02 سبتمبر 2024
أدباء مثل عساكر الصاعقة
في يوم من الأيام الغابرة حدثني صديقي الأديب سليمان، فقال:
- نحن مجموعة من الأدباء، أدباء آخر الزمن بلا قافية، نعيش في مدينة بعيدة عن الفعاليات الأدبية والثقافية، لسنا متفرغين للأدب، ولا للعمل الوظيفي، ولا لتربية أولادنا وطق الحنك مع زوجاتنا في أوقات الفراغ.
قبل أن نكون أدباء نحن موظفون عند الحكومة، نستيقظ في الصباح الباكر ونذهب إلى الدوام في الوظيفة، وهناك لا تنتفع الحكومة منا بنصف ليرة سورية، لأننا، في الليلة الفائتة نكون قد سهرنا إلى وقت متأخر على كتابة الإبداعات التي نحاول دائماً أن نقنع أنفسنا بأنها عظيمة!.. فما إن ندخل غرفة الدوام الوظيفية ونستشعر دفئها حتى نفتح أفواهنا بتثاؤب طويل ممطوط يخرج من قاع الحلق على هيئة الصرخة التي يتدرب بها رجال الصاعقة على قتال الشـوارع عاااا.. ومن فرط التثاؤب نخاف على أفواهنا من الانشراط، ولكن ربك الرحيم، جُعلت فداءَه، يعرف ما ستكون عليه حياتنا هذه، فخلق لنا، من باب الاحتياط، أفواهاً كبيرة تتسع لمحشية الباذنجان بالعرض!
أضف إلى هذا أن تكرار التثاؤب اليومي قد أفقد العضلات المحيطة بأفواهنا مرونتها فما عاد يخشى عليها من التمزق، حتى إنني أمازح أحياناً زميلنا أبا أمجد بأن أشده من جلدة خده، خصوصاً بعدما جرد محتويات فمه من الأسنان عن بكرة أبيها، فتدهشني الآلية التي تجعلها تمتد مع يدي خارج وجهه بمسافة بعيدة، وحينما أفلتها لا تعود إلى مكانها، بل تبقى واقفة كالوتد!
وحقيقة فإن حالة التثاؤب مع إطلاق صيحة عااا.. قد تنقطع فجأة إذا دخل المدير ليتفقد الدوام، وأنا من جهتي أتحايل على الأمر بأن أتظاهر بأنني أنادي على صديقي عادل قائلاً له:
- عاااا .. دل، ناولني الإضبارة إذا سمحت.
وبمجرد ما يغادرنا المدير، ويطير النعاس، نضع غلاية القهوة على السخان الكهربائي الممنوع استعمالُه تحت طائلة المسؤولية! وتبدأ الدعوات إلى شرب فنجان قهوة تنهال على زميلتنا الجميلة العزباء فريال، نريد حضورها لأن طلتَها الغزلانية تنسينا آخر انطباع في شبكية العين لصورة (المرأة/ الزوجة) المهملة، التي قلما تتمكيج أو ترتدي ثياباً غير ثياب الشغل والتنظيف.. وعدا عن الإهمال تجد بعض الزوجات يعانين من مرض يزيد طينتهن بلة، فزوجتي أنا، مثلاً، تعاني من صداع مزمن في رأسها، وعلى الدوام (تقمط) رأسها بمرط قماشي رفيع، والطرف السائب من المرط ينزل في عينها اليسرى، وأنا لا أزعل منها لهذا السبب، وإنما أغتاظ حينما تطلب مني أن آخذها إلى الدكتورة المختصة بالعيون لتعاين عينها التي تشعر دائماً بأن فيها (وقيعة)!
المهم يا مولانا، ما إن تتصدر فريال على الكرسي، حتى يتحول أغبى واحد فينا إلى فيلسوف عبقري، وسياسي محنك، وباحث اجتماعي، ومربٍ فاضل، يحكي في كل شيء، ابتداء من آخر المستجدات السياسية، وليس انتهاء بتحرر المرأة، واللباقة الاجتماعية.
حينما وصل سليمان في حديثه إلى هذه النقطة خطر لي خاطر، فقلت له: لماذا لا يتقدم أحد منكم ويخطب يد الآنسة فريال ويتزوجها طالما أنها جميلة إلى هذه الدرجة؟
قال مندهشاً: يخرب بيتك. من أين جاءتك قلة الناموس في هذه اللحظة؟ لماذا يتزوجها أحدنا؟
قلت: لكي تقمط رأسها بالمرط، وتقع في عينها وقيعة، وتظل تفوح منها رائحة الطبيخ طيلة اليوم.. وأنتم تعودون إلى التثاؤب!
قبل أن نكون أدباء نحن موظفون عند الحكومة، نستيقظ في الصباح الباكر ونذهب إلى الدوام في الوظيفة، وهناك لا تنتفع الحكومة منا بنصف ليرة سورية، لأننا، في الليلة الفائتة نكون قد سهرنا إلى وقت متأخر على كتابة الإبداعات التي نحاول دائماً أن نقنع أنفسنا بأنها عظيمة!.. فما إن ندخل غرفة الدوام الوظيفية ونستشعر دفئها حتى نفتح أفواهنا بتثاؤب طويل ممطوط يخرج من قاع الحلق على هيئة الصرخة التي يتدرب بها رجال الصاعقة على قتال الشـوارع عاااا.. ومن فرط التثاؤب نخاف على أفواهنا من الانشراط، ولكن ربك الرحيم، جُعلت فداءَه، يعرف ما ستكون عليه حياتنا هذه، فخلق لنا، من باب الاحتياط، أفواهاً كبيرة تتسع لمحشية الباذنجان بالعرض!
أضف إلى هذا أن تكرار التثاؤب اليومي قد أفقد العضلات المحيطة بأفواهنا مرونتها فما عاد يخشى عليها من التمزق، حتى إنني أمازح أحياناً زميلنا أبا أمجد بأن أشده من جلدة خده، خصوصاً بعدما جرد محتويات فمه من الأسنان عن بكرة أبيها، فتدهشني الآلية التي تجعلها تمتد مع يدي خارج وجهه بمسافة بعيدة، وحينما أفلتها لا تعود إلى مكانها، بل تبقى واقفة كالوتد!
وحقيقة فإن حالة التثاؤب مع إطلاق صيحة عااا.. قد تنقطع فجأة إذا دخل المدير ليتفقد الدوام، وأنا من جهتي أتحايل على الأمر بأن أتظاهر بأنني أنادي على صديقي عادل قائلاً له:
- عاااا .. دل، ناولني الإضبارة إذا سمحت.
وبمجرد ما يغادرنا المدير، ويطير النعاس، نضع غلاية القهوة على السخان الكهربائي الممنوع استعمالُه تحت طائلة المسؤولية! وتبدأ الدعوات إلى شرب فنجان قهوة تنهال على زميلتنا الجميلة العزباء فريال، نريد حضورها لأن طلتَها الغزلانية تنسينا آخر انطباع في شبكية العين لصورة (المرأة/ الزوجة) المهملة، التي قلما تتمكيج أو ترتدي ثياباً غير ثياب الشغل والتنظيف.. وعدا عن الإهمال تجد بعض الزوجات يعانين من مرض يزيد طينتهن بلة، فزوجتي أنا، مثلاً، تعاني من صداع مزمن في رأسها، وعلى الدوام (تقمط) رأسها بمرط قماشي رفيع، والطرف السائب من المرط ينزل في عينها اليسرى، وأنا لا أزعل منها لهذا السبب، وإنما أغتاظ حينما تطلب مني أن آخذها إلى الدكتورة المختصة بالعيون لتعاين عينها التي تشعر دائماً بأن فيها (وقيعة)!
المهم يا مولانا، ما إن تتصدر فريال على الكرسي، حتى يتحول أغبى واحد فينا إلى فيلسوف عبقري، وسياسي محنك، وباحث اجتماعي، ومربٍ فاضل، يحكي في كل شيء، ابتداء من آخر المستجدات السياسية، وليس انتهاء بتحرر المرأة، واللباقة الاجتماعية.
حينما وصل سليمان في حديثه إلى هذه النقطة خطر لي خاطر، فقلت له: لماذا لا يتقدم أحد منكم ويخطب يد الآنسة فريال ويتزوجها طالما أنها جميلة إلى هذه الدرجة؟
قال مندهشاً: يخرب بيتك. من أين جاءتك قلة الناموس في هذه اللحظة؟ لماذا يتزوجها أحدنا؟
قلت: لكي تقمط رأسها بالمرط، وتقع في عينها وقيعة، وتظل تفوح منها رائحة الطبيخ طيلة اليوم.. وأنتم تعودون إلى التثاؤب!