يتوقع خبراء طاقة غربيون، أن تتزايد عمليات سرقة وتهريب النفط الفنزويلي في أعقاب تشديد إدارة الرئيس دونالد ترامب الحظر النفطي على شركة النفط الفنزويلية. وتصدر فنزويلا نفطاً تقدر قيمته بحوالى 11 مليار دولار سنوياً للمصافي الأميركية.
وتدور حالياً نزاعات قانونية بين شركات الخدمات في موانئ بعض دول الكاريبي وبين شركة النفط الفنزويلية التي باتت عاجزة عن تسديد فواتير خدمات السفن الحاملة لنفطها من عمليات المناولة والصيانة والتفريغ.
وحسب وكالة بلومبيرغ، فإن السفينة أكارو التي تحمل شحنة نفط فنزويلي حجمها 400 ألف برميل محجوزة رهينة منذ شهر في ميناء جزيرة كوراكاو الهولندية في البحر الكاريبي، بسبب عدم تسديد الشركة النفطية الفنزويلية مستحقات شركات الخدمات النفطية والمناولة والصيانة.
ومن المتوقع أن يفتح تشديد الحظر الأميركي وعدم وجود عملات صعبة لدى الحكومة الفنزويلية، الباب على مصراعيه أمام احتجاز الشحنات النفطية الفنزويلية ومصادرتها. وبالتالي يزيد من عمليات تهريب النفط الفنزويلي وسرقته وربما انتعاش السوق السوداء في تجارة الخام وتربّح مافيا الحروب.
ويقول محام يتعامل في قضية السفينة "أكارو" المحتجزة لصالح شركات خدمات في جزيرة كوراكاو، أن احتجاز السفينة مستمر، وأن الحل يكمن في بيع الشحنة النفطية والحصول على قيمة المستحقات المالية.
وكانت شركة كونوكوفيليبس الأميركية قد كسبت قضية في جزيرة كورا كاو، ضد الشركة الفنزويلية وحصلت على ملياري دولار تعويضاً. ولكن ذلك تم بعد أن تم احتجاز وتفتيش 12 سفينة تحمل النفط الفنزويلي.
وتستخدم شركة النفط الفنزويلية جزر كاراكاو وبونا أير وأوربا، وهي جزر صغيرة في الكاريبي لتخزين النفط قبل القيام بتصديره بعد توفر مشترين، في ظل ضغوط الحظر والمضايقات الأميركية على نظام الرئيس نيكولاس مادورو.
وتتفادى معظم الدول في الوقت الحالي شراء الشحنات وتنصح شركاتها بعدم شرائه حتى لا تقع تحت طائلة "الحظر الثانوي الأميركي" الذي يحرمها من السوق الأميركي، وذلك عدا الصين وروسيا.
وهذا من شأنه أن يرفع من تجارة السوق السوداء في النفط الفنزويلي، في وقت يجد فيه الرئيس الفنزويلي مادورو نفسه مضطراً لبيع النفط بأي ثمن، ولمن يدفع، من دون اعتبار لنوعية المشتري. وحتى الآن تذهب كميات من النفط الفنزويلي لكل من الصين وروسيا، ولكن حتى الشركات الصينية تشتكي من رداءة نوعية الفنزويلي وتقلل مشترياتها منه.
وعلى صعيد الإنتاج توقعت محللة الطاقة بشركة "وود ماكينزي"، آن لويس هيتل، أن ينخفض إنتاج النفط الفنزويلي بسبب الحظر الأميركي بنسبة 18% إلى 900 ألف برميل يومياً. وذلك من مستواه الحالي الذي قدرته بحوالى 1.1 مليون برميل.
ولكن المتوقع أن تدفع اختناقات التخزين وفي ظل عدم وجود مشترين لنفط فنزويلا إلى خفض إنتاج النفط وربما بأكثر من هذه الكمية. وذلك ببساطة لأن كلفة نقل وتخزين النفط في موانئ الجزر الكاريبية تضغط على فنزويلا في وقت غرقت فيه بالاستدانة وبيع النفط بالآجل للشركات الصينية.
من جانبها، ترى محللة بشركة "وود ماك" الأميركية، إيلينا نيكولوفا، أن بعض الشركات ربما تغض الطرف عن الحظر وتشتري النفط الفنزويلي من أطراف ثالثة خارج فنزويلا. وذلك ببساطة لأنه سيكون رخيصاً جداً مقارنة بالأسعار المعروضة في السوق.
ولكن وسط هذه الأزمات السياسية والمالية ليس من المعروف بعد كيف ستساعد بكين وموسكو حكومة الرئيس مادورو على البقاء في السلطة، مقاوماً الضغوط الأميركية التي ربما تتحول إلى ضغوط عسكرية، خاصة بعد ما كشف مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، عن خطط لإرسال خمسة آلاف جندي لكولومبيا.
وتشير التصريحات الصينية التي صدرت في بكين يوم الجمعة، إلى أن الحكومة الصينية لن تتخلى عن الرئيس مادورو، على الرغم من اعتبار واشنطن وعدد من حلفائها في أوروبا وأميركا اللاتينية أنه بات رئيساً غير شرعياً.
ووفقاً للتصريحات التي صدرت عن وزارة الخارجية الصينية ونقلتها وكالة الأنباء الصينية الرسمية، فإن الوزارة ذكرت "أن العلاقات مع الحكومة الفنزويلية ستظل طبيعية وأن التعاون الحالي سيستمر مع الحكومة الشرعية في كراكاس، ولن تقوضه التطورات الأخيرة والأحداث الجارية".
وحسب تقرير لقناة "فوكس نيوز" الأميركية، فإن لدى كل من الصين وروسيا مصالح في الأزمة الفنزويلية. وقال المحلل السياسي جوزيف هيومير، للقناة الأميركية، إن بكين وموسكو تستخدمان أزمة فنزويلا لتحدي النفوذ الأميركي في أميركا الجنوبية.
وتعتقد القناة الأميركية ان لدى الصين ديوناً تقدر بحوالى 50 مليار دولار على حكومة مادورو، منحتها إياها مقابل صفقات نفط مستقبلية، وأن إجمالي حجم الديون الروسية والصينية على كراكاس تقدر بحوالى 120 مليار دولاراً، ولكن هذا الرقم مبالغ فيه وفقاً لما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير عن الديون الصينية على فنزويلا.
وقدرت الصحيفة المالية الأميركية حجم الديون التي لم تسدد بحوالى 20 مليار دولار. وحسب التقرير صدرت فنزويلا نفطاً بقيمة 17.5 مليار دولار إلى الشركات الصينية خلال الأعوام الماضية. وبالتالي فقد سددت فنزويلاً جزءاً كبيراً من ديونها، عبر المقايضة النفطية.