02 سبتمبر 2024
سمر رمضاني... ضربني المعلم حتى تبولت في ثيابي (9)
(رمضان 2005- إحدى الليالي).
فتح الأستاذ كمال الطبنججي سيرة التحول في الشخصية الإنسانية بفعل الظروف. ومع أن معظم السامرين الرمضانيين ذوو تحصيل علمي بسيط إلا أنهم لم يرفضوا الخوض في موضوع كهذا.
قال الخال فارس: إذا بدكن تحكوا بهيك قصص وتتفلسفوا لازم تشربونا الحكي بالملعقة، لأن نحن مفهومياتنا محدودة.
قال كمال: يا خالي حاج فارس. القصة ليست صعبة كما تتخيل. أنت تعرف الحاج خالد السحلبجي.
قال الحاج فارس: مين ما بيعرفه؟ هو رجل محترم، كان يشتغل بإصلاح بوابير الكاز، والواحد يأتيه الصبح ببابور كاز متعطل ومليان شحار، وجواته مسدود من كثر تجمع الأوساخ فيه، ما بيشتعل إلا بطلوع الروح، بيرجع لعنده العصر بيلاقي بابوره صاير متل الصاعقة، وما بياخد غير أجرة بسيطة وفي صدر دكانه مكتوبة عبارة: القناعة كنز لا يفنى.
قال كمال: ابنه الثاني مازن السحلبجي كان متوسط الحال من ناحية تلقي العلم، وسقط في الشهادة الإعدادية سنة، وفي السنة الثانية نجح بمجموع قليل، وانتسب لدار المعلمين نظام السنوات الأربع، وتخرج، بعد جهد جهيد بصفة معلم ابتدائي.
قال أبو سلوم: يا أستاذ كمال، أنت تعزمنا بين الحين والآخر على العشا، وتكثر من لحم الخروف الضاني والصنوبر، ثم تتبع الطعام بصينية كنافة أم النارين، ما عدا الفواكه والشاي الخمير، ووالله لولا ذلك لزعلت منك لأجل هذا الكلام.
دهش كمال وقال له: ليتك تأكل السم الهاري يا أبو سلوم ، ليش تزعل؟
قال أبو سلوم: عم تحكي عن واحد كسلان، تعب على حاله شوي، وأخذ أهلية التعليم. بقى وين التحولات؟
قال كمال: القصة بدأت بعد ثلاث سنوات قضاها وهو يمارس التعليم في قرية جنقرة على طريق جسر الشغور. وفجأة شغرت وظيفة رئيس دائرة الثقافة والإعلام في نقابة المعلمين. ولأن مازن السحلبجي بعثي وملتزم عينوه فيها. ومن هنا بدأت التحولات.
تشوق الحاضرون لمعرفة ماهية هذه التحولات. قال الخال عموري: حلو. وأيش صار بعدين؟
قال كمال: من هنا بدأت التحولات التراجيكوميدية تظهر على شخصيته. غَيَّر مشيته، وراح يمشي وكأنه بالع عصا مستقيمة، غَيَّر طريقة كلامه، وأخذ يخرج معظم الحروف من زاوية صغيرة إلى اليسار من فمه، وصار، بين عشية وضحاها، مثقفاً.
قلت: لحظة. هذه ثقيلة. يغير مشته وطريقة كلامه فهمناها، ولكن، كيف صار مثقفاً؟
قال: كان في تلك المديرية مكتبة صغيرة تحتوي على بعض الكتب الأدبية والسياسية والثقافية ومجلات شبيبية وطليعية ومجلة صوت المعلمين إلى آخره. قرأ مازن بعض المجلات والنشرات الحزبية، وكتابين سياسيين، وقبل أن يباشر بقراءة الثالث خطر له أن يؤلف كتاباً على حسابه.
قال أبو سلوم: بس ما يكون تأليفه مثل تأليفي.. أنا في الصف الخامس كتبت موضوع إنشاء، وعلى أثره ظل الأستاذ يضربني بالعصا حتى بدأت تظهر بقعة على بنطلوني من الأمام، فصاح فيني: أيش هاي البقعة ولاك؟ فقلت له:
- سلامتك أستاذ، أنا تبولت.
ضحك الجميع وقال الخال عموري: الله يسلم يديه.
قال كمال: قصدك تسلم يدا مازن لأنه ألف كتاباً؟
قال: أبداً، الله يسلم إيدين الأستاذ اللي ضرب أبو سلوم لحتى خلاه يشخ في ثيابه. من دون يمين هذا الأستاذ يستاهل الاحترام.
قال الخال فارس: إذا بدكن تحكوا بهيك قصص وتتفلسفوا لازم تشربونا الحكي بالملعقة، لأن نحن مفهومياتنا محدودة.
قال كمال: يا خالي حاج فارس. القصة ليست صعبة كما تتخيل. أنت تعرف الحاج خالد السحلبجي.
قال الحاج فارس: مين ما بيعرفه؟ هو رجل محترم، كان يشتغل بإصلاح بوابير الكاز، والواحد يأتيه الصبح ببابور كاز متعطل ومليان شحار، وجواته مسدود من كثر تجمع الأوساخ فيه، ما بيشتعل إلا بطلوع الروح، بيرجع لعنده العصر بيلاقي بابوره صاير متل الصاعقة، وما بياخد غير أجرة بسيطة وفي صدر دكانه مكتوبة عبارة: القناعة كنز لا يفنى.
قال كمال: ابنه الثاني مازن السحلبجي كان متوسط الحال من ناحية تلقي العلم، وسقط في الشهادة الإعدادية سنة، وفي السنة الثانية نجح بمجموع قليل، وانتسب لدار المعلمين نظام السنوات الأربع، وتخرج، بعد جهد جهيد بصفة معلم ابتدائي.
قال أبو سلوم: يا أستاذ كمال، أنت تعزمنا بين الحين والآخر على العشا، وتكثر من لحم الخروف الضاني والصنوبر، ثم تتبع الطعام بصينية كنافة أم النارين، ما عدا الفواكه والشاي الخمير، ووالله لولا ذلك لزعلت منك لأجل هذا الكلام.
دهش كمال وقال له: ليتك تأكل السم الهاري يا أبو سلوم ، ليش تزعل؟
قال أبو سلوم: عم تحكي عن واحد كسلان، تعب على حاله شوي، وأخذ أهلية التعليم. بقى وين التحولات؟
قال كمال: القصة بدأت بعد ثلاث سنوات قضاها وهو يمارس التعليم في قرية جنقرة على طريق جسر الشغور. وفجأة شغرت وظيفة رئيس دائرة الثقافة والإعلام في نقابة المعلمين. ولأن مازن السحلبجي بعثي وملتزم عينوه فيها. ومن هنا بدأت التحولات.
تشوق الحاضرون لمعرفة ماهية هذه التحولات. قال الخال عموري: حلو. وأيش صار بعدين؟
قال كمال: من هنا بدأت التحولات التراجيكوميدية تظهر على شخصيته. غَيَّر مشيته، وراح يمشي وكأنه بالع عصا مستقيمة، غَيَّر طريقة كلامه، وأخذ يخرج معظم الحروف من زاوية صغيرة إلى اليسار من فمه، وصار، بين عشية وضحاها، مثقفاً.
قلت: لحظة. هذه ثقيلة. يغير مشته وطريقة كلامه فهمناها، ولكن، كيف صار مثقفاً؟
قال: كان في تلك المديرية مكتبة صغيرة تحتوي على بعض الكتب الأدبية والسياسية والثقافية ومجلات شبيبية وطليعية ومجلة صوت المعلمين إلى آخره. قرأ مازن بعض المجلات والنشرات الحزبية، وكتابين سياسيين، وقبل أن يباشر بقراءة الثالث خطر له أن يؤلف كتاباً على حسابه.
قال أبو سلوم: بس ما يكون تأليفه مثل تأليفي.. أنا في الصف الخامس كتبت موضوع إنشاء، وعلى أثره ظل الأستاذ يضربني بالعصا حتى بدأت تظهر بقعة على بنطلوني من الأمام، فصاح فيني: أيش هاي البقعة ولاك؟ فقلت له:
- سلامتك أستاذ، أنا تبولت.
ضحك الجميع وقال الخال عموري: الله يسلم يديه.
قال كمال: قصدك تسلم يدا مازن لأنه ألف كتاباً؟
قال: أبداً، الله يسلم إيدين الأستاذ اللي ضرب أبو سلوم لحتى خلاه يشخ في ثيابه. من دون يمين هذا الأستاذ يستاهل الاحترام.