02 سبتمبر 2024
أبو الجود لا يشارك بعيد الحب
حينما أتينا، في جلسة "الإمتاع والمؤانسة"، على سيرة عيد الحب؛ اتجهت الأنظار بشكل عفوي إلى صديقنا "أبو الجود". وكان أول المعترضين على هذا الاهتمام هو الخال أبو جهاد، الذي قال إن آخر شخص يحق له أن يحكي عن الحب و"عيد الحب" هو هذا الرجل المحتال أبو الجود..
ضحك أبو الجود عالياً وقال: أعجبتني الكلمة الأخيرة (المحتال). آه.. صدقوني يا جماعة أكاد أن أموت من الندم والحسرة.
ضحك أبو الجود عالياً وقال: أعجبتني الكلمة الأخيرة (المحتال). آه.. صدقوني يا جماعة أكاد أن أموت من الندم والحسرة.
قال أبو زاهر: ندم وحسرة على أيش يو خاي؟
قال أبو الجود: ندم وحسرة على أنني لم أشتغل منذ مطلع حياتي بـ الاحتيال. أتعرف يا أبو جهاد لو كنت أنا "محتال" مثلما ذكرت حضرتك أيش كان ممكن يصير؟
قال أبو جهاد باستخفاف: أشو ممكن يصير؟
قال أبو الجود: يصير أن أحتل أنا مركز الصدارة في مجتمعنا. كان عندنا واحد في البلد اسمه "سين".. أصيب بـ (لَقْوة) في فمه، أو مثلما يقول أهل بلدنا (انْجَقَمْ). ونحن اعتقدنا أن سبب "الجَقْمة" هو تعرضه لتيار هواء ساخن، ثم تيار بارد.. ولكننا عرفنا، في ما بعد، أن والده ضربه بكف على وجهه من طرف واحد، فانجقم.
قلت: كيف يعني من طرف واحد؟
قال: أنت سيد العارفين يا أبو مرداس، لو أنه ضربه كفاً من الاتجاه المعاكس لعاد فمه إلى وضعه الطبيعي. سبب هذه الكف الثقيلة أنه طلب من والده خرجية مقدارها مئتا ليرة سورية.
تتمة القصة معروفة، وهي أنه هرب من البلد (طَفَش).. وبما أنه لا يمتلك في جيبه خمس ليرات ليركب الباص ويسافر في بلاد الله الواسعة، فقد أمسك بطريق حلب ممتطياً (الموتو- رِجْل)، ظَلَّ يمشي حتى تجاوز بلدة سرمين، وهناك مر به تركتور، استوقفه وطلب منه السماح له بالركوب على التريلا دون أجرة، فقال له السائق اطلع. ولكن صاحب التركتور كان طريقه إلى مكان قريب من مركز البحوث الأميركي "الإيكاردا" فأنزله هناك، وصار سين يمشي قليلاً ويركب قليلاً حتى وصل إلى حلب بعد طلوع الروح.
قال أبو جهاد: يعني ما بتحسن تقول راح على حلب وتخلصنا؟
قال كمال: بالعكس، أبو الجود الآن يروي الحكاية بشكل أدبي رفيع المستوى.
قال أبو الجود: شكراً يا أستاذ كمال. المهم. صاحبنا "سين" تعرف في حلب إلى شلة نصابين ومحتالين و(كشتبانجية)، واشتغل معهم في الاحتيال والتشليح، حتى امتلك بعض النقود، وسافر إلى الساحل، وهناك تعرف إلى بعض الشبيحة الكبار، اختبروا مهاراته، فوجدوا أنه موهوب وصاحب سليقة عالية في الاحتيال، فضموه إلى فريقهم، وصاروا يعهدون إليه ببعض المهام الوسخة.. وبعدما أثبت جدارة عالية، أعطوه محافظة إدلب بوصفها "إقطاعية جغرافية للتشبيح"، وصار يأتي إلى مناطقنا بسيارة لا يدري أحد من أين حصل عليها، ويلتقي بالأشخاص الذين لهم مشاكل مستعصية في الدوائر الحكومية أو في القضاء، ويتعاقد معهم على حل مشكلاتهم مقابل مبلغ قد يصل إلى نصف أو ثلثي المبلغ الضائع، ثم يرجع إلى كبير الشبيحة، ويتفق معه على مساعدة الشخص في تحصيل حقه بالقوة، وبعد أن تنتهي العملية يتقاسم الشبيحة والمحتالون الغنيمة، ويكون لـ سين حصّة معلومة من كل نصبة..
قال العم أبو محمد: والله إن هذه الحكاية سحرتنا. ولكنني لم أعرف ما العلاقة بينها وبين عيد الحب؟
قال أبو الجود: لا توجد علاقة مباشرة. ولكنني أردّ على أبو جهاد الذي أطلق عليّ لقب المحتال. وأحب أن أضيف أن المحتال (سين) صار عنده أملاك لا تأكلها النيران، وعنده صديقات كثيرات، يتواصل معهن من خلال تلفونه الذي اشتراه بعشرة آلاف دولار، ويعايدهن وهن يعايدنه بـ عيد الحب، وأما أنا الذي لا أجيد الاحتيال، فـ شوفة عينك، منتظر مين يعزمني على عشاء دسم وراءه كاسة شاي أكرك عجم.
للحديث صلة
قال أبو الجود: ندم وحسرة على أنني لم أشتغل منذ مطلع حياتي بـ الاحتيال. أتعرف يا أبو جهاد لو كنت أنا "محتال" مثلما ذكرت حضرتك أيش كان ممكن يصير؟
قال أبو جهاد باستخفاف: أشو ممكن يصير؟
قال أبو الجود: يصير أن أحتل أنا مركز الصدارة في مجتمعنا. كان عندنا واحد في البلد اسمه "سين".. أصيب بـ (لَقْوة) في فمه، أو مثلما يقول أهل بلدنا (انْجَقَمْ). ونحن اعتقدنا أن سبب "الجَقْمة" هو تعرضه لتيار هواء ساخن، ثم تيار بارد.. ولكننا عرفنا، في ما بعد، أن والده ضربه بكف على وجهه من طرف واحد، فانجقم.
قلت: كيف يعني من طرف واحد؟
قال: أنت سيد العارفين يا أبو مرداس، لو أنه ضربه كفاً من الاتجاه المعاكس لعاد فمه إلى وضعه الطبيعي. سبب هذه الكف الثقيلة أنه طلب من والده خرجية مقدارها مئتا ليرة سورية.
تتمة القصة معروفة، وهي أنه هرب من البلد (طَفَش).. وبما أنه لا يمتلك في جيبه خمس ليرات ليركب الباص ويسافر في بلاد الله الواسعة، فقد أمسك بطريق حلب ممتطياً (الموتو- رِجْل)، ظَلَّ يمشي حتى تجاوز بلدة سرمين، وهناك مر به تركتور، استوقفه وطلب منه السماح له بالركوب على التريلا دون أجرة، فقال له السائق اطلع. ولكن صاحب التركتور كان طريقه إلى مكان قريب من مركز البحوث الأميركي "الإيكاردا" فأنزله هناك، وصار سين يمشي قليلاً ويركب قليلاً حتى وصل إلى حلب بعد طلوع الروح.
قال أبو جهاد: يعني ما بتحسن تقول راح على حلب وتخلصنا؟
قال كمال: بالعكس، أبو الجود الآن يروي الحكاية بشكل أدبي رفيع المستوى.
قال أبو الجود: شكراً يا أستاذ كمال. المهم. صاحبنا "سين" تعرف في حلب إلى شلة نصابين ومحتالين و(كشتبانجية)، واشتغل معهم في الاحتيال والتشليح، حتى امتلك بعض النقود، وسافر إلى الساحل، وهناك تعرف إلى بعض الشبيحة الكبار، اختبروا مهاراته، فوجدوا أنه موهوب وصاحب سليقة عالية في الاحتيال، فضموه إلى فريقهم، وصاروا يعهدون إليه ببعض المهام الوسخة.. وبعدما أثبت جدارة عالية، أعطوه محافظة إدلب بوصفها "إقطاعية جغرافية للتشبيح"، وصار يأتي إلى مناطقنا بسيارة لا يدري أحد من أين حصل عليها، ويلتقي بالأشخاص الذين لهم مشاكل مستعصية في الدوائر الحكومية أو في القضاء، ويتعاقد معهم على حل مشكلاتهم مقابل مبلغ قد يصل إلى نصف أو ثلثي المبلغ الضائع، ثم يرجع إلى كبير الشبيحة، ويتفق معه على مساعدة الشخص في تحصيل حقه بالقوة، وبعد أن تنتهي العملية يتقاسم الشبيحة والمحتالون الغنيمة، ويكون لـ سين حصّة معلومة من كل نصبة..
قال العم أبو محمد: والله إن هذه الحكاية سحرتنا. ولكنني لم أعرف ما العلاقة بينها وبين عيد الحب؟
قال أبو الجود: لا توجد علاقة مباشرة. ولكنني أردّ على أبو جهاد الذي أطلق عليّ لقب المحتال. وأحب أن أضيف أن المحتال (سين) صار عنده أملاك لا تأكلها النيران، وعنده صديقات كثيرات، يتواصل معهن من خلال تلفونه الذي اشتراه بعشرة آلاف دولار، ويعايدهن وهن يعايدنه بـ عيد الحب، وأما أنا الذي لا أجيد الاحتيال، فـ شوفة عينك، منتظر مين يعزمني على عشاء دسم وراءه كاسة شاي أكرك عجم.
للحديث صلة