قالت لي مين ترشح؟.. قلت حافظ

10 ابريل 2019
+ الخط -
الحديث عن الانتخابات التركية، ومقارنتها بالانتخابات السورية، لذيذ وممتع. هذا ما توصلنا إليه خلال جلسة "الإمتاع والمؤانسة" التي كانت منعقدة في منزل صديقنا "أبو جهاد" أثناء فترة الانتخابات التركية.

بعد تناول طعام العشاء.. ومع كاس شاي خمير، انفتحتْ شهيتنا على المقارنة بين النظام السوري من جهة، وأنظمة الدول التي تحترم نفسها وشعوبها كلها، من جهة أخرى. حكى الأستاذ كمال عن الآلية المتبعة في اختيار رئيس للجمهورية العربية السورية، وهي أن القيادة القطرية تجتمع قبيل موعد انتهاء الاستحقاق الرئاسي، وتختار رفيقاً بعثياً مناضلاً ممن تثق بمقدرتهم على إدارة دفة سفينة قُطرنا العربي الصامد، وترسل اسمه إلى مجلس الشعب، وبدوره مجلس الشعب يناقش الأمر، ثم يطرح اسم الرفيق المناضل للاستفتاء الشعبي.
سأل أبو إبراهيم: بالنسبة لاجتماع القيادة القطرية، برأيك مو لازم يكون مكتمل النصاب القانوني؟

ضحك الأستاذ كمال وقال: مكتمل النصاب؟! القانوني؟!! بربي وديني ومعتقدي، إذا الآذن (الفراش) المناوب في القيادة القطرية بيكتب، بخطه المْفَشْكَلْ، أن القيادة القطرية اجتمعت وقررت ترشيح الرفيق المناضل حافظ الأسد لرئاسة الجمهورية، راح تلاقي إنو مجلس الشعب اجتمع ووجه رسالة شكر للآذن الفراش على هذا الاختيار الصائب، ووافق عليه بسرعة البرق، وأحاله للاستفتاء الشعبي، ومستحيل حدا يسأل عن "اكتمال نصاب القيادة القطرية"، أو عن "نْصَابْ الفأس".


قلت: اسمحوا لي بتعليق صغير. أولاً: كلام الأستاذ كمال صحيح تماماً. لأنو الشعب السوري كان يبقى - بحسب الإعلام السوري - متلهفاً، وتواقاً، ومتعطشاً لأنو يكون حافظ الأسد رئيسه لفترة قادمة.. منشان هيك ما بيهتم كتير للشكليات، وإنو اكتمل النصاب ولا عمرو ما اكتمل.. تانياً: من خلالْ معرفتي كيف كانت الأمور تجري في قطرنا العربي السوري الصامد، بقولْ إنو موافقة أعضاء القيادة القطرية على ترشيح الرفيق حافيييظ برفع الإيد كانت في البدايات كافية وبتزيد، ولكن مع مرور الزمن، وبعدما عرفْ الرفاق إنو "حافييظ" مانو رفيق عادي، وإنما واحد عبقري، وفلتة، وما بتمشي البلد من دونو، وضروري، صار لازم يحضر الاجتماع كل أعضاء القيادة، مو بس النصاب القانوني.. يا سيدي الكل لازم يحضروا، حتى لو بيكون واحد من الأعضاء بهالفترة مريض، ومتلقح على ضهرو بالمستشفى، ومعلق بإيدو السيروم، لازم يقوم، ويتنشط، ويطيرْ متل الطير عَ القيادة القطرية، لحتى يثبت حضورو من جهة، ويأيد ترشيح الرفيق المناضل حافييظ من جهة ثانية، ولازم ما تكون الموافقة على الترشيح برفع الإيد، أو فموياً وشفاهياً، وإنما لازم يسبقها قول عبارة، أو جملة، أو نشيدة، أو مقطوعة زجلية تشيد بعبقرية هالرئيس المرشح.. أنا بتخيل واحد عضو قيادة قطرية واقف وماسك الميكروفون في الاجتماع وعم يصيح عتابا:

قالت لي مين تْرِشِّحْ قلتْ حافظْ..
تـ يبقى البلد لدروس العز حافظْ
أنا مانّي شاعر لاكني حافظْ
بعضْ أبْيَاتْ ديوان العَرَبْ

ولما بينتهي من غناء بيت العتابا بيسألو الأمين القطري المساعد:
- يعني حضرتك يا رفيق بترشح الرفيق المناضل حافظ الأسد؟
فينط وبيقلو: ولو يا رفيق. على ذمتك هيك سؤال بينسئل؟ طبعاً، بلا شك، ومين ممكن أرشح غير حافيييظ البطل المغوار؟
وعلى هيك ومتلو لحتى نخلص من القيادة القطرية في انتظار الحفلة الكبيرة اللي بتصير عادة تحت قبة مجلس الشعب.

قال أبو جهاد: أنا بعتقد إنو أعضاء القيادة القطرية كلُّنْ ساكنين في الشام، واجتماعُن خلال ساعة بيكون جاهز، وأما أعضاء مجلس الشعب صعب يجتمعوا بسرعة، وبهيك حالة بيكفي يكون البعض منهم موجودين، وبالأخير النتيجة هيي هيي، نفسا.

قال كمال: أنا مختلف معك أخي أبو جهاد بعدة نقاط.. أولاً، ما في ضرورة للعجلة، وهيك موضوع بيطلع من القيادة القطرية قبل فترة كافية، وتانياً هادا اجتماع شَرَفي، يعني اللي بيغيب راح يخسر شرف التصويت بـ نعم على ترشيح القائد الضرورة حافيييظ لرئاسة الجمهورية لفترة قادمة، وتالتاً، إذا صارت دبكة على باب المجلس احتفاءً بترشيح حافيييظ للرئاسة، راح يخسر العضو الغائب شرف الدبيك والنخ.. ورابعاً: المحافظات البعيدة فيها مطارات، ممكن الأعضاء يجوا بالطائرات ويوصلوا ع المجلس قبل غيرهم.

وللحديث صلة
خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...