02 سبتمبر 2024
المواطن المذبذب المحترم
روى لي الصديق الفنان ميسر شتات حكاية جرت أحداثها أيامَ انفصال سورية عن مصر عام 1961. فقال: كان ابن بلدنا، أريحا، "أبو الحجي" رحمه الله، يقيم في دمشق بحكم عمله هناك، وبدأ مؤيدو الوحدة يخرجون في مظاهرات احتجاجاً على الانفصال، ويهتفون بسقوط قائده الضابط عبد الكريم النحلاوي، وقد أطلقوا على النحلاوي لقباً غريباً هو: "باتنجانة مقلية".
وذات مرة أراد أبو الحجي أن يقود مظاهرة مميزة، فوقف بوسط ساحة كبيرة وبدأ ينادي بأعلى صوته: هيّة هيّة.. فجاوبه الأشخاص الموجودون في المكان: شو هيّة؟ وهكذا حتى التفّ حوله عددٌ كبير من الناس، واستمر يهتف: هيّة هيّة.. فيرددون: شو هيّة؟ أخيراً قال أبو الحجي: باتنجانة مقليّة!
وهنا تبيّن أنّ نصف المتظاهرين كانوا من عناصر المكتب الثاني (مخابرات)، فانقضّوا على بقية المتظاهرين واعتقلوهم جميعاً ومنهم بطبيعة الحال أبو الحجي الرأس المدبر للمظاهرة، واقتادوهم جميعاً إلى السجن، وبعد عدّة أيام قضاها الجميع في قبو السجن، أخرجوهم إلى فسحة كبيرة أمامه، ووقفوا جميعاً رتلاً أحادياً أمام طاولة جلس خلفها محقق غاضب وحوله بعض مساعديه، والحرس يحيط بهم، وبدأ التحقيق الذي كان سؤالاً واحداً فقط يوجّه لكل متظاهر، وهو:
وذات مرة أراد أبو الحجي أن يقود مظاهرة مميزة، فوقف بوسط ساحة كبيرة وبدأ ينادي بأعلى صوته: هيّة هيّة.. فجاوبه الأشخاص الموجودون في المكان: شو هيّة؟ وهكذا حتى التفّ حوله عددٌ كبير من الناس، واستمر يهتف: هيّة هيّة.. فيرددون: شو هيّة؟ أخيراً قال أبو الحجي: باتنجانة مقليّة!
وهنا تبيّن أنّ نصف المتظاهرين كانوا من عناصر المكتب الثاني (مخابرات)، فانقضّوا على بقية المتظاهرين واعتقلوهم جميعاً ومنهم بطبيعة الحال أبو الحجي الرأس المدبر للمظاهرة، واقتادوهم جميعاً إلى السجن، وبعد عدّة أيام قضاها الجميع في قبو السجن، أخرجوهم إلى فسحة كبيرة أمامه، ووقفوا جميعاً رتلاً أحادياً أمام طاولة جلس خلفها محقق غاضب وحوله بعض مساعديه، والحرس يحيط بهم، وبدأ التحقيق الذي كان سؤالاً واحداً فقط يوجّه لكل متظاهر، وهو:
- أنت (نون ألف) أم (ألف نون)؟
فإذا أجاب المعتقل أنا (نون ألف) يقول المحقق لمساعديه: رجعوه عَ القبو. وإذا أجاب أنا (ألف نون)، يقول المحقق أيضاً: رجعوه عَ القبو.
استفهم أبو الحجي من المعتقل الجالس أمامه عن معنى المصطلحين، فهمس له أن نون ألف (نا) تعني ناصري، وأن ألف نون (إنْ) تعني انفصالي. فهز رأسه وشكره بإشارة من يده.
ولما جاء دوره في السؤال أجاب: أنا يا سيدي لستُ (نا)، ولا (إنْ).
قال المحقق: لكان أنت شو؟
قال: يا سيدي أنا ميم ذال؟
سأله المحقق: وما معنى ميم ذال ولَاه؟
أجاب أبو الحجي: مذبذب.
ههنا شقرق الضابط، وغلبته الضحكة وقال لمساعديه:
- أطلقوا سراح هذا المواطن الصالح!