مجاري لبنان توأم مياهه

03 يونيو 2015
يعاني الشاطئ اللبناني من المياه الآسنة والنفايات (حسين بيضون)
+ الخط -
ترتفع نسبة التلوث في بحر لبنان، ولا إشارات إلى حلّ إنقاذي لما تبقى من الثروة المائية رغم ما فيها من تحفيز للسياحة. يصل التلوث إلى حدّ يتساءل فيه اللبنانيون إن كان بحرهم ما زال بحراً أم بات أقرب للمجاري أو المياه الآسنة.

يشير "مركز علوم البحار" البيئي إلى أنّ التلوث على الشواطئ اللبنانية ازداد بشكل تصاعدي من دون توقف. وهو ما يؤدي إلى أمراض جلدية لرواد الشواطئ، وفيروسات أخرى.

ويقول مدير المركز، غابي خلف، لـ"العربي الجديد": "حالة التلوث في بحرنا لم تتغير منذ سنوات. ويعيش مليونان ونصف مليون لبناني على الساحل مما يعني احتمالاً كبيراً في تلوث البحر من المياه الآسنة، التي تصب مباشرة من المنازل إلى الشاطئ. وبذلك، أصيب الشاطئ بنوعين من التلوث، الأول هو التلوث الكيميائي الخطير، ونسبته ليست كبيرة، والثاني التلوث العضوي البكتريولوجي وهو أقلّ خطراً، غير أنه منتشر على طول الشاطئ اللبناني حيث لا تتواجد محطات تكرير المياه الآسنة والمبتذلة بالشكل الكافي". ويتابع خلف أنّ "المصانع الكثيرة على الساحل لا تملك كذلك محطات تكرير خاصة بها، ومنها سلعاتا وشكا والذوق، وكلها ترسل نفايات صناعية سامة وخطيرة مباشرة إلى البحر".

يضيف: "تبيّن من الدراسات التي قمنا بها حول المدن الكبيرة مثل صور وصيدا (جنوب) وبيروت وأنطلياس (وسط) وطرابلس (شمال)، أنّ التلوث موجود بكثرة، وما زال على حاله، والسبب وجود المجاري التي تصبّ مباشرة في مياه البحر. وعلى سبيل المثال، لدينا في لبنان محطة تكرير واحدة عاملة، هي محطة الغدير بالقرب من مطار بيروت الدولي، تكرر يومياً المياه الآسنة لـ 250 ألف نسمة، وترسلها الى البحر على بعد كيلومترَيْن وعلى عمق 60 متراً. لكن ّهناك 80 % من المياه الآسنة العائدة للمنازل والمصانع تذهب الى الأنهر ومنها إلى البحر، أو إلى البحر بشكل مباشر".

ويتابع: "في طرابلس محطة تكرير، لكنّ المسؤولين لم يزوّدوها بشبكة تمديدات بعد، وبالتالي هي لا تعمل حالياً. وفي طبرجا وجبيل (جبل لبنان)، وغيرهما، تتواجد محطات للتكرير لم ينتهِ العمل فيها". ويتابع: "الرملة البيضاء (جنوب بيروت) أكبر المسابح الشعبية في لبنان، غير أنّ مياهها ملوثة وبدرجة عالية. وفيها 70 ألف جرثومة لكل 100 ملليلتر. وحتى وإن تمّ تركيب محطة تكرير، فستبقى كمية الجراثيم أعلى من المعدل العام".

من جهته، يوضح الخبير في المياه، نبيل عماشة، لـ"العربي الجديد"، أنّ "وضع البحر على المحك، نظراً لكثرة الملوثات فيه. والمشكلة الأكبر هي في حجة تمويل محطات التكرير غير المتوفر، فلو كانت هناك نية للبت في هذه المسألة، هناك الكثير من دول الشرق الوسط مستعدة لتمويل معالجة الصرف الصحي". ويتابع: "المشكلة لدينا هي في سوء الإدارة المائية في ظل غياب محطات التكرير الكافية. فمحطة التكرير في الغدير بالكاد تعمل، ولا تستوفي الشروط البيئية، بل ترمي كل ملوثاتها في البحر مباشرة".

يشير عماشة إلى أنّ "المطلوب وضع استراتيجية في الإدارة الصحيحة للموارد المائية. وهذه مسؤولية كبيرة تقع على وزارة الطاقة والمياه خصوصاً. فلبنان موقّع على اتفاقية برشلونة لحماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث. وكما تمّ إنقاذ نهر الليطاني (أكبر أنهار لبنان) وأوجدوا له التمويل الفوري، يمكنهم أيضاً إنقاذ البحر من التلوث المزمن".

بدوره، يقول الخبير البيئي، ولسون رزق: "للأسف نستطيع أن نقول إنّ نسبة التلوث وصلت في البحر إلى 100% نظراً لكثرة النفايات ومياه المجاري. فالحل يكمن في الإقفال الفوري لمكبات النفايات التي ترمى في البحر الذي بات يختنق بالسموم".

في المقابل، يقول وزير البيئة، محمد المشنوق، لـ"العربي الجديد"، إنّ حالة البحر سيئة. ويضيف: "المشكلة الأكبر أنّ البلديات توجّه المياه الآسنة لبلداتها إلى الأنهار لتصب مباشرة في البحر بدورها، من دون أيّة معالجة. ورغم توقيعنا على اتفاقية حماية البحر المتوسط، فإنّنا نزيد التلوث، من دون أن يكون لدينا أيّ علاج سريع وفعال".

إقرأ أيضاً: نفط لبنان.. خوفٌ على البيئة البحريّة
دلالات