الرفيق مزلقان يلعب بعقل معلمه السابق
سرد علينا كمال بعض الوقائع المثيرة التي حدثت مع بطل سيرتنا سلمون بعد انتقاله للعمل في مكتب "النزاهة العقارية" الذي يمتلكه الأخ أبو رستم وشريكه أبو سلمان، وقد اتفق الشريكان مع سلمون على أن يكون اسمُه أثناء العمل هو "الرفيق مَزلقان".
افتتح الرفيق مزلقان (سلمون سابقاً) نشاطه العقاري بأن دعا صديقه "أبو عمشو" صاحب المبقرة لبيع مبقرته.. ومع أن "أبو عمشو" قابَلَ الأمرَ بالضحك في البداية، إلا أنه انساق مع الأفكار الشريرة التي عرضها عليه الرفيق مزلقان عندما قال له: أنت يا عمي أبو عمشو طويل وعريض ولايق، ولما بتمشي في الزقاق بيحسدوك الرجال على شبوبيتك، والنسوان بيتطلعوا فيك بحسرة وبيقولوا (ما شالله على هالرجال أشو لايق! الله يخليه لمرته).. بس..
فنجر أبو عمشو عينيه وقال: بس أشو ولاك مزلقان الكلب؟
ضحك مزلقان وقال: لا تواخذني، بدي أقول إنه عقلك زغير! شوف عمي، الجسم ما إله علاقة بالعقل، إنته مو بتعرف رفيقي أحمدوني؟
قال أبو عمشو: بعرفه. إشبه؟
مزلقان: جسمه بقد الجحش وعقله بقد عقل الدبانة. يعني نفس الشي، متلك.
قال أبو عمشو وقد امتلأ غيظاً: أنا بعد شوي بدي أمسك بخوانيقك، وأسطحك ع الأرض وأبقى دايس على راسك بكندرتي لحتى تقلي ليش أنا عقلي زغير. قول ولاك حيوان.
مزلقان: يا عمي أبو عمشو، إنته معك رأسمال كويس ومانك عرفان قيمته. مبقرتك اليوم حقها مليونين ليرة أو أكتر، ومجمّد هالرسمال الكبير في البقر، ومن قلة عقلك بتمشي في الزقاق وإنته رافع راسك لفوق ومعلق وردة جورية في عقالك وكأنك عامل شي كويس، وما بتعرف أيش ممكن يصير بهالمبقرة في الليل أو في النهار.
فتح أبو عمشو فمه من دهشة وسأله: أشو ممكن يصير ولاك؟
مزلقان: خلينا نقول هالبقرات والتيران أجاهن مرض، لا سمح الله، وإجا لعندك واحد من العمال وبَلَّغَك. إنته بهالحالة بتتصل ببيت الطبيب البيطري اللي متعاقد معه، وبالصدفة بيكون الطبيب البيطري متزاعل مع مرتُه، بترد مرته عليك، وبتقلك: والله يا معلم أبو عمشو زوجي الدكتور فلان مو هون، راح ع الفرن منشان يشتري خبز للولاد ولما بيرجع أنا بخبره إنك اتصلت فيه.
هون تدخل الرفيق مزلقان وخلا المشكلة تتعقد من جديد. وقف، وقال: طولوا بالكم يا جماعة، كل شي بينحل بالعقل وبالهداوة. وبالعقل
مع العلم إنه زوجها الطبيب البيطري بيكون في الأوضة التانية، ولما بيجي وبيسأل مرته (مين اتصل)؟ بتقول له: هاي ماما عم تقلي إنه رفيقتها الست إلهام بدها تزوج بنتها وعم تعزمنا ع العرس! وإنته بتقعد وبتستنى ليجي الطبيب، ساعة زمان، وما بيجي، لأن الحقيرة مرته ما بلغته، وبيبلش مرض البقرات والتوار يزيد، وبيشارفوا ع الموت، وإنته بتجيب القصاب وبتقله باشر فيهن دبح. المهم بتخسر بكل بقرة وبكل تور مبلغ كبير، يا إما إنته بتوظف عندك عامل قليل وجدان، وبيجي هالعامل حتى يعمل مصارعة تيران والتيران بيضربوه بقرونهن، متلما عملوا معي، ولأنه العامل قليل وجدان (يعني مو آدمي متلي) بيشتكي عليك في المحكمة، وبياخد تقرير طبي، وبيخلوك تدفع له مبلغ كبير لقاء الضرر اللي لحق فيه، وإنته على ضربتين أو تلاتة من هالنوع على راسك بتفلس، وبتنجبر تبيع المبقرة بربع قيمتها. لكن لما إنته بتبيعها هلق، وهيي في الأوج، بتنبسط كتير، وبتاخد حقها مبلغ منيح، وبتروح بقى بتوظف هالمصاري بشي تاني، إذا بدك منفتح أنا وإنته وأحمدوني دكان، هون عندنا في الحارة دكان معروض للإيجار، الرسمال منك، وأنا وأحمدوني منشتغل وارديتين، ولَحّقْ بقى إذا بتلحق قبض مصاري. شوف خيو، أنا ما باخد منك أجرة شغلي في الدكان، إنته تعهد لي إنك تزوج أبوي شي مَرَا مستورة وأنا بشتغل عندك ببلاش.
هذه الحكاية أسعدت الحاضرين في سهرة الإمتاع والمؤانسة، وقال أبو محمد: هادا سلمون من أول يوم شغل في المكتب العقاري صار دلال عقارات عتيق!
كمال: نعم. ولما شاف سلمون إنه كلامُه أثر في أبو عمشو، مد إيده ع الدرج وطلع سندويشة وقال له: خيو، هلق إنته لا تعطيني جواب، فكر بالموضوع على مهلك. أنا بصراحة جعت وبدي آكل. إذا قررت تبيع المبقرة مر لهون بعد الساعة ستة، بيكون معلمي "طَقّ مْصَدّ" وشريكه "الملوفك" موجودين، ومنحكي في البيعة على رواق.
ضحكت أم زاهر وقالت: أكيد أبو عمشو انسطل.
كمال: بالفعل انسطل، ولما صارت الساعة ستة رجع ع المكتب، وبوقتها صارت أول مشكلة بين سلمون وأصحاب المكتب.
أبو جهاد: أيش صار؟
كمال: أبو عمشو، بعدما التقى بسلمون، راح على مكتب عقاري تاني إسمه "مكتب الاستقامة" وسأل عن المبقرة قديش بتسوى؟ قالوا له: بتسوى شي عشر ملايين، وبما أنه سلمون قال له (بتسوى مليونين) اعتبر كلامه نوع من الغش، منشان هيك أجا ع مكتب النزاهة وصار يوجه كلام سيئ لأصحاب المكتب الغشاشين.. صحاب المكتب أبو رستم وأبو سلمان ما كانوا عارفين أيش صار في غيابهم، ولما فهموا القصة صاروا يصرخوا على أبو عمشو، وقالوا له ما معناه إنه إنته غشيم، ولعدة أسباب، أولاً، ما بتعرف قديش بتسوى مبقرتك، وتانياً إنته بتعرف إنه الرفيق مزلقان (سلمون) أهبل، ومع هيك بتاخد كلامه على محمل الجد، وتالتاً، إنته ليش بدك تبيع مبقرتك؟ لا تبيعها، أصلاً إنته ما بتتقن مهنة غير مهنة تربية البقر، ورابعاً، نحن في مكتبنا منبيع بيوت ودكاكين وأراضي زيتون وما منبيع مباقر.
هون تدخل الرفيق مزلقان وخلا المشكلة تتعقد من جديد. وقف، وقال: طولوا بالكم يا جماعة، كل شي بينحل بالعقل وبالهداوة. وبالعقل.
قال أبو رستم بتهكم: وإنته من أهل العقل يا رفيق مَزْلَقان. شرف. حلها بمعرفتك لنشوف.
قال سلمون: أنا قلت للأخ أبو عمشو إنه سعر المبقرة مليونين، وأصحاب مكتب الاستقامة خبروه إنها بتسوى عشر ملايين. أنا بشوف إنه مكتبنا هون يسجل هالمبقرة بدفتره، ونروح نعرضها على مكتب الاستقامة، ومنبيعها إلهم بعشر ملايين، ومنعطيه لأبو عمشو مليونين، ومناخد نحن تمان ملايين ومنصرفها ع الملذات الشخصية. أشو رأيكم؟
وقبل ما يسمع سلمون الجواب خبط أبو عمشو الطربيزة اللي عليها كاس الشاي برجله، وهوي عم يبربر، وبيقول: قظ القرد وسافوقة الكحلي. ما بقي غير سلمون الأهبل يتضحك علينا.
وطلع من المكتب. وبقية الموجودين انفلتوا بالضحك.