02 سبتمبر 2024
هزليات السياسة الأسدية (26)
بسبب النحس مات مدير المنطقة!!
أَعْلَمَنَا أبو الجود في مستهل سهرة "الإمتاع والمؤانسة" التي عقدت في منزل صديقنا "أبو ماهر" أن بعض الأصدقاء فتحوا شهيته على الكلام دون أن يقصدوا ذلك. سأله أبو إبراهيم عن كيفية حدوث ذلك، فقال:
- إذا بتتذكروا، مِنْ مدة، في حدا من الشباب حكى لنا عن عضو فرعْ حزبْ البعث اللي رعى حفلة موسيقية في المركز الثقافي، وتضايقْ لأن الفرقة الموسيقية في أول الاحتفال انشغلت بدوزنة الآلاتْ، وطلبْ من مديرْ المركزْ يخبّر العازفين بأنه لازم هلق يعزفوا، ويدقوا ويغنوا، ويؤجلوا دوزنة الآلاتْ لبعدما ينصرفوا الناسْ، والأحسنْ إنه كل واحدْ من العازفين يدوزنْ آلتُه في بيتُه، ويصطفلْ منُّه لمَرْتُه وولادُه!
قال أبو جهاد: وأشو بقى اللي خلى شهيتك تنفتح عَ الحكي يا سيد أبو الجودْ؟ حضرتك بتفهم بالحفلات الموسيقية والدَقّْ عَ العودْ والكمنجة؟ وَلَّا انفتحتْ شهيتَكْ ع الحكي لما أجت سيرة الحزبْ باعتبارْ إنك كنت من زمان آذنْ وشَغّيْلْ في البوفيه تبع شعبة الحزبْ؟
قال أبو الجود: مشكلتك يا أبو جهاد إنك بتحبّْ تتمسخرْ لكن ما بتعرف تتمسخرْ. يا سيدي أنا انفتحتْ شهيتي ع الكلامْ لما الشباب قالوا عن عضو فرع الحزب اللي رعى الحفلة إنه قبلما يصير عضو فرع كانْ عَنْدُه طرطيرة "حلفاوية" بيشتغل عليها لحتى يطعمي عياله، وإنهم عينوه بالفرعْ لحتى يمثّلْ صغارْ الكسبة والعمال اللي بينقلوا محاصيلهم على ظهورْ الطرطيراتْ.
قال أبو زاهر: طيب ليش بوقتها ما عَلَّقت؟
قال أبو الجود: بصراحة، اللي خلاني إسكت إنه الأستاذ كمال بلش يحكي لنا عن عضو مجلس الشعب نديم شفلح.. وأنا بوجود الأساتذة الكبار متل الأستاذ كمال ما إلي دور ولا إلي حكي.
قلت: الحقيقة إنه أبو جهادْ قال كلام كتير صحيح ودقيق. المقصود إنه مو معقولْ نكونْ عَمْ نحكي عن إيداعْ النقودْ في البنوكْ، وسحب الشيكاتْ والتحويل المصرفي، وعن آخر الموضات اللي بتطلع في أوربا، وتنفتحْ شهية أبو الجود عَ الحكي.. بينما حديث الطرطيرة، أو حديث الاقتراضْ من الدكانْ، أو الخناق بين الرجال ومرتُه، بيوقظْ عنده الرغبة في الكلام والتعبيرْ عن الذاتْ.
قال أبو الجود: أنا موافق على كلام أبو المراديس، وببصم له بالعشرة. حتى إذا بتحكوا عن الإبنْ اللي بيهرُب من العسكرية، أو الإبن اللي بيقول لأبوه زوجني وهوي ما بيشتغل بأي مهنة ولا بيدخل له عشر ليرات، كمان أنا بتنفتح شهيتي، لأن هاي القصص بعرفها وعايشها.. بس هلق حكايتنا مو هون.
قلت: عظيم. يعني هلق وصلنا للحكاية؟
قال أبو الجود: نعم. يا شباب أنا لما كنت آذن وعامل بوفيه في شعبة الحزب أجا يزورنا رجل عمره شي خمسين سنة، مبين عليه إنه شخصية مهمة، شعره شايب شوي، وطقمه فضي أنيق ومكوي لابسُه فوق قميص أبيض وعاقد فوقه كرافة كحلية. أنا كنت واقف برة، وأمين الشعبة رَنّ لي الجرس. جيت وقلت له: إئمور أستاذ؟ قام كَزّ على شفته، وغمزني، وطلب مني قرب لعنده. قربت لعنده وقلت له: خيرْ أستاذْ؟ فقال لي: تضرب في شكلك المخربط، الهيئة إنه أم الجود عاملتلك بهدلة من الصبحْ بَكّيْرْ. قلت له: (يا أستاذ) أم الجود كل يوم بتبهدلني، يعني مو بس اليوم، قلي هلق أشو بتؤمر؟ قال لي: لسه بتقلي أستاذ؟ ما بتعرفْ تقلي يا رفيقْ؟ وَلَّا مْفَكّرْ تبهدلنا قدامْ الرفيق "أبو عزام" قائد الشرطة؟ أنا لما عرفت إنه هادا الضيف هوي قائد الشرطة انبسطتْ كتيرْ، وعَ السريع جيت لعنده وقلت له: لا تواخذني يا أستاذ، قصدي يا رفيق، والله ما كنت عرفان إنك قائد الشرطة. أشو بتحب تشرب سيدي؟ شاي، قهوة، زهورات، لبن عيران، زهورات، مَلّيسة؟ ولا بتحبّ أجيبْ لك سندويشة فلافل أو شاورما؟ ولا بتريد أجيب لك قرص شعيبيات؟ في برات الشعبة واحد بيعمل سحلب كتير طيب، بتحب جبلك سحلب.. ترى إنته قول أي شي وراح تلاقيني تحت أمرك.
قال أبو جهاد: وليشْ بقى كل هالنفاقْ وتمسيحْ الجوخْ لقائد الشرطة؟
قال أبو الجود: بصراحة؟ هاي الشغلة إلها علاقة بالنحسْ تبعي. وبعد أمركم هلق بدي إحكي لكم قصة تانية إلها علاقة بالنحس، وبعدها منرجع لقصتي مع الرفيق أبو عزام قائد الشرطة.
وافقنا على الفكرة، لأن أحاديث أبو الجود وقصصه بشكل عام ممتعة.
قال: أنا قبل هاي الزيارة كان لازمني شغلة من مدير المنطقة. وقررت أروح لعنده على مبنى قيادة المنطقة وأقابلُه. يوميتها تسكرت بوجهي كل البواب. كنت أروح عالمبنى، وأوقف تلات ساعات قدام الباب اللي مكتوب عليه (الشرطة في خدمة الشعب)، وكنت كل شوي إسأل الحاجب تبعه إذا كان بإمكاني أقابله، وهوي بيقلي مشغول، أو عنده اجتماع، أو عنده ضيوف، ومرة رحت لعنده عالبيت، وبمجرد ما قربت من الحرس وقلت لهم بدي شوفه انقسموا لعدة فرق: ناس يضربوني، وناس يصيحوا فيني، وناس يحشكوا لي، بالأخير احزروا أيش صار.
قلنا له بصوت واحد: أيش صار؟
قال أبو الجود: طلع قائد المنطقة من البيت وقال: شو في؟ لشو كل هالصراخ؟ في واحد منهم ضرب له تحية وقال له: يا سيدي هادا الواطي يمكن جاية لهون حتى يعمل عمل تخريبي. سألهم: فتشتوه؟ قال واحد تاني: يا سيدي ما كان عندنا وقت نفتشه، لأنه شوفة عينك كنا عم نضربه ونسبه ونحشك له. قال لهم: طيب فتشوه. فتشوني، وأنا لما العسكري حط إيده على خواصري صرت إضحك. فقال لهم مدير المنطقة. خلص اتركوه. وقال لي: كمان عم تضحك؟ شو بدك ولا حيوان؟ قلت له: بدي أقابلك. قال لي تعال بكرة عالمديرية الساعة عشرة. رحت تاني يوم الساعة عشرة وأنا عم أقول لحالي الحمد لله. أخيراً انحلت القصة. بس اللي صار أثبت لي بالدليل القاطع إنه النحس تبعي أساسي، يعني متل لون السيارة اللي بتجي من معملها.
قال أبو محمد: أف. ليش أشو صار؟
قال: لما دخلت على مديرية المنطقة لقيت عمال الإسعاف شايلين نقالة متسطح عليها مدير المنطقة، وبعد شي يومين أو تلاتة سمعت إنه مات.
(للقصة بقية)
أَعْلَمَنَا أبو الجود في مستهل سهرة "الإمتاع والمؤانسة" التي عقدت في منزل صديقنا "أبو ماهر" أن بعض الأصدقاء فتحوا شهيته على الكلام دون أن يقصدوا ذلك. سأله أبو إبراهيم عن كيفية حدوث ذلك، فقال:
- إذا بتتذكروا، مِنْ مدة، في حدا من الشباب حكى لنا عن عضو فرعْ حزبْ البعث اللي رعى حفلة موسيقية في المركز الثقافي، وتضايقْ لأن الفرقة الموسيقية في أول الاحتفال انشغلت بدوزنة الآلاتْ، وطلبْ من مديرْ المركزْ يخبّر العازفين بأنه لازم هلق يعزفوا، ويدقوا ويغنوا، ويؤجلوا دوزنة الآلاتْ لبعدما ينصرفوا الناسْ، والأحسنْ إنه كل واحدْ من العازفين يدوزنْ آلتُه في بيتُه، ويصطفلْ منُّه لمَرْتُه وولادُه!
قال أبو جهاد: وأشو بقى اللي خلى شهيتك تنفتح عَ الحكي يا سيد أبو الجودْ؟ حضرتك بتفهم بالحفلات الموسيقية والدَقّْ عَ العودْ والكمنجة؟ وَلَّا انفتحتْ شهيتَكْ ع الحكي لما أجت سيرة الحزبْ باعتبارْ إنك كنت من زمان آذنْ وشَغّيْلْ في البوفيه تبع شعبة الحزبْ؟
قال أبو الجود: مشكلتك يا أبو جهاد إنك بتحبّْ تتمسخرْ لكن ما بتعرف تتمسخرْ. يا سيدي أنا انفتحتْ شهيتي ع الكلامْ لما الشباب قالوا عن عضو فرع الحزب اللي رعى الحفلة إنه قبلما يصير عضو فرع كانْ عَنْدُه طرطيرة "حلفاوية" بيشتغل عليها لحتى يطعمي عياله، وإنهم عينوه بالفرعْ لحتى يمثّلْ صغارْ الكسبة والعمال اللي بينقلوا محاصيلهم على ظهورْ الطرطيراتْ.
قال أبو زاهر: طيب ليش بوقتها ما عَلَّقت؟
قال أبو الجود: بصراحة، اللي خلاني إسكت إنه الأستاذ كمال بلش يحكي لنا عن عضو مجلس الشعب نديم شفلح.. وأنا بوجود الأساتذة الكبار متل الأستاذ كمال ما إلي دور ولا إلي حكي.
قلت: الحقيقة إنه أبو جهادْ قال كلام كتير صحيح ودقيق. المقصود إنه مو معقولْ نكونْ عَمْ نحكي عن إيداعْ النقودْ في البنوكْ، وسحب الشيكاتْ والتحويل المصرفي، وعن آخر الموضات اللي بتطلع في أوربا، وتنفتحْ شهية أبو الجود عَ الحكي.. بينما حديث الطرطيرة، أو حديث الاقتراضْ من الدكانْ، أو الخناق بين الرجال ومرتُه، بيوقظْ عنده الرغبة في الكلام والتعبيرْ عن الذاتْ.
قال أبو الجود: أنا موافق على كلام أبو المراديس، وببصم له بالعشرة. حتى إذا بتحكوا عن الإبنْ اللي بيهرُب من العسكرية، أو الإبن اللي بيقول لأبوه زوجني وهوي ما بيشتغل بأي مهنة ولا بيدخل له عشر ليرات، كمان أنا بتنفتح شهيتي، لأن هاي القصص بعرفها وعايشها.. بس هلق حكايتنا مو هون.
قلت: عظيم. يعني هلق وصلنا للحكاية؟
قال أبو الجود: نعم. يا شباب أنا لما كنت آذن وعامل بوفيه في شعبة الحزب أجا يزورنا رجل عمره شي خمسين سنة، مبين عليه إنه شخصية مهمة، شعره شايب شوي، وطقمه فضي أنيق ومكوي لابسُه فوق قميص أبيض وعاقد فوقه كرافة كحلية. أنا كنت واقف برة، وأمين الشعبة رَنّ لي الجرس. جيت وقلت له: إئمور أستاذ؟ قام كَزّ على شفته، وغمزني، وطلب مني قرب لعنده. قربت لعنده وقلت له: خيرْ أستاذْ؟ فقال لي: تضرب في شكلك المخربط، الهيئة إنه أم الجود عاملتلك بهدلة من الصبحْ بَكّيْرْ. قلت له: (يا أستاذ) أم الجود كل يوم بتبهدلني، يعني مو بس اليوم، قلي هلق أشو بتؤمر؟ قال لي: لسه بتقلي أستاذ؟ ما بتعرفْ تقلي يا رفيقْ؟ وَلَّا مْفَكّرْ تبهدلنا قدامْ الرفيق "أبو عزام" قائد الشرطة؟ أنا لما عرفت إنه هادا الضيف هوي قائد الشرطة انبسطتْ كتيرْ، وعَ السريع جيت لعنده وقلت له: لا تواخذني يا أستاذ، قصدي يا رفيق، والله ما كنت عرفان إنك قائد الشرطة. أشو بتحب تشرب سيدي؟ شاي، قهوة، زهورات، لبن عيران، زهورات، مَلّيسة؟ ولا بتحبّ أجيبْ لك سندويشة فلافل أو شاورما؟ ولا بتريد أجيب لك قرص شعيبيات؟ في برات الشعبة واحد بيعمل سحلب كتير طيب، بتحب جبلك سحلب.. ترى إنته قول أي شي وراح تلاقيني تحت أمرك.
قال أبو جهاد: وليشْ بقى كل هالنفاقْ وتمسيحْ الجوخْ لقائد الشرطة؟
قال أبو الجود: بصراحة؟ هاي الشغلة إلها علاقة بالنحسْ تبعي. وبعد أمركم هلق بدي إحكي لكم قصة تانية إلها علاقة بالنحس، وبعدها منرجع لقصتي مع الرفيق أبو عزام قائد الشرطة.
وافقنا على الفكرة، لأن أحاديث أبو الجود وقصصه بشكل عام ممتعة.
قال: أنا قبل هاي الزيارة كان لازمني شغلة من مدير المنطقة. وقررت أروح لعنده على مبنى قيادة المنطقة وأقابلُه. يوميتها تسكرت بوجهي كل البواب. كنت أروح عالمبنى، وأوقف تلات ساعات قدام الباب اللي مكتوب عليه (الشرطة في خدمة الشعب)، وكنت كل شوي إسأل الحاجب تبعه إذا كان بإمكاني أقابله، وهوي بيقلي مشغول، أو عنده اجتماع، أو عنده ضيوف، ومرة رحت لعنده عالبيت، وبمجرد ما قربت من الحرس وقلت لهم بدي شوفه انقسموا لعدة فرق: ناس يضربوني، وناس يصيحوا فيني، وناس يحشكوا لي، بالأخير احزروا أيش صار.
قلنا له بصوت واحد: أيش صار؟
قال أبو الجود: طلع قائد المنطقة من البيت وقال: شو في؟ لشو كل هالصراخ؟ في واحد منهم ضرب له تحية وقال له: يا سيدي هادا الواطي يمكن جاية لهون حتى يعمل عمل تخريبي. سألهم: فتشتوه؟ قال واحد تاني: يا سيدي ما كان عندنا وقت نفتشه، لأنه شوفة عينك كنا عم نضربه ونسبه ونحشك له. قال لهم: طيب فتشوه. فتشوني، وأنا لما العسكري حط إيده على خواصري صرت إضحك. فقال لهم مدير المنطقة. خلص اتركوه. وقال لي: كمان عم تضحك؟ شو بدك ولا حيوان؟ قلت له: بدي أقابلك. قال لي تعال بكرة عالمديرية الساعة عشرة. رحت تاني يوم الساعة عشرة وأنا عم أقول لحالي الحمد لله. أخيراً انحلت القصة. بس اللي صار أثبت لي بالدليل القاطع إنه النحس تبعي أساسي، يعني متل لون السيارة اللي بتجي من معملها.
قال أبو محمد: أف. ليش أشو صار؟
قال: لما دخلت على مديرية المنطقة لقيت عمال الإسعاف شايلين نقالة متسطح عليها مدير المنطقة، وبعد شي يومين أو تلاتة سمعت إنه مات.
(للقصة بقية)