02 سبتمبر 2024
منظمة حقوق الإنسان العميلة
في جلسة "الإمتاع والمؤانسة" التي انعقدت في مدينة "الريحانية" التركية بإحدى سهرات صيف 2012، تحدث "أبو الجود" عن موضوع التقارير الأمنية، ولكن بطريقته الخاصة.
قال: أنتم، جماعة الأدب، صرعتم قفانا بالشاعر المخبر فلان الفلاني، وكأن سورية الأسد ما فيها غير هادا المخبر. من دون يمين، المخبرون عندنا أكثر من بذور البقلة. أنا بعرف مخبر لما كان يحطّ واحد من أهل البلد في بالُه، خلال أقل من شهر، يخليه يوصل لسجن تدمر العسكري.
قال أبو زاهر: نعم، أنا أعرفه، إنه مخبر فعال.. تقاريره قاطعة.
قال: أنتم، جماعة الأدب، صرعتم قفانا بالشاعر المخبر فلان الفلاني، وكأن سورية الأسد ما فيها غير هادا المخبر. من دون يمين، المخبرون عندنا أكثر من بذور البقلة. أنا بعرف مخبر لما كان يحطّ واحد من أهل البلد في بالُه، خلال أقل من شهر، يخليه يوصل لسجن تدمر العسكري.
قال أبو زاهر: نعم، أنا أعرفه، إنه مخبر فعال.. تقاريره قاطعة.
قال أبو الجود ممازحاً: وثاقبة، وناجحة، وذات مردود عالٍ.. المهم، يا شباب، المخبر اللي حكيت لكم عنه اسمه "علان العلاني"، له عادات غريبة، منها أنه يحمل في يده (سُبَّحَة)، وحينما يجلس في المقهى يعاني من الضجيج والأصوات المتداخلة التي تُشَوِّش على الأصوات التي يسترق السمع إليها، فإذا سمع حديثاً دسماً بين اثنين، تبدأ أصابعه بتحريك حبات السبحة بسرعة كما لو أنها تساعده على التقاط (التَرَدُّد).. وبعدما يكتمل لديه التقرير يغادر المكان بسرعة ليوصله إلى الفرع..
وأما الأيام التي تشح فيها الأخبار الصالحة لكتابة التقارير، فتراه ضجراً، يمارس عادة لم أجدها عند غيره من الرجال، وهي أنه يتوهم وجود شعرة ناتئة في قمة خده الأيمن، يمد إبهامه وسبابته ويحاول التقاطها، ثم يقتلعها ويقرب إصبعيه إلى ما تحت عينيه، ويتأملهما، وحينما يخيب أمله في اقتلاع الشعرة يعيد المحاولة كما لو أنه سيزيف تَبَعْ الصخرة..
قال العم أبو محمد: مين سيزيف؟
قال أبو الجود: ما بعرف والله، هاي الكلمة أنا أسمعها من الشباب المثقفين، بيقولوا أنه هادا الزلمة كان عنده صخرة وطلبوا منه يطالعها إلى راس الجبل، وأمضى عمره وهو يدحرجها لفوق، ولكنها تفلت، وتتزحلق، وترجع لتحت..
قال أبو زاهر: إذا بتريد، لا تضيع لنا الحديث بالفذلكة، هات احك لنا أيش صار بينك وبين المخبر علان العلاني؟
قال أبو الجود: أنا جيت مرة إلى المقهى، لقيته ناصب (كمين). قدامه لابتوب وقاعد يتصيد. لما شافني، وقف، وقال لي (أهلين أبو الجود. ترى إنك جيت بوقتك). ودعاني للجلوس معه، وطلب لي فنجان قهوة وسط. وبلش يحكي لي قصص فايتة ببعضها البعض.
قال كمال: متل أيش؟
قال أبو الجود: بعدما جاء الكرسون بالقهوة، قرب علان فمه من أذني وقال لي (في اعتقالات جديدة في البلد. الله يسترنا).. فأنا ضحكت وقلت له: فخار يكسر بعضه يا سيد علان، نحن الجماعة اللي ليس لنا علاقة بالسياسة معتادون أن نبتعد عن الهَمّ ونغني له. فتابع حديثه بنفس الطريقة التي توحي بالسرية، وقال لي: هاي المرة الاعتقالات مو سياسية. وأخفض صوته للأخير وقال لي: حقوق إنسان.
لاحظ أبو الجود أن مقدمته كانت ناجحة جداً في إثارة انتباه السامرين، فتابع يحكي عن لقائه بالمخبر علان العلاني الذي أوحى له بأن هناك جماعة من الناشطين شكلوا منظمة لها علاقة بحقوق الإنسان، وأن الحكومة السورية تعتبر هذه المنظمة متآمرة وعميلة، ومرتبطة بالدوائر الصهيونية والإمبريالية، وقد وصلتهم تقارير كثيرة تنص على أن نشاط هذه المنظمة قد تمدد حتى وصل إلى إدلب وريفها، ولا يستبعد أن يكون لها تواجد هنا، في أماكن قريبة من هنا، بل وحتى في هذه القهوة..
ضحك أبو زاهر وقال لأبي الجود: لازم المخبر علان يقول لك: لا أستبعد أنه قاعد الآن مقابلي على هذه الطاولة!
قال أبو الجود: هو كان يريد أن يزحلقني، ولكنني يومها خربت له كل اللعبة، وخليته يخرج من باب المقهى راكضاً دون أن يدفع ثمن القهوة.
قال أبو محمد: أيش عملت؟
قال أبو الجود: وقفت، وقلت للحاضرين في المقهى: سمع شباب، سماع. أخونا علان عم يكتب تقرير للمخابرات عن جماعة حقوق الإنسان، فَـ العضو بمنظمة حقوق الإنسان الجديدة يوقف ويرفع إيده.. خلي الأستاذ عَلان يكمل تقريره!
وللحديث صلة
وأما الأيام التي تشح فيها الأخبار الصالحة لكتابة التقارير، فتراه ضجراً، يمارس عادة لم أجدها عند غيره من الرجال، وهي أنه يتوهم وجود شعرة ناتئة في قمة خده الأيمن، يمد إبهامه وسبابته ويحاول التقاطها، ثم يقتلعها ويقرب إصبعيه إلى ما تحت عينيه، ويتأملهما، وحينما يخيب أمله في اقتلاع الشعرة يعيد المحاولة كما لو أنه سيزيف تَبَعْ الصخرة..
قال العم أبو محمد: مين سيزيف؟
قال أبو الجود: ما بعرف والله، هاي الكلمة أنا أسمعها من الشباب المثقفين، بيقولوا أنه هادا الزلمة كان عنده صخرة وطلبوا منه يطالعها إلى راس الجبل، وأمضى عمره وهو يدحرجها لفوق، ولكنها تفلت، وتتزحلق، وترجع لتحت..
قال أبو زاهر: إذا بتريد، لا تضيع لنا الحديث بالفذلكة، هات احك لنا أيش صار بينك وبين المخبر علان العلاني؟
قال أبو الجود: أنا جيت مرة إلى المقهى، لقيته ناصب (كمين). قدامه لابتوب وقاعد يتصيد. لما شافني، وقف، وقال لي (أهلين أبو الجود. ترى إنك جيت بوقتك). ودعاني للجلوس معه، وطلب لي فنجان قهوة وسط. وبلش يحكي لي قصص فايتة ببعضها البعض.
قال كمال: متل أيش؟
قال أبو الجود: بعدما جاء الكرسون بالقهوة، قرب علان فمه من أذني وقال لي (في اعتقالات جديدة في البلد. الله يسترنا).. فأنا ضحكت وقلت له: فخار يكسر بعضه يا سيد علان، نحن الجماعة اللي ليس لنا علاقة بالسياسة معتادون أن نبتعد عن الهَمّ ونغني له. فتابع حديثه بنفس الطريقة التي توحي بالسرية، وقال لي: هاي المرة الاعتقالات مو سياسية. وأخفض صوته للأخير وقال لي: حقوق إنسان.
لاحظ أبو الجود أن مقدمته كانت ناجحة جداً في إثارة انتباه السامرين، فتابع يحكي عن لقائه بالمخبر علان العلاني الذي أوحى له بأن هناك جماعة من الناشطين شكلوا منظمة لها علاقة بحقوق الإنسان، وأن الحكومة السورية تعتبر هذه المنظمة متآمرة وعميلة، ومرتبطة بالدوائر الصهيونية والإمبريالية، وقد وصلتهم تقارير كثيرة تنص على أن نشاط هذه المنظمة قد تمدد حتى وصل إلى إدلب وريفها، ولا يستبعد أن يكون لها تواجد هنا، في أماكن قريبة من هنا، بل وحتى في هذه القهوة..
ضحك أبو زاهر وقال لأبي الجود: لازم المخبر علان يقول لك: لا أستبعد أنه قاعد الآن مقابلي على هذه الطاولة!
قال أبو الجود: هو كان يريد أن يزحلقني، ولكنني يومها خربت له كل اللعبة، وخليته يخرج من باب المقهى راكضاً دون أن يدفع ثمن القهوة.
قال أبو محمد: أيش عملت؟
قال أبو الجود: وقفت، وقلت للحاضرين في المقهى: سمع شباب، سماع. أخونا علان عم يكتب تقرير للمخابرات عن جماعة حقوق الإنسان، فَـ العضو بمنظمة حقوق الإنسان الجديدة يوقف ويرفع إيده.. خلي الأستاذ عَلان يكمل تقريره!
وللحديث صلة