مؤامرة وانقلاب في سهرتنا
أقام أبو الجود القيامة على "أبو ماهر"، إذ أرسل إلى المجموعة تسجيلاً صوتياً صاخباً قال فيه:
- ما راح أقول إن هاي مؤامرة علي، لإنه المؤامرات بتنطبخ بالعادة على نار هادية، أما هاد اللي كتبه أخونا أبو ماهر أنا بسميه انقلاب، ويا ريت من الأول قلتوا لي إنكم ما بتحبوا إسهر معكم، يعني كنت بدبر حالي وبسهر مع ناس تانيين.. لك يا خاي أبو ماهر إنته ما شفت مسلسل الزير سالم أبو ليلى المهلهل؟ وما شفت شلون العربان دَبّحوا بعضهم البعض منشان ناقة ما بتسوى ربع دينار؟
كتب أبو ماهر: بلى شفته، وبعرف إن العرب كانوا يتقاتلوا على أتفه الأسباب، بس أنا ما فهمت، أيش علاقة مسلسل الزير سالم بالسهرة مع بعضنا بوجود نسواننا؟
أرسل أبو الجود تسجيلاً صوتياً ثانياً قال فيه: أنا ومرتي بعمرنا ما تخانقنا وتشاجرنا على ناقة أو على جمل، لأن لا أنا ولا هيي منمتلك مصاري بتكفي لنشتري الخف تبع الجمل، الخف يعني القَدم اللي بيدوس عليها الجمل أو اللي بتدوس عليها مدامتُه الناقة، نحن منتخانق إذا أم الجود ضيعت الكشتبان اللي بتستعمله لما بترقع تياب الولاد، وإذا عطست وقلت لها "أرحمك الله" بتزعل، لأنها بتفكر إني شمتان فيها، وإذا ما قلت لها "أرحمك الله" بتزعل لأنها بتعتبرني مطنشها، ومرة من المرات صارت مشكلة طويلة عريضة منشان هالموضوع، ذكروني شي مرة، إذا بقيت أسهر معكم، لأحكي لكم عليها.
تدخل الأستاذ كمال، وكتب على المجموعة الرسالة التالية:
- رويدكم أيها الأصدقاء، ولا تنسوا أننا لاجئون مُهَجَّرون هاربون من براميل ابن حافظ الأسد وطيران فلاديمير بوتين وصواريخ رئيس حزب الله ابنِ أبي زُمَّيْرة والولي الفقيه وداعش وماعش ومشتقاتهما، وأنا أعرف أن تحقيق سهرة عائلية متكاملة الآن أمر شبه مستحيل، فخالتي أم محمد ماتت في القرية بعدما نزلت قذيفة على بيت ابنتها المتزوجة في مدينة سراقب، وماتت هي وأولادها، ثم ماتت أم محمد من قهراً عليهم، وعمي أبو محمد الآن يبحث بالفتيل والسراج عن امرأة أرملة أو مطلقة ليضع جبناته فوق خبزاتها ويعيشان تالي العمر مع بعضهما في هذه البلاد البعيدة.. والأخت أم زاهر ذهبت قبل مدة لتزور أحفادها في ألمانيا، وعلقت هناك، تنتظر أن توافق القنصلية التركية على إعطائها تأشيرة دخول، يعني أبو زاهر هو الآخر يعيش الآن وحيداً، وأما أبو جهاد فقد نزح من سورية في الأساس وحده، وكلما سئل كيف حالك يقول: شوفة عينك، عايش وحدي مثل القرد اللي آكل قتلة من صاحبه.. وبالنسبة لي كانت زوجتي تطالبني بأن نسهر مع بعضنا رجالاً ونساء، وكنت أعتذر لها عن ذلك، حتى يئست مني، وشكلت مع مجموعة من اللاجئات شلة نسوان، وصرن ينتقلن من مكان إلى آخر، ويسهرن، ويمارسن عملية (القَلي).. سألتُها مرة: ماذا تعنين بالقلي؟ قالت لي في كل سهرة نتفقد بعضنا لنعرف من هي الغائبة؟ وعندما نعرف مَن هي نضعها في المقلاة، يعني نباشر بالحكي عليها مشكل وملون وشروي غروي، وفي السهرة القادمة نتلقاها مباوسة ونبدي لها أسفنا لغيابها ونطلب منها المشاركة في وضع واحدة أخرى غائبة في المقلاة، وأنا أعتقد أن السيدة أم مرداس موجودة الآن في إسطنبول، وسيكون سهلاً على صديقنا أبي مرداس أن يصطحبها معه إلى منزل أبي ماهر، وحقيقة أنا لا أعرف إن كانت أختنا أم إبراهيم ستأتي للسهرة أم لا، ولكنني سأتوقف بشكل خاص عند موضوع أبي الجود، وقد فكرت بأمره طويلاً، وتبين لي أن السهرة في غيابه ستكون موحشة، أو لنقل: بسوية أقل، وقد تشاورتُ مع زوجتي وقررنا أن نذهب سوياً إلى بيت أبي الجود، ونحل الموضوع بينهما ثم نصحبهما بسيارة أجرة (على حسابي) إلى بيت أبي ماهر حيث ستنعقد السهرة.
أرسل أبو جهاد رسالة صوتية حاول فيها النيل من أبي الجود (كالعادة) يقول:
- إنته يا أستاذ كمال عم تنفخ بقربة مقطوعة، ويمكن خطر في بالك إنه أبو الجود رجل كُوَيِّس، وإنه الحق في كل هاي الأمور على أم الجود، يا أخي قسماً بالله أنا لو كنت امرأة وقالوا لي: ما في رجل تَقَدَّمْ لخطبتِك غير أبو الجود بحلف يمين إني بمضي عمري من دون رجل ولا بتزوجه، وعلى أيش بدي أتزوجه بلا مؤاخذة؟ فقر ونحس وقلة حيلة وما بيطلع من البيت بلا ما يعمل مشكلة، وبيرجع عالبيت متل صبي الحمام إيد من ورا وإيد من قدام.
أرسل أبو الجود رسالة صوتية بدأها بضحكة مجلجلة ثم قال: ما في حدا في الكون عادل وحكيم متل رب العالمين، جَلَّ إسمُه لأنه خَلق "أبو جهاد" ولد وما خلقه بنت، بشرفي لو كان أبو جهاد بنت كان والدُه أكل فيه (كُمّ) مرتب، وأكيد إخواته الشباب والبنات بيتزوجوا وكل واحد منهم بيروح على بيته، أما هالبنت (اللي هي أبو جهاد فرضاً) بتبقى قاعدة على قلب أبوها وأمها، ويمكن أمها تعطيكم عمرها بعد عمر طويل، ويتزوج الأب امرأة تانية، وتبقى هالبنت خدامة عند زوجة أبوها.
كتب كمال: صدقاً يا أبو الجود إنك بارع في تصوير الحالات الإنسانية بخيال رائع، ورغم كل هالشي أنا بشوف لازم تعتذر من أبو جهاد لأنك جُرْت عليه بالحكي. المهم متلما اتفقنا، أنا زوجتي راح نمر عليكم بالتكسي وناخدكم ع السهرة.
أرسل أبو الجود تسجيلاً صوتياً يبدؤه بالضحك ثم قال: إذا جينا بالتكسي على حسابك، كيف بدنا نرجع عالبيت؟!
(للحديث بقية)