كردستان العراق يستنجد بالمؤسسات الدولية لمواجهة أزمته الاقتصادية

09 مارس 2016
الإصلاحات تؤثر سلباً على أسواق كردستان العراق (فرانس برس)
+ الخط -
استنجد إقليم كردستان العراق بالمؤسسات الدولية، لتخفيف حدة أزمته الاقتصادية، ورغم أن الدعم المالي المتوقع من المؤسسات الدولية سيساهم في حل بعض المشكلات التي تواجه الحكومة، إلا أن محللين حذروا من الآثار السلبية على سكان الإقليم، جراء الالتزام بإصلاحات تقشفية.
ودعا قادة إقليم كردستان العراق وفداً ضم ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وسفراء سبع من الدول الصناعية الكبرى في العالم، زار أربيل، أول أمس، إلى التحرك لدعم الإقليم لتجاوز أزمته بأقل الخسائر.
ومقابل تلقي الدعم الدولي، وعدت حكومة الإقليم ممثلي المؤسسات الدولية بتطبيق خطة إصلاحات شاملة في جميع القطاعات الحكومية، حتى تتمكن من خلق توازن جيد بين النفقات والعائدات الحكومية، وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، حسب تعبيرها.
وفي هذا الإطار، قال عضو اللجنة المالية والاقتصاد في برلمان إقليم كردستان العراق، شيركو جودت، لـ"العربي الجديد"، إن "إجراءات التقشف التي أعلنتها حكومة الإقليم وبدأت بتطبيقها نتيجة الأزمة الاقتصادية الحالية، تركت تأثيرات كبيرة على المواطنين، لأن إجراءات تخفيض الرواتب تحت عنوان ادخار إجباري لنسبة من رواتب الموظفين قلّلت الدخول بشكل كبير".
وتابع: "في المقابل فإن الإجراءات التي تتضمن تخفيض أسعار السلع والخدمات الاساسية، التي يطلق عليها سلة المستهلك، لم تكن بتلك النسبة التي توازي تخفيض الرواتب".
ودفع تراجع عائدات الإقليم من النفط من 800 مليون دولار إلى نحو النصف، بسبب تهاوي الأسعار، الحكومة إلى تخفيض نسبة تتراوح بين 15 و75% من الرواتب تبعاً لمقدار الراتب، ما أثار استياءً كبيراً في صفوف الموظفين الذين قام قسم منهم بالإضراب عن العمل، إلا أن الحكومة وعدت بإعادة الخصومات إلى الرواتب في حال ارتفاع أسعار النفط مجدداً.
وتحتاج الحكومة إلى 730 مليون دولار شهرياً لدفع رواتب 1.4 مليون موظف ومتقاعد في الإقليم.
وحسب بيانات رسمية، فإن الحكومة مدينة حالياً بمبلغ 2.5 مليارَي دولار للموظفين كرواتب لأربعة أشهر من العام الماضي.
وتعمل الإدارات المحلية للمحافظات في الإقليم على تطبيق إجراءات تخفيض لأسعار السلع وإيجار العقارات السكنية، بهدف مساعدة السكان على مواجهة سياسة التقشف، لكن نسبة الاستقطاع من الرواتب هي أعلى مقارنة بتخفيض الأسعار، حسب محللين.

وتحدد حكومة الإقليم أسباب الأزمة الاقتصادية، التي يمر بها الإقليم في أربعة عوامل رئيسية هي، قطع حصة الإقليم من الموازنة من قبل حكومة بغداد، وقدوم أكثر من 1.8 مليون نازح عراقي ولاجئ سوري إلى الإقليم، والحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وهبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وكان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، يان كوبيش، قد قال، أول من أمس، إن "المجتمع الدولي يقدّر التضحيات التي قدمها الإقليم ودوره في الحرب ضد الإرهاب وإيواءه لعدد كبير من النازحين".
وأضاف أن "المجتمع الدولي على دراية بالوضع المالي الصعب، الذي يمر به الإقليم، وهو على استعداد لمساعدة كردستان العراق في ما يتعلق بمسألة الإصلاحات والخروج من هذه الأزمة المالية".
بدوره، قال رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، "الإقليم يمر بوضع مالي صعب للغاية، وإن انخفاض أسعار النفط على المستوى العالمي والأزمة المالية التي يمر بها الإقليم قد أثقلت كاهله، وهو لا يتلقى المساعدات المطلوبة في موضوعي الحرب ضد داعش وإغاثة النازحين".
ويحذر قادة إقليم كردستان منذ فترة من التداعيات الخطيرة لاستمرار الأزمة الاقتصادية الخانقة، التي يمر بها منذ عام 2014، والتي تفاقمت بعد التراجع الكبير لأسعار النفط، الذي يعتمد الإقليم عليه لتأمين 95% من ميزانيته.
وحتى عمليات تصدير النفط، والتي تجري من خلال خط أنابيب يربط حقول النفط في الإقليم بميناء جيهان في تركيا، باتت تواجه عقبات بسبب العمليات العسكرية التي تجري في مناطق جنوب شرقي تركيا، والتي تسببت بتفجير أنبوب نفط الإقليم ثلاث مرات من أغسطس/ آب من العام الماضي.
وقالت وزارة الثروات في إقليم كردستان، إن عائداتها من بيع النفط تراجعت بشكل حاد خلال شهر فبراير/شباط الماضي، لأن تفجير أنبوب النفط في داخل تركيا، والذي قام به مسلحو حزب العمال الكردستاني أوقف التصدير خلال 13 يوماً من النصف الثاني من الشهر.
وأشارت الوزارة إلى أنها صدرت عشرة ملايين برميل خلال شهر فبراير/شباط، مقابل 18 مليون برميل في شهر يناير/كانون الثاني، مضيفاً أن الايرادات بلغت 303 ملايين دولار، ذهب منها نحو 71 مليوناً لمنتجي النفط.
ويعد تفشي الفساد الإداري والمالي، والإنفاق الكبير على رواتب الموظفين، الذي تتخلله عمليات فساد، ووجود الكثير من الملفات الخلافية العالقة بين إقليم كردستان وحكومة بغداد، أسباباً مهمة في تردد الدول والشركات الكبرى في تقديم قروض وتسهيلات لإقليم كردستان العراق.
وكان البرزاني قد طرح في 10 فبراير/شباط الماضي، حزمتين من القرارات للحد من الفساد وإجراء إصلاحات، واحدة خاصة بحزبه الحاكم، وثانية لحكومة الإقليم، وقد تم تشكيل لجنتين لمتابعة قراراته بهذا الخصوص.
واعترف البرزاني بأن إجراء الإصلاحات لن يتحقق سوى بمواجهة الفساد، قائلاً: "اذا أردنا تحقيق الإصلاحات يجب أولاً مواجهة الفساد واتخاذ أقصى الإجراءات مع الأشخاص، الذين جمعوا ثرواتهم بطرق غير قانونية وغير مشروعة".



اقرأ أيضا: وعود دولية بدعم إقليم كردستان العراق لإجراء إصلاحات
المساهمون