عقوبات وديون وفساد... هكذا انهارت شركة النفط الفنزويلية

09 فبراير 2019
خسائر كبيرة منيت بها شركة النفط (فرانس برس)
+ الخط -

كانت الشركة الوطنية الفنزويلية للنفط (بيديفيسا) في الماضي واحدة من أكبر خمس مجموعات نفطية كبرى في العالم، لكنها تعاني من مشاكل كبيرة اليوم وصلت إلى حد الانهيار، بسبب تراجع إنتاجها وديونها الهائلة والعقوبات الأميركية.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، عيّن الرئيس نيكولاس مادورو على رأس شركة "بتروليوس دي فنزويلا اس آ" (بيديفيسا) الجنرال مانويل كويفيدو، بهدف زيادة الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً. لكن بدلاً من أن يتحقق ذلك، تراجع الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً.

وعند وصول هوغو تشافيز (حكم من 1999 إلى 2013) إلى السلطة كانت الشركة تنتج 3,1 ملايين برميل يومياً، مقابل 1,1 مليون حالياً، وهو أدنى مستوى منذ ثلاثين عاماً، حسب منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).

وتؤكد الحكومة أن هذا الانخفاض ناجم عن العقوبات الأميركية التي تم تعزيزها مؤخراً. وأعلنت واشنطن في 28 يناير/ كانون الثاني تجميد سبعة مليارات دولار من موجودات الشركة ومنعتها من عقد صفقات مع كيانات أميركية.


وكانت الولايات المتحدة أول من اعترف بخوان غوايدو رئيساً بالوكالة لفنزويلا وتأمل في تعزيز الضغط على رئيس الدولة نيكولاس مادورو الذي تعارض إعادة انتخابه، على غرار المعارضة وجزء من الأسرة الدولية.

وشكّل تراجع أسعار النفط منعطفاً. فقد انخفض سعر البرميل بعدما سجل مستويات قياسية، ما أثر على مصدر إيرادات غير مسبوق سمح لفنزويلا بالحصول على 750 مليار دولار من عائدات تصدير النفط خلال عقد واحد.

لكن الخبراء ينسبون صعوبات الشركة التي كانت، بحسب مكتب التحليل "بتروليوم انتليجنس ويكلي"، تتقدم في الماضي على المجموعتين العملاقتين "شل" وشيفرون"، إلى تمويل "بيديفيسا" جزئياً للعجز في الميزانية الذي يشكل عشرين في المائة من إجمالي الناتج الداخلي.

وقال خوسيه غونزاليس مدير الشركة الاستشارية "جي سي جي أدفايزر" إن "بيديفيسا في حالة إفلاس. لماذا؟ لأنها تحولت إلى مصرف".

في إطار المراقبة الصارمة لصرف العملات منذ 2003، التي تم تخفيفها منذ 2018، اضطرت الشركة أيضاً لبيع عملات أجنبية إلى البنك المركزي بأسعار منخفضة جدا.

وهذا ما أدى إلى الحد من الاستثمارات لصيانة البنى التحتية، بينما ارتفع عدد العاملين من أربعين ألفاً إلى 150 ألفاً. وأدت تغطية الشركة العامة للعجز إلى ارتفاع سريع في دينها. وتشكل سندات الشركة ثلث الدين الخارجي لفنزويلا الذي يقدر بـ150 مليار دولار.

من جهة أخرى، منعت عقوبات أميركية فرضت في أغسطس/ آب 2017 وتمنع شراء سندات جديدة تصدر عن الحكومة الفنزويلية و"بيديفيسا" من إعادة التفاوض حول الدين. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، أعلنت وكالات عديدة للتصنيف الائتماني فنزويلا وشركة النفط في حالة تخلف جزئي عن السداد.

وقال الخبير الاقتصادي خيسوس كاسيك لوكالة فرانس برس إنه "من المستحيل العودة إلى مستوى الإنتاج" الماضي في ظل هذه الظروف. من جهته، يرى المحلل خوسيه تورو هاردي أن فنزويلا تحتاج إلى اقتراض ثلاثين مليار دولار، وخصوصاً "لتغيير في سياستها" لزيادة إنتاجها بمقدار 400 ألف برميل يومياً خلال عام واحد.

والفساد عامل أساسي آخر لانهيار الإنتاج الذي يمول 96 في المائة من الميزانية الوطنية. ويعتبر تقرير أصدره البرلمان، المؤسسة الوحيدة التي تسيطر عليها المعارضة في فنزويلا، أن عمليات اختلاس كلفت "بيديفيسا" خلال مرحلة ازدهارها (2004-2014) 11 مليار دولار، أي ما يتجاوز قيمة الاحتياطات الحالية للبلاد (8,6 مليارات دولار).

وأدّى تجميد أسعار الوقود شبه المجانية إلى تفاقم النزيف. ولم يدخل قرار رفع الأسعار الذي أعلنه مادورو في أغسطس/ آب حيز التنفيذ بعد.

وفي فنزويلا، يمكن بسعر نصف كيلوغرام من اللحوم شراء مئات الليترات من الوقود. وبما أنها غير قادرة على تلبية الطلب الداخلي، يتوجب على فنزويلا استيراد الوقود من الولايات المتحدة، إلى جانب النفط الخفيف الذي يتم تكريره في الولايات المتحدة بالاعتماد على خامها الثقيل.

وما يزيد من ضعف فنزويلا أمام العقوبات الأميركية أن ثمانين في المائة من السيولة التي تأتي من مبيعات النفط تأتي من العلاقة التجارية مع الولايات المتحدة.

(فرانس برس)

المساهمون