هل يصبح النفط الفنزويلي رهان واشنطن على كسب صراع الطاقة؟

10 فبراير 2019
ترامب يواصل الضغط على "أوبك" (Getty)
+ الخط -
ربما يصبح النفط الفنزويلي هو حصان الرهان في صراع الطاقة المقبل بين موسكو وواشنطن، كما أنه سيكون كذلك أداة للرئيس الأميركي دونالد ترامب في كسب معركته الانتخابية المقبلة للفوز بدورة رئاسية ثانية.

وحسب تقرير لنشرة "أويل برايس" أمس الأحد، فإن خطة ترامب لإزاحة الرئيس الفنزويلي الحالي نيكولاس مادورو عن السلطة وتنصيب زعيم المعارضة خوان غوايدو، بدأت تكسب تعاطفاً عالمياً واسعاً وحتى في داخل أروقة صنع القرار في بكين، التي تخوض حالياً حرباً تجارية مع واشنطن، ولا تتورع عن التضحية بقطعة شطرنج صغيرة مثل "مادورو" في هذا الصراع الضخم.

وتعمل واشنطن على تمويل المعارضة الفنزويلية، من خلال أموال شركة النفط الفنزويلية المحتجزة في البنوك الأميركية، كما تضيّق الخناق المالي على مادورو عبر منعه من التعامل مع النظام المصرفي العالمي.

وقال محلل الطاقة الأميركي توم لونغو في تحليل نشره على موقعه، إن استراتيجية ترامب تعمل على الهيمنة على استراتيجية الطاقة العالمية عبر عدة محاور، من بينها محاصرة الغاز الروسي في أوروبا، وحصول الشركات الأميركية على عقود إنتاج النفط الفنزويلي، وهو ما قالته أيضاً خبيرة الطاقة الأميركية آمي جافي، في تحليل نشره مؤخراً موقع مجلس العلاقات الخارجية.

ويستهدف ترامب إطالة أمد دورة سعر النفط الرخيص، كهدف استراتيجي في خوض معركة الانتخابات المقبلة، لأن السعر الرخيص سيساهم في إطالة دورة انتعاش سوق المال الأميركية، وخصوصاً أن ترامب نجح في الضغط على رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي"، جيروم باول، بعدم رفع سعر الفائدة. وأسهم قرار تثبيت الفائدة الأميركية في وقف نزف "وول ستريت" إلى حد ما والتوقعات بحدوث انهيار مالي.

وحسب محللين، فإنه يبدو أن إسقاط مادورو، يمثل رأس الحربة في تحقيق هدف ترامب، إذ إنه سيمنح شركات الطاقة الأميركية فرصة التمدد في بلد غني بالاحتياطات النفطية، ومن ثم سيتمكن من كسب ودّ ودعم رجال الطاقة في الانتخابات المقبلة، كما أن سقوط مادورو سيعني زيادة إنتاج النفط الفنزويلي عن مستوياته المتدنية الحالية، التي لا تتجاوز 1.1 مليون برميل يومياً.

وعلى الرغم من أن تطوير الحقول الجديدة سيأخذ وقتاً، إلا أن التقنيات العالية التي تملكها الشركات الأميركية سترفع إنتاج فنزويلا من الحقول قيد الإنتاج وربما خلال شهور. ومن شأن هذا العامل أن يزيد من إمدادات النفط العالمية في سوق النفط العالمي.

تبعاً لذلك، تجبر هذه التطورات المضاربين على خفض أسعار النفط الخام، فيكون ترامب قد ضرب عصفورين بحجر واحد، إذ إنه سيكسب رضا شركات الطاقة الأميركية ويضمن دعمها لحملته الانتخابية المقبلة، ومن جهة ثانية عودة النفط الفنزويلي إلى السوق العالمي وبكميات أكبر وهو ما سيخفض أسعار النفط، ويوفر تبعاً لذلك طاقة رخيصة للصناعات الأميركية، تساعد الاقتصاد على النموّ.
أما على صعيد صراع الطاقة العالمي بين واشنطن وروسيا، فإن إزاحة مادورو وتنصيب زعيم المعارضة غوايدو، فإنهما سيمنحان ترامب سيطرة شبه كاملة على إمدادات النفط العالمية، فمن جهة سيضع احتياطات تقارب 300 مليار برميل تحت يد الشركات الأميركية، لتضاف إلى احتياطات النفط الصخري.

ومن جهة أخرى، سيتمكن من الضغط أكثر على "أوبك" التي يبدو أنها تميل في الوقت الراهن تجاه موسكو، للاحتماء من "تغريدات ترامب" المهينة، ومن ثم ستسمح له بالضغط أكثر على موسكو. 
ويرى خبراء روس، أن واشنطن مستاءة في العامين الماضيين من التقارب النفطي بين السعودية وروسيا، وخاصة الفكرة التي طرحتها الرياض أخيراً لإنشاء "أوبك جديدة"، تكون موسكو عضواً دائماً فيها. وهي فكرة تحويل الاتفاقية غير الرسمية لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك+"، التي تضم أعضاءً من "أوبك" وعشرة بلدان منتجة للنفط غير أعضاء في المنظمة بقيادة روسيا، وأثبتت فعاليتها في رفع أسعار النفط في الصيف الماضي، إلى شراكة نفطية دائمة.

وكانت صحيفة "وول ستريت" قد أعلنت الأسبوع الماضي، أنه سيتم في فيينا، في النصف الثاني من فبراير/ شباط الجاري، مناقشة اقتراح إنشاء "أوبك+"، وربما يتم اتخاذ القرار النهائي في إبريل/ نيسان في حال موافقة روسيا عليه، إذ إن موسكو، حسب ما ذكره المحلل النفطي الروسي سيرغي مانكوف لصحيفة "إكسبرت أونلاين" يوم السبت، لا ترغب في خفض إنتاجها بشكل كبير، خلافاً للسعودية التي تواجه ضغوطاً مالية ووضعت ميزانيتها على أساس 84 دولاراً للبرميل، كما أنها تتخوف من تبني الكونغرس لقانون مكافحة الاحتكار ورفع الأسعار ضمن قانون يطلق عليه "نوبك"، وهو قانون قديم مخصص لمعاقبة أوبك.

إذاً، فإن آمال ترامب بإطالة أمد دورة النفط الرخيص بدأت تتحقق رويداً رويداً. وعلى الرغم من قرار خفض "أوبك" والمنتجين خارجها للإنتاج النفطي بنحو 1.2 مليون برميل يومياً، فإن أسعار النفط ظلت تراوح مكانها. كما أن العديد من محللي النفط توقعوا الأسبوع الماضي، أن ترتفع أسعار النفط مع تشديد الحصار المالي والنفطي على فنزويلا، لكن هذا العامل فشل في تحسين أسعار النفط.

ويلاحظ محللون، أن التوقعات المتشائمة لنموّ الاقتصاد العالمي والضبابية التي تحيط بمستقبل بريكست، ومستقبل حل النزاع التجاري بين واشنطن وبكين، يمكن أن تلقي بظلالها على توقعات نموّ الاقتصاد العالمي، ويعد النموّ الاقتصادي من أهم عوامل نموّ الطلب العالمي على النفط، الذي يقدر حالياً بنحو 100 مليون برميل يومياً.

يذكر أن شركة النفط الفنزويلية تواجه حالياً مشكلة معقدة في الإنتاج، إذ أوقفت مشروعها المشترك مع شركتي إيكنور وتوتال لإنتاج النفط الثقيل، بسبب نقص النفتا اللازمة لتخفيف الإنتاج بعدما منعت العقوبات الموردين الأميركيين لهذا الوقود من تصديره إلى فنزويلا.
المساهمون