رفعت الأسد يضرب من جديد (4)

25 يونيو 2020
+ الخط -
قال كمال إن بإمكاننا أن نتعامل الآن مع الرفيق رفعت الأسد بوصفه رجلاً خرفاً لعبت السنون بملكاته العقلية فأجبرته على (تأجير الطابق الفوقاني)! والدليل على ذلك ما روي عنه بأن صحافياً فرنسياً ذهب إليه في أحد المنتجعات السياحية التي يفترض أنه ورثها عن والده علي الأسد في إحدى ضواحي باريس، وسأله عن ضلوعه بمجازر حماه سنة 1982، وهل صحيح أن سرايا الدفاع التابعة له أزالت بضعَ حارات من على وجه الأرض وقتلت كل مَن فيها من رجال ونسوان وأطفال وقطط؟ فضحك الخرفان المؤجر رفعت وقال للصحافي: عفواً يا إبني، يمكن ما سمعتك منيح، حضرتك عم تحكي عن تدمير حارات في حماه؟ وين بتصير هاي حماه؟!

أبو المراديس: أنا كلما سمعت هاي القصة بتذكر قصة لكاتب أيرلندي بيحكي فيها عن واحد شرس، متل رفعت الأسد وزيادة، في شبابه راح خطب بنت كان يحبها وهيي بتحبه، لكن أهلها رفضوه، فغضب، وراح جمع كم عنصر من أصدقاؤه أشباه البغال، وهجموا في الليل على بيت الفتاة، ولما طلع أبوها وإخوتها ليدافعوا عنها خبطوهم قتلة حشك ولبك وأخد البنت وطلع، ولما شافها عم تبكي دبت فيه النخوة ورَجَّعْها لأبوها وقال له: ليك ولاه واطي، أنا فيني آخدها غصباً عنك، بس خلص ما عاد بدي ياها، روح انقعها واشرب ميتها.. وبعدما مر على هالحادثة شي خمسين سنة شافته المرأة وهيي في السبعين من عمرها، كان هوي قاعد على حافة الطريق وحالته يرثى لها من التعب والإجهاد والأمراض، فقربت منه وعرفته على حالها وقالت له أنا فلانة اللي كنت تحبني.. فحك راسه وقال لها: انقلعي من خلقتي أنا ما بحب حدا. قالت له وأنا كنت أحبك، فقال لها: ليش بتحبيني؟ شو الداعي؟ أكيد عقلك بوقتها ما كان سليم، شو بدك بالحب والعلاك؟ روت له العجوز تفاصيل هجومه على بيت أهلها قبل نصف قرن وكيف خطفها بالقوة، فقال لها: والله يا عين عمك أنا ما بتذكر إني عملت هيك عمل، لكن لو عملته بكون بالفعل أهبل، ليش في حدا براسه عقل بيحب وحدة وبيهجم ع دار أهلها؟.. وبينما هيي عم تحكي معه وبتحاول تستعيد ذكرياتها معه، بيجوا أحفاده اللي كانوا عم يدوروا عليها، لأنه متل العادة، بيطلع من البيت وما عاد يعرف يرجع.

حنان: بدي إلفت نظر زوجي العزيز كمال وصديقنا أبو المراديس لفكرة مهمة. إنتوا بصراحة ارتكبتوا خطأ منطقي لما ربطتوا جهل أو تجاهُل رفعت الأسد لمدينة حماه بالخرف وتأجير الطابق الفوقاني.


كمال: أف. ووين بقى الغلط؟

حنان: بشار الأسد دمر خلال العشر سنين الماضية حوالي 35 بالمية من الأبنية السكنية الموجودة في سورية، ومع هيك إذا بتسأله، مثلاً، عن قرية كفرسجنة، أو حيش، أو بسقلا، بيجوز يقلك أنا ما بعرف وين بتصير هاي الأماكن اللي عم تحكي عنها، وهادا مو دليل خرف، لكن بيحدث من كتر الشغل، إنته يا أبو المراديس ما بتعرف إنه الإنسان المشغول ما بيفضى يحك راسه؟ ما صدف إني وجهت لك أم مرداس سؤال عن شغلة جرت قبل عشر سنين، ورديت عليها إنك ما بتتذكر أشو تعشيت البارحة؟

أبو المراديس: كلام الست حنان فيه وجهة نظر، لكن بنفس الوقت بيفتقر للدقة، فهدول المجرمين، قصدي رفعت وحافظ وبشار مو شرط يكونوا خرفانين ومؤجرين الطوابق الفوقانية لحتى يحكوا هيك، ومو شرط يكونوا نسيانين من كتر الشغل.. لازم ما ننسى إنهم كذابين، ومو معقول الواحد منهم يطلع – مثلاً - في مقابلة مع مؤسسة صحفية أميركية أو بريطانية ويقول لك أنا خربت أربع حارات بحماه، أو ارتكبت مجزرة بسجن تدمر، أو طبيت براميل وضربت كيماوي ع الناس، بالعكس، بشار الأسد في مقابلة تلفزيونية قال إنه ما في رئيس في العالم ممكن يقتل شعبه، وإذا انوجد هيك رئيس فأكيد بيكون مجنون..

أبو الجود: بيحكي هيك على أساس إنه هوي عاقل.

أم زاهر: الله يعطيكم العافية. بالفعل الموضوع صار واضح كتير.. ويا ريت بقى ترجعونا للسؤال اللي طرحناه من أول سهرة؛ وهوي: أيش علاقة رفعت الأسد باتحاد الكتاب العرب؟

أبو محمد: نعم. وما بعرف إذا الشباب ناوين يدخّلونا بالحيط قبلما يجاوبونا على هالسؤال.

أبو المراديس: المؤسسات المدنية في النظام الديكتاتوري الأسدي بتشتغل على مبدأ الأواني المستطرقة.. بيكون الواحد في نظام الأسد ضابط كبير في الجيش، ومجرم، وطول النهار بيقتل مواطنين وبيفتح مقابر جماعية، متل رفعت الأسد، مثلاً، وفجأةً بيخطر على باله يصير عضو في نقابة المحامين. شايف إنكم بلشتوا تضحكوا. هادا الشي فعلاً بيضحّك، لكن ممكن الحدوث. ولما بيطرح فكرة انتسابه لنقابة المحامين أمام المرافقين والمنافقين تبعه، بينط واحد منهم وبيقول له: كفو يا معلم أبو دريد، بحضي بديني هلق عم إتخيلك وإنت واقف على قوس المحكمة وعم تقول للقاضي سيدي الرئيس.. هون بينطمز الرفيق رفعت وبيقول: شو قلت ولاك كر؟ أنا بقول لهالقاضي الكر (سيدي الرئيس)؟ لا بحضي بديني ما بعملا. فكروا لي بغيرها، بينط واحد تاني من المنافقين المرافقين وبيقول له: أحسن شي سيدي القائد إنك تصير عضو في اتحاد الكتاب العرب! ومتلما بتعرف يا سيدي القائد، رفيقنا "علي عقلة" بده خدمة لشواربك ع المسك. وبيتقدم مرافق منافق تالت وبيطرح فكرة غاية في الأهمية، وهيي إنه الرفيق علي عقلة عرسان، والرفيق عبد الله أبو هيف، والرفيق أحمد أبو موسى، كلهن دكاترة، والرفيق رفعت مَنُّو دكتور، وما هي كيسة بحقه.. وبيقترح مرافق رابع إنه يجيب دكتوراه ويدخل على اتحاد الكتاب بقوة، وهون بيتدخل الرفيق رفعت وبيقول: ما إلي خلق إقرا وإدرس وأعمل دكتوراه، فبيقول له منافق خامس إنه القصة ما بدها قراية وكتابة وتعب. يا سيدي المهم إنك تفت عملة. فبيقول رفعت طز بالعملة، شو أنا تعبان فيها؟ وبيفت عملة وبيشتري دكتوراه وبينتسب لاتحاد الكتاب العرب، وبعد 39 سنة من انتسابة بينفصل من الاتحاد هوي وزميله خطيب بدلة بقرار واحد، بتوقيع الأستاذ الدكتور حسين جمعة..

(للقصة بقية)..
خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...