يعيش إقليم كردستان العراق قلقاً غير مسبوق بسبب المخاوف المتصاعدة من احتمال تعرض الإقليم لحصار خانق تفرضه عليه السلطات العراقية في بغداد، وإيران وتركيا المجاورة في حال الاستفتاء بـ"نعم" على الانفصال عن العراق.
وأكد تجار في محافظة أربيل عاصمة إقليم كردستان ارتفاع أسعار المواد الغذائية هناك بنسبة تتراوح بين 5% و10% خلال اليومين الماضيين بسبب خشية السكان المحليين هناك من نشوب أزمة اقتصادية قد تطول بعد إجراء الاستفتاء.
وأوضح التجار المحليون لـ"العربي الجديد" أن حركة نقل البضائع مع إيران وتركيا تراجعت كثيراً بسبب أن أغلب سائقي الشاحنات هم من الأتراك والإيرانيين وتم توجيههم على ما يبدو بترك خط التجارة مع كردستان منذ يومين، كما أن هناك إجراءات مشددة فرضتها تركيا وإيران عند المعابر، منذ مساء يوم الأحد، أدت إلى ارتباك في انسيابية وصول البضائع للإقليم
وأشاروا إلى أن الأسعار قد تستمر بالارتفاع وقد تصل إلى مستويات خطيرة في حال استمرت الأزمة مع الحكومة الاتحادية ببغداد، معبرين عن تخوفهم من اندلاع مواجهات مسلحة في كركوك والمناطق المتنازع عليها.
ويعتمد إقليم كردستان بنحو 75% من البضائع والحاجيات اليومية على الاستيراد من تركيا وإيران خاصة في ما يتعلق بالسلع الاستهلاكية اليومية، كما تعتمد حكومة الإقليم على البنزين ومشتقات الوقود الأخرى التي تستوردها من تركيا، وهو ما دفع المواطنين لتخزين كميات كبيرة من مشتقات الوقود.
وعبّر سامر الجاف، وهو سائق سيارة أجرة من محافظة أربيل عن تذمره من ارتفاع أسعار البنزين من 450 ديناراً عراقياً إلى 750 ديناراً خلال الـ 48 ساعة الماضية، مؤكداً لـ "العربي الجديد" أن الزيادة تقترب من الضعف، وهذا الأمر له انعكاسات على الوضع الاقتصادي في إقليم كردستان المهدد بحصار جديد تفرضه عليه حكومة بغداد.
وأشار إلى اضطراره كما أغلب سكان أربيل إلى الاضطرار للذهاب إلى الأسواق وشراء كميات كبيرة من المواد الغذائية والطبية من أجل خزنها للمرحلة المقبلة، موضحاً أن تجار المدينة رفعوا أسعار البضائع بذريعة إغلاق الحدود مع تركيا وإيران.
وقالت وسائل إعلام تركية، اليوم الإثنين، إن تركيا أغلقت منفذ الخابور مع إقليم كردستان، قبل أن يؤكد وزير الجمارك التركي، بولنت توفنكجي، أن السلطات التركية فرضت قيوداً مشددة على المنفذ الذي لا يزال مفتوحاً.
وسبق للسلطات الإيرانية أن أعلنت إغلاق حدودها مع إقليم كردستان وغلق مجالها الجوي أمام طائرات الإقليم، ومنع طائراتها من الهبوط في مطاري أربيل والسليمانية.
وفي هذا السياق، حذر الخبير الاقتصادي العراقي، عبد المعموري، من تبعات الاستفتاء على إقليم كردستان، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن إغلاق المنافذ الإيرانية والتركية سيكون له أثار سلبية كبيرة على الإقليم.
وأشار المعموري إلى أن إقليم كردستان سيخسر مبالغ مالية طائلة جراء إغلاق المنافذ مع دول الجوار والحصار الذي سيتعرض له، موضحاً أنه أصبح من شبه المؤكد أن تمضي الحكومة والبرلمان الاتحاديان في بغداد بإجراءات أكثر قسوة تجاه الإقليم كقطع التخصيصات الكردية من الموازنة التي تتجاوز 17 مليار دولار.
فضلاً عن زيادة نسبة البطالة الكردية من خلال تسريح آلاف الموظفين الأكراد الذين يعملون في بغداد وخصوصاً في وزارة الخارجية وإرغامهم على الانتقال إلى إقليم كردستان.
ودعت عضوة البرلمان العراقي، عالية نصيف، عن اللجنة الاقتصادية، اليوم الإثنين، إلى تحويل حصة إقليم كردستان من الموازنة والبالغة 17% إلى المحافظات الغربية المحررة من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي من أجل إعمارها.
وشددت على ضرورة إلغاء جميع التعاقدات مع الشركات الكردية، وإنهاء خدمات جميع الموظفين الأكراد، مضيفة في بيان "من البديهي أنه ستكون هناك أضرار على سكان الإقليم".
يشار إلى أن إقليم كردستان يعاني من أزمات اقتصادية سابقة بسبب امتناع الحكومة العراقية عن دفع رواتب موظفي الإقليم ومخصصات قوات "البِشمركة" الكردية.