منذ عام 1997، بدأت السعودية في استضافة مئات الحجاج غير القادرين على توفير النفقات. وفي حج هذا العام، أمر العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز باستضافة 1400 حاج من أكثر من 70 دولة حول العالم بهدف أداء فريضة الحج على نفقته الخاصة. كما أمر باستضافة 1000 حاج فلسطيني. وهي، بحسب وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح آل الشيخ، "بادرة سنوية يسعى من خلالها الملك إلى مساعدة الحجاج تقديراً منه للمكانة الشريفة التي وضعه الله عليها، وهي خدمة بيت الله الحرام ورعاية قاصديه".
استفاد من هذا البرنامج منذ بدئه وحتى موسم الحج الحالي ما يقرب من 24 ألف مسلم ومسلمة من مختلف دول العالم. وتشمل مسارات الاستضافة جميع مناحي تأدية الشعيرة، بما في ذلك زيارة مسجد النبي محمد رسول الله، عليه الصلاة والسلام، وبأفضل الخدمات.
الخدمة الأكبر التي تفتخر بها السعودية، هي تشغيل قطار المشاعر. فمنذ عقود ومشكلة حركة المرور كانت تمثل عبئاً وضغطاً على الحكومة كلما حلّ موسم الحج وتجمع ملايين الحجاج في البقاع المقدسة. وقبل افتتاح القطار، كانت عملية مرور أفواج الحجيج طويلة وصعبة، وكانت الرحلة من عرفات إلى مزدلفة تستغرق أكثر من عشر ساعات، لكن بعد تشغيله لم تعد تستغرق أكثر من 7 دقائق.
لم يكن بناء السكة الحديدية على قمم الجبال مهمة سهلة. ويعتبر قطار المشاعر المقدسة أكبر مشروع في طاقة النقل، والأكثر تعقيداً في أساليب التشغيل. كما أنّه الأقصر مدة في التنفيذ، فلم يستغرق تنفيذه أكثر من 16 شهراً. كذلك صاحبت تنفيذه أعلى درجات الحرارة على العمال. ومع ذلك، فقد استحق كل الجهد والـ1.8 مليار دولار التي أنفقت عليه، لأنه صنع الفارق منذ بدء تشغيله عام 2010 وذلك بنقله الحجيج بأمان وسرعة.
في يوم عرفة من كلّ عام يبدأ تشغيل القطار، لينقل الحجيج بين المشاعر الثلاثة المقدسة، منى وعرفة ومزدلفة. وينقل خلال 5 أيام فقط أكثر من 1.8 مليون حاج. لكنّ حمولته ستتضاعف بدءاً من العام المقبل لتتجاوز 5 ملايين حاج، في الفترة القصيرة نفسها.
وعن ذلك، يقول المهندس فهد أبو طربوش: "بدأ تنفيذ المشروع الذي يربط مكة بالمشاعر المقدسة عام 2009، وافتتح رسمياً خلال موسم حج 2010. ويبلغ طول الخط الحديدي 18.2 كيلومتراً، ويمر بوادي منى، ومنطقة مزدلفة، وجبل عرفات من الغرب إلى الشرق. وتضم كلّ منطقة ثلاث محطات، ليصل إجمالي عدد المحطات إلى تسع". ويضيف: "المشروع مكوّن من 12 عربة بطاقة نقل تبلغ 72 ألف راكب في كلّ ساعة في الاتجاه الواحد، ما يجعله الأكبر في طاقة النقل في العالم. كذلك يعمل بنظام القيادة الأوتوماتيكية من دون سائق". ويعتبر أبو طربوش المشروع "أبرز الإنجازات في جميع مشاريع البناء للحج، كونه أزال همّاً كبيراً عن كاهل الحجيج".
بدورها، تخصص السلطات 11 فرقة من الدفاع المدني لمراقبة القطار والحفاظ على سلامته وسلامة ركابه. وقبل يوم عرفة تبدأ الجهات المشرفة على القطار في إصدار كتيّبات إرشادية بأكثر من 18 لغة. ويشغّل ويشرف على القطار أكثر من 1200 موظف، أكثر من 97 في المائة منهم من الموظفين المؤقتين. وينتدَب المشرفون على قطار الحرمين ومشغلو محطتي القطار في الرياض والدمام خلال موسم الحج كلّ عام.
وبالترافق مع الأزمات العربية الراهنة، سعت السعودية إلى تقديم تسهيلات خاصة للحجاج السوريين واليمنيين والليبيين بسبب ظروف الحرب والتهجير القاسية في البلدان الثلاثة. ومن خلال تنسيق سعودي ـ تركي، سمحت السلطات التركية للحجاج السوريين بالمغادرة من أراضيها إلى الأراضي المقدسة. وبدأت هذه التحضيرات قبل أشهر بدءاً من تسجيل 12 ألف سوري يرغبون في الحج، من الداخل السوري ومن دول الجوار، وأبرزها لبنان والأردن. كما جرى تسهيل دخول نحو 19 ألفاً و400 يمني منحوا تصريحاً بالحج. وشملت التسهيلات الخاصة بالحجاج اليمنيين توفير وجبات وأماكن مبيت، وقيوداً أخف. ووفّرت السعودية حافلات ضخمة لنقل اليمنيين من منفذ الوديعة في جنوب نجران (جنوب غرب المملكة العربية السعودية على الحدود مع اليمن)، إلى مكة المكرمة.
تبقى الإشارة إلى أنّ السعودية تقدم من خلال وزارة الحج هدايا لكلّ الحجاج باختلاف جنسياتهم ومناطق وصولهم. وتتمثل الهدايا في نسخ من القرآن الكريم، بالإضافة إلى كتيبات خاصة بالمناسك. كما توفر السلطات أكثر من 30 مليون عبوة من الماء البارد، وكميات غير محدودة من مياه زمزم المقدسة.
اقرأ أيضاً: الصحة السعودية: ضربات الشمس أخطر ما يواجه الحجاج
