2 كيلو من اللحم على بطاقات التموين لكل أسرة. وأعرب النائب في طلبه عن خشيته أن يؤدي الارتفاع الشديد في أسعار اللحوم إلى عدم قدرة كثير من المواطنين من ذوي الدخل المحدود، على شراء اللحوم في العيد للمرة الأولى، بعد أن أخرجتهم الأزمة المالية من فئة القادرين على تناول اللحوم.
لكن طلب النائب يتناقض مع توجه الحكومة لزيادة أسعار الكهرباء والمياه والمحروقات، وتخفيض قيمة الدعم السلعي عن المواطنين، حيث بدأت برفع سعر الخبز المدعوم الأسبوع الماضي بنحو 300% وهي في سبيلها لرفع أسعار السكر، مع تثبيت قيمة الدعم السلعي للفرد عند حدود 50 جنيهاً شهرياً، ويصرف الدعم العيني لنحو 63 مليون نسمة.