02 سبتمبر 2024
أهلاً يا قَبَضَااااي
تَحَدَّثَ الأستاذ كمال في بداية السهرة، موضحاً للحاضرين أن ابن بلدنا "أبو خلدون الفاتح" رجل ظريف للغاية، تأتي ظرافتُه من كونه نصفَ مجنون، يعيش على هامش الحياة، يهتم بطعامه وشرابه، فقط، ولا يسمح لعقله أن يعمل إلا عندما تتعرض مصلحته للخطر، والدليل أنه يوم صادرت الشرطةُ المحلية دراجتَه ذاتَ العجلات الثلاث (الطرطيرة)، شَغَّلَ عقلَه على نحو سريع، وهرع باتجاه مبنى "مديرية الناحية"، وهناك ارتقى مكاناً مرتفعاً، وألقى على الجماهير الكادحة خطابة صميدعية امتدح بها مديرَ الناحية مُلصقاً به صفات ما أنزل الله بها من سلطان، إذ جعله غنياً، كريماً، متلافاً، سليلَ عائلة من الآغَوَات والبيكوات والباشوات، لهم في منطقتهم صيتٌ بأنهم يذبحون الخراف، ويُعلون القدورَ العامرة بلحم الضاني على النار، ويمدون سُفَرَهُم ليأكل منها الناسُ دون أن يدفعهم الفضول لأن يعرفوا مَنْ هم الذين يأكلون من زادهم.. وخلص إلى أن مدير الناحية، هذا الرجل الكريم ذا العين الشبعانة، يستحيل أن يُدْنِي نفسه ليصادرَ طرطيرة يمتلكها واحد فقير متعيش على باب الله الكريم مثله، ويحتفظ بها.
قال أبو ماهر: نعم. هادا الشي صار.. لاكنْ في السهرة الماضية صارتْ قصة عجيبة. كان أبو الجود بده يحكي لنا شلون تَعَرَّفْ على "أبو خلدون" في السجن.. وفاجأْنا بإنه حكى القصة تبعه، ومن خلالها عرفنا كيف دخل السجن بسبب الخلاف العائلي مع أم الجود، ودخول ابنه محمود على الخط.
قال كمال: بهالحالة مطلوب من أبو الجود إنه يكمل السيرة اللي فتحها.
قال أبو الجود: على راسي. بعدما مر عليّ كم يوم في السجن، أبو خلدون شافني قاعد في طرف القاووش، وشارد. إجا لعندي وقال لي: أهلين يا قبضااااي.. أنا ضحكت غصباً عني على كلمة "قبضاي"، أنا إنسان مكسور ومهزوم ورافع الراية البيضا قدام كل الناس، وبيقلي "قبضاي"؟ المهم، قلت له أهلين أخوي.. قال لي: لا تشيل هَمّْ يا قبضايْ.. أيش ما كانت قصتك زغيرة، وجنحة. احكي لي لشوف: كَمْ قتيل قاتلْ؟ قتيل؟ قتيلين؟ تلاتة؟ أنا انفلتت بالضحك وقلت له: وَحِّدْ الله يا خاي، أنا مو خرج قتل وضرب.. قال لي: عَدَّاك العيب يا قبضاي.. بعرفك عَ نفسي، محسوبك أبو خلدون (ومط حرف الواو في كلمة خلدووون).. هون أنا صرت إحكي ع العريض، وقلت له: تشرفنا يا أبو خلدووون، محسوبك أبو الجووودْ.. وحكيت له قصتي مع الرجل اللي من بلدة كفرتخاريم، وكيف أخدنا المصاري تبعه، وكيف اشتكى عليّ، والقاضي حكمني تلات شهور. ضحك أبو خلدون وصار يتمسخر علي وقال لي: مو قلت لك شغلتك زغيرة؟ تلات أشهر، علي الحلال هالحكم بيخجل وبينكِّسْ الراس. وفوقها قاعد لوحدك وصافن وشايل هموم الدنيا؟ أنا آخد خمسطعش سنة، وماني حاطط شي علي بالي.
قال أبو محمد: عن جد أبو خلدون كان محكوم 15 سنة؟
قال أبو الجود: والله يا أبو محمد أنا في البداية صدقته، بعدين اكتشفتْ إنه كل شي بيحكيه أبو خلدون كذب، وتأليف.. بس بصراحة؟ حكاياته كويسة وبتسلّي. المهم أنا قلت له: قلي بقى يا قبضااااي.. شلون أخدت الـ 15 سنة؟ قال لي: مشاجرة جماعية يا قبضااااي. قلت له: أي فهمت عليك، يعني إنتوا، عيلة "الفاتح"، تشاجرتوا مع عيلة تانية. صح؟ قال لي: لا، مو صح.. أنا كنت لحالي، وهني كانوا عيلة! كتيرين كتير..
قال أبو جهاد: كتيرين.. معناها ضاربينُه لأبو خلدون ضرب بدون شفقة..
قال أبو الجود: العكس هوي الصحيح يا أستاذ أبو جهاد. أبو خلدون ضربهم ضرب بدون شفقة. بحسب ما حكى لي إنه كان معه سكينة كندرجية، وكان مباشر بالرجال اللي متخانق معهم طَعْنْ، بيغزّ السكينة في خاصرة الواحد منهم، وبيفتلها فتلة زغيرة، بيوقع الرجل ع الأرض، بيستلم الخصم التاني، بيكرر معه نفس الحركة، ونفس الـ..
قال كمال موضحاً: نفس السيناريو..
قال أبو جهاد: يخرب بيتك يا أبو الجود شو بتحب الكدب، أشو هني واقفين بالرتل وكل واحد منهم عم يقرّبْ منه ويقدمْ لُه خاصرتُه وبيقلُّه (تفضل اضرب يا قبضاي؟)..
قال أبو الجود: اللي بيسمع أبو خلدون وهوي عم يحكي بيفكر إنه الخصوم بالفعل واقفين بالطابور، واللي واقفين في الخلف رافعين تيابهم عند الخاصرة وعم يقولوا له: اضروب بقى أبو خلدون، خلصنا!.. بس أبو خلدون كان عم يحكي بطريقة تانية، قال لي إنه الخصوم كانوا هايشين عليه متل عش الدبابير، بس هوي قبضاي زيادة، وكان يضربهم ويكوّمْ المُصابين ع الأرض، وتجي سيارة الإسعاف وتجمع الجرحى من وراه، وكلما تْعَبِّتْ سيارة تجي سيارة تانية.. بعدين، في نص المعركة نادى له البقال اللي في الحارة وقال له "يا أبو خلدون تلفون على شانك" فاستأذنْ من الخصوم اللي كان عم ينكل فيهم ومشي باتجاه الدكان وحكى ع التلفون، وكان اللي طالبه هوي مدير المستشفى الوطني، وبعد السلام والكلام والذي منه ترجاه المدير إنه يوقف الضرب لأن الأسرَّة الموجودة في المستشفى ما عادت تتسع للمصابين.. وأبو خلدون رجل، والرجل هوي الشجاع في الحرب، وبنفس الوقت هو اللي بيمتثل لعمليات الصلح والسلام..
قال أبو جهاد: من دون يمين اليوم أبو الجود شبعنا كدب.
قال أبو محمد: وهادا كيف دخل ع السجن بعدين؟
قال أبو الجود: بحسب ما قال لي سجنوه لأنه الناس اللي ضربهم بالسكينة بعد كم يوم في المستشفى بلشوا يموتوا وصار في رقبته ما بعرف كم قتيل..
قال أبو إبراهيم: لو كانت هاي القصة صايرة كان كل الناس سمعوا فيها.
قال أبو الجود: أكيد مو صايرة، وبحسب ما عرفت من السجناء إنه أبو خلدون محكوم شهر ونص لأنه باني جدار مخالف لأنظمة البلدية. وبالفعل هوي أخلوا سبيله وأنا كنت لسه مسجون!
قال أبو ماهر: نعم. هادا الشي صار.. لاكنْ في السهرة الماضية صارتْ قصة عجيبة. كان أبو الجود بده يحكي لنا شلون تَعَرَّفْ على "أبو خلدون" في السجن.. وفاجأْنا بإنه حكى القصة تبعه، ومن خلالها عرفنا كيف دخل السجن بسبب الخلاف العائلي مع أم الجود، ودخول ابنه محمود على الخط.
قال كمال: بهالحالة مطلوب من أبو الجود إنه يكمل السيرة اللي فتحها.
قال أبو الجود: على راسي. بعدما مر عليّ كم يوم في السجن، أبو خلدون شافني قاعد في طرف القاووش، وشارد. إجا لعندي وقال لي: أهلين يا قبضااااي.. أنا ضحكت غصباً عني على كلمة "قبضاي"، أنا إنسان مكسور ومهزوم ورافع الراية البيضا قدام كل الناس، وبيقلي "قبضاي"؟ المهم، قلت له أهلين أخوي.. قال لي: لا تشيل هَمّْ يا قبضايْ.. أيش ما كانت قصتك زغيرة، وجنحة. احكي لي لشوف: كَمْ قتيل قاتلْ؟ قتيل؟ قتيلين؟ تلاتة؟ أنا انفلتت بالضحك وقلت له: وَحِّدْ الله يا خاي، أنا مو خرج قتل وضرب.. قال لي: عَدَّاك العيب يا قبضاي.. بعرفك عَ نفسي، محسوبك أبو خلدون (ومط حرف الواو في كلمة خلدووون).. هون أنا صرت إحكي ع العريض، وقلت له: تشرفنا يا أبو خلدووون، محسوبك أبو الجووودْ.. وحكيت له قصتي مع الرجل اللي من بلدة كفرتخاريم، وكيف أخدنا المصاري تبعه، وكيف اشتكى عليّ، والقاضي حكمني تلات شهور. ضحك أبو خلدون وصار يتمسخر علي وقال لي: مو قلت لك شغلتك زغيرة؟ تلات أشهر، علي الحلال هالحكم بيخجل وبينكِّسْ الراس. وفوقها قاعد لوحدك وصافن وشايل هموم الدنيا؟ أنا آخد خمسطعش سنة، وماني حاطط شي علي بالي.
قال أبو محمد: عن جد أبو خلدون كان محكوم 15 سنة؟
قال أبو الجود: والله يا أبو محمد أنا في البداية صدقته، بعدين اكتشفتْ إنه كل شي بيحكيه أبو خلدون كذب، وتأليف.. بس بصراحة؟ حكاياته كويسة وبتسلّي. المهم أنا قلت له: قلي بقى يا قبضااااي.. شلون أخدت الـ 15 سنة؟ قال لي: مشاجرة جماعية يا قبضااااي. قلت له: أي فهمت عليك، يعني إنتوا، عيلة "الفاتح"، تشاجرتوا مع عيلة تانية. صح؟ قال لي: لا، مو صح.. أنا كنت لحالي، وهني كانوا عيلة! كتيرين كتير..
قال أبو جهاد: كتيرين.. معناها ضاربينُه لأبو خلدون ضرب بدون شفقة..
قال أبو الجود: العكس هوي الصحيح يا أستاذ أبو جهاد. أبو خلدون ضربهم ضرب بدون شفقة. بحسب ما حكى لي إنه كان معه سكينة كندرجية، وكان مباشر بالرجال اللي متخانق معهم طَعْنْ، بيغزّ السكينة في خاصرة الواحد منهم، وبيفتلها فتلة زغيرة، بيوقع الرجل ع الأرض، بيستلم الخصم التاني، بيكرر معه نفس الحركة، ونفس الـ..
قال كمال موضحاً: نفس السيناريو..
قال أبو جهاد: يخرب بيتك يا أبو الجود شو بتحب الكدب، أشو هني واقفين بالرتل وكل واحد منهم عم يقرّبْ منه ويقدمْ لُه خاصرتُه وبيقلُّه (تفضل اضرب يا قبضاي؟)..
قال أبو الجود: اللي بيسمع أبو خلدون وهوي عم يحكي بيفكر إنه الخصوم بالفعل واقفين بالطابور، واللي واقفين في الخلف رافعين تيابهم عند الخاصرة وعم يقولوا له: اضروب بقى أبو خلدون، خلصنا!.. بس أبو خلدون كان عم يحكي بطريقة تانية، قال لي إنه الخصوم كانوا هايشين عليه متل عش الدبابير، بس هوي قبضاي زيادة، وكان يضربهم ويكوّمْ المُصابين ع الأرض، وتجي سيارة الإسعاف وتجمع الجرحى من وراه، وكلما تْعَبِّتْ سيارة تجي سيارة تانية.. بعدين، في نص المعركة نادى له البقال اللي في الحارة وقال له "يا أبو خلدون تلفون على شانك" فاستأذنْ من الخصوم اللي كان عم ينكل فيهم ومشي باتجاه الدكان وحكى ع التلفون، وكان اللي طالبه هوي مدير المستشفى الوطني، وبعد السلام والكلام والذي منه ترجاه المدير إنه يوقف الضرب لأن الأسرَّة الموجودة في المستشفى ما عادت تتسع للمصابين.. وأبو خلدون رجل، والرجل هوي الشجاع في الحرب، وبنفس الوقت هو اللي بيمتثل لعمليات الصلح والسلام..
قال أبو جهاد: من دون يمين اليوم أبو الجود شبعنا كدب.
قال أبو محمد: وهادا كيف دخل ع السجن بعدين؟
قال أبو الجود: بحسب ما قال لي سجنوه لأنه الناس اللي ضربهم بالسكينة بعد كم يوم في المستشفى بلشوا يموتوا وصار في رقبته ما بعرف كم قتيل..
قال أبو إبراهيم: لو كانت هاي القصة صايرة كان كل الناس سمعوا فيها.
قال أبو الجود: أكيد مو صايرة، وبحسب ما عرفت من السجناء إنه أبو خلدون محكوم شهر ونص لأنه باني جدار مخالف لأنظمة البلدية. وبالفعل هوي أخلوا سبيله وأنا كنت لسه مسجون!