بينما يعاني سوق العقارات في معظم أنحاء العالم من حالة ركود، إذ انخفضت قيم الإيجار والبيع إلى حد كبير، وسط ارتفاع أسعار الفائدة وتوقعات اقتصادية قاتمة، خالفت أغلب دول الخليج العربي الاتجاه السائد، استناداً إلى انتعاش أسعار النفط والغاز بعد لجوء العديد من الدول الأوروبية إلى البديل الخليجي لتعويض وقف إمدادات الطاقة الروسية بعد حرب أوكرانيا.
ورغم الأزمة الاقتصادية وارتفاع نسب التضخم والفائدة، من المرجح أن يستمر مشترو مساكن الأثرياء في اقتناص الفرص على مدار الـ 12 شهرا القادمة، وفقًا لتقرير توقعات الرفاهية لعام 2023 من "سوذبيز إنترناشيونال".
ولما كان قطاع النفط والغاز المؤثر الأول في اقتصادات الخليج، فإن انتعاش أسعار الطاقة بنهاية عام 2022 والتوقعات بشأن استمرارها مرتفعة في 2023، من شأنها تعزيز القدرة الشرائية بسوق العقارات الفاخرة الخليجي.
ورجّح تقرير حديث لمجلة "ميد" أن تستفيد جميع الدول الست في دول الخليج من ارتفاع أسعار الطاقة، بعد أن حققت فوائض مالية في عام 2022، وهو إنجاز من المقرر أن يتكرر في عام 2023.
وأورد التقرير أنه بينما تظل حكومات دول مجلس التعاون الخليجي ملتزمة بالانضباط المالي، فإن نشاط المشروعات والإنشاءات يتم الحفاظ عليه على نطاق واسع، من خلال مزيج من الإنفاق على البنية التحتية الحيوية وتجديد التنمية، مشيراً إلى أن معنويات الأعمال في الدول الست لا تزال إيجابية للغاية.
إمارة دبي
وفي هذا الإطار، شهد سوق العقارات الفاخرة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحديدا إمارة دبي، قفزة كبيرة خلال العام الماضي، إذ جرى تنفيذ 219 صفقة بقيمة إجمالية وصلت إلى 14.3 مليار درهم (3.9 مليارات دولار)، حسب ما نقلت وكالة بلومبيرغ عن الشريك ورئيس أبحاث الشرق الأوسط في "نايت فرانك" فيصل دوراني.
وبلغ عدد صفقات قطاع العقارات الفاخرة التي تتجاوز قيمة كل منها 10 ملايين دولار في الإمارة 219، متجاوزا إجمالي الصفقات التي تمت في الفترة من 2010 وحتى 2020 حسب تقرير لـ "نايت فرانك".
وأورد التقرير ذاته أن "التجمعات الفاخرة في الإمارة، والتي تشمل تلال الإمارات وجزيرة خليج الجميرا ونخلة جميرا، قد سجلت معاً نمواً في الأسعار بنسبة 44% خلال العام الماضي".
وفي هذا الإطار، شهدت التجمّعات العمرانية الجديدة في دبي زيادة في مبيعات العقارات الفاخرة، بما فيها منطقة دبي هيلز، التابعة لشركة إعمار العقارية، التي عقدت 15 صفقة تزيد قيمتها عن 10 ملايين دولار في عام 2022، بما في ذلك عملية بيع قياسية بقيمة 205 ملايين درهم.
كما باع المشروع السكني لشركة ماجد الفطيم "تلال الغاف" فيلاته الأمامية بمنطقة كرستال لاغون بسعر 45 مليون درهم.
ومن المرجح أن تشهد سوق دبي العقارية بكاملها نمواً بنسبة 5 إلى 7%، بينما من المرجح أن تشهد السوق الفاخرة مضاعفة هذا المستوى إلى حوالي 13.5%"، بحسب دوراني.
اللؤلؤة ولوسيل قطر
وفي قطر، كشف تقرير شركة الأصمخ للمشاريع العقارية عن ارتفاع الطلب على العقارات الفاخرة، خاصة في مشروعي اللؤلؤة ولوسيل، ولفت إلى الانتهاء من إنشاء عدد من المباني الخاصة بقطاع الضيافة وأغلبها سيكون فنادق، بالإضافة إلى مشاريع سكنية ومتعددة الاستخدامات، إلى جانب إنشاءات أخرى بمناطق الجنوب في الوكرة والوكير والمشاف، وبعض المناطق شمال الدوحة.
واعتبر تقرير "الأصمخ" أن السيولة، سواء الآتية من الإنفاق الحكومي على مشاريع التنمية، أو شركات التطوير والمستثمرين العقاريين بالإضافة إلى ارتفاع الطلب، تشكل الحلقة الأقوى في نمو الإنشاءات العقارية وازديادها في مناطق مختلفة.
وتعود تلك السيولة بالأساس إلى انتعاش قطاع الغاز، إذ توقعت نشرة مؤسسة "عبد الله بن حمد العطية" الدولية للطاقة والتنمية المستدامة لتقديرات 2023 ارتفاع الأسعار على مدار العام.
ويبلغ متوسط أسعار الشقق السكنية في لوسيل 1.1 مليون ريال للشقة المكونة من غرفة نوم واحدة، و1.3 مليون ريال لغرفتين، و1.9 مليون ريال لـ 3غرف، فيما يقدر متوسط سعر المتر المربع في الشقق الكائنة بالخليج الغربي بالأبراج المتعرجة بـ11 ألف ريال (الدولار = 3.65 ريالات)، ويتراوح السعر في اللؤلؤة بين 12 ألفا و22 ألف ريال للمتر المربع، حسب تقرير "الأصمخ".
عقارات السعودية
وفي السعودية، أظهرت بيانات الهيئة العامة للإحصاء، الخميس الماضي، أن أسعار العقارات في السعودية ارتفعت بنسبة 1.6% في الربع الرابع من عام 2022 على أساس سنوي، بتأثير من ارتفاع أسعار العقارات السكنية بنسبة 2.6%
ومن بين العقارات السكنية الأخرى، ارتفعت أسعار الفلل بنسبة 1.7% والشقق بنسبة 2.2%، كما انخفضت أسعار البيوت بنسبة 0.4% في حين استقرت أسعار العمائر السكنية ولم تسجل أي تغيّر نسبي يذكر.
وفي مجمل العام الماضي، ارتفعت أسعار العقارات السكنية في السعودية بأسرع وتيرة منذ 8 سنوات، إذ زاد المتوسط السنوي لمؤشر أسعار العقار بنسبة 1.1% مقارنة بالمتوسط السنوي لعام 2021.
ارتفعت أسعار الفلل بنسبة 1.7% والشقق بنسبة 2.2%، كما انخفضت أسعار البيوت بنسبة 0.4%
ويشهد سوق العقارات السكنية في المملكة نشاطاً ملحوظاً خلال الآونة الأخيرة لمواكبة "رؤية 2030"، الهادفة لرفع معدّلات تملّك السعوديين للمنازل إلى 70% بنهاية مدة الخطة، وفي ظلّ خطة لجعل الرياض في مصاف أكبر 10 مدن اقتصادياً في العالم.
مشروعات الدقم في عُمان
تمتد منطقة الدقم الاقتصادية على مساحة قدرها ألفي كيلومتر مربع في سلطنة عمان، وهي شريط ساحلي على بحر العرب طوله 70 كيلومتراً، ما يسمح بتنوع مجالات الاستثمار فيها؛ بما يشمل التطوير العقاري.
وتضمن تطوير المنطقة 8 مشروعات، أحدها سكني يضم وحدات فاخرة، ودشنت حكومة سلطنة عمان مرحلته الثانية، المعروفة باسم "مشروع مساكن"، الأسبوع الماضي.
و"مساكن" هو أحدث مشروع سكني في المنطقة، ويتميز بموقع استراتيجي وسط مدينة الدقم، على بعد 10 دقائق من ميناء المدينة و15 دقيقة من مطار المدينة.
ويتميز "مساكن" بتصميم معماري فريد بإطلالات طبيعية وواجهات زجاجية أنيقة تسمح بعبور مريح لضوء الشمس، وتنظيم للمساحات المحيطة بما يضمن تقليل فرص الازدحام، بما يضمن تقديم تجربة سكنية مريحة.
وبلغ حجم الاستثمارات الخاصة بالمنطقة، وفق بيانات رسمية، أكثر من 3.6 مليارات ريال عُماني (9.35 مليارات دولار)، بينما بلغ عدد عقود انتفاع المشروعات الاستثمارية نحو 431 مشروعاً.